من اخطر القضايا على الإطلاق تلك التي لها علاقة بحياة الناس خاصة فيما يتعلق بمصدر أرزاقهم الذي يجنونه مما يقومون به من اعمال مقابل الأجر، وإذا لا سمح الله حدث اي شيء لذلك التمويل الشهري فإن النتائج لا شك سيكون اثرها ليس على العامل وأسرته فقط وإنما كل المجتمع فأي شيء يمكن ان تكون حدته اقل الا فقد الناس لمثل هذه المصادر. وبالتالي فإن الايام القادمة ان لم نسرع في حلها ستشهد مطالبات جماعية لمعظم القوى العاملة في القطاع الخاص ولا يستبعد ان يؤدي ذلك إلى اثار تنعكس سلبا على المجتمع من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والأمنية فضلا عن تدخل المنظمات الدولية المعنية بحقوق العمال. فلا يمكن في حينها ان تلام جهة بعينها على ما سيترتب على ذلك من احداث خاصة تلك المعنية بتنظيم سوق العمل التي دائماً ما تكون في خط المواجهة الاول أمام أي اخفاق تتسبب فيه جهات اخرى نتيجة عدم إدراكها لتبعات اي تأخير في أي اجراء مستحق أو واجب التنفيذ والسداد وفاءً لالتزام وثقته اتفاقيات وعقود عمل بينها وبين منشآت اسند إليها القيام بمشاريع لها علاقة بالبنية الاساسية وتوفير المزيد من المرافق الخدمية.
هناك العشرات من آلاف العمال في منشآت وشركات القطاع الخاص التي أسند إليها تنفيذ مشاريع حكومية مضى على بعضهم شهور تجاوزت نصف العام لم يتسلموا رواتبهم والسبب في ذلك ان الجهة المعنية لم تقم بسداد الدفعات المستحقة لهم، بعضهم حسب الروايات تصرف ولجأ إلى البنوك للاقتراض والوفاء بالتزامات اجور العاملين لديه درءا لأي خطر يمكن ان يحدث والبعض الآخر أبقى الحال على ما هو عليه من اجل ان يستخدمه ورقة للمفاوضة في الحصول على مستحقاته، فلو شركة بها اكثر من ٢٥ الف عامل اضربوا عن العمل وخرجوا إلى الشوارع بحجة عدم حصولهم على رواتبهم الشهرية توقعوا ماذا سيحدث؟ وماذا سوف يبذل من جهد لتدارك ذلك؟ أليس تلك كارثه يمكن ان تحل على البلد لا سمح الله؟ فلماذا لا يكون لدى الماليين استشعار بالجانب الأمني إلى جانب حرصهم المالي؟ ، فضلا عن المصداقية مع الشركات العالمية من خارج السلطنة التي لا تزال تطالب بمستحقات لها عن تنفيذ مشاريع مختلفة.
وإذا كنا مقبلين على سنوات عصيبة حسب آراء العديد من المحللين الاقتصاديين نتيجة أزمة النفط العالمية وتراجع الأسعار إلى الحد الذي اثر وسيؤثر سلبا خلال المرحلة القادمة على اقتصادات الدول التي يمثل بالنسبة لها الدخل الاول ، ولكي لا تدخل أزمة اخرى تزيد من حجم المعاناة وتقلب الموازين وتستهلك المزيد من أدوات المعالجة فإن الإسراع في دفع مستحقات الشركات العاملة في المشاريع الحكومية خاصة في قطاع المقاولات والتي تصل اعداد القوى العاملة فيه الى اكثر من ٨٠٠ الف عامل، اصبح مطلبا أمنيا قبل كل شيء ويؤمن استقرارا لقطاعات خدمية ستبقى الحكومة بحاجة ماسة إليها للاستمرار على الأقل في تنفيذ المشاريع الضرورية التي لها علاقة بالصحة والتعليم وحفظ الأمن وفي مقدمة ذلك البحث عن بدائل عاجلة تحافظ على المستوى المعيشي الذي وصل إليه المجتمع وما تحقق من منجزات وطنية عبر مسيرة التنمية الشاملة على مدى اكثر من أربعة عقود خيرة.
لقد كان خلال فترات سابقة تظهر بين الحين والآخر حالات من التوقف عن العمل بحجة تأخر صرف الاجور وتحاول الجهات الحكومية المعنية حلها من خلال الجلوس مع طرفي الانتاج العاملين وصاحب العمل، الا ان ما هو قادم في رأي الكثيرين ان لم يقض على اسبابه فلن تنفع معه تلك المعالجات وبالتالي لابد من الإسراع في اداء تلك الالتزامات المالية المؤدية الى الوفاء بحقوق العاملين لمساعدتهم في تأمين ما تحتاجه اسرهم من مقومات أساسية وضرورية وما سوف يعكسه ذلك من استقرار للعامل والمجتمع في نفس الوقت.

طالب بن سيف الضباري
أمين سر جمعية الصحفيين العمانية