[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/suodalharthy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سعود بن علي الحارثي[/author]
” لقد أظهرت المناقشات الواسعة وردات الفعل على الجهود والمبادرات التوعوية والحلقات والحوارات التثقيفية المبذولة من الجهات المختصة والمؤسسات الاعلامية لإنجاح انتخابات الفترة الثامنة لمجلس الشورى ومواصلة حث المواطنين وتشجيعهم على الادلاء بأصواتهم وممارسة دورهم في اختيار ممثليهم في مجلس الشورى من منطلق أن صوت المواطن أمانة ومسئولية , (أظهرت) عزوف الكثيرين عن التصويت ومطالبتهم للآخرين بمقاطعة الانتخابات...”
ــــــــــــــــــــــــــــــ

تاسعا : تحديات تواجه مسيرة الشورى في فترته الثامنة القادمة
على ضوء ما تضمنته سلسلة المقالات السابقة من محاور, تتبعت بشيء من التفصيل الممارسة الشوروية عبر التاريخ الاسلامي على وجه العموم وفي عمان خاصة, ودور وأهمية السلطة التشريعية والرقابية (البرلمان) في الأنظمة الديمقراطية, وفلسفة الشورى في فكر جلالة السلطان ـ حفظه الله ـ ومكانتها ضمن مؤسسات الدولة, والمراحل الرئيسية التي مرت بها مسيرة الشورى في السلطنة والإشكالات التي رافقتها .. وعلى ما توفر من حصيلة المتابعة للمناقشات والحوارات المجتمعية في وسائل التواصل وفي ( ندوات ملتقى الشورى بالمحافظات ) التي تهدف إلى تعزيز الوعي المجتمعي, وما تتضمنه مقالات عدد من الكتاب والتقارير الصحفية حول أداء وصلاحيات مجلس الشورى في فتراته السابقة, هذا فضلا عن المقاطع والصور والرسومات الكاريكاتيرية المصاحبة للفعاليات والبرامج والمراحل والجهود والأعمال الانتخابية التي تشهدها محافظات وولايات السلطنة .. نستطيع أن نستخلص جملة من التحديات التي ستواجه عمل مجلس الشورى وقيام أعضائه القادمين بممارسة صلاحياته والتي تتطلب منهم العمل على التغلب عليها وتجاوزها ما أمكنهم ذلك من خلال : توليد وتقديم الأفكار والرؤى القيمة لتعزيز الدور البرلماني, تقييم وتطوير الأنظمة والآليات التي يمارسها المجلس لتفعيل صلاحياته والقيام بمسئولياته, الضغط باتجاه قيام الحكومة بالتفاعل الإيجابي الكامل مع المجلس لتنفيذ صلاحياته, المطالبة بالمزيد من الصلاحيات متى ما تولدت له القناعة أن الخلل والتحديات التي تواجه عمله مرتبطة بضعف الصلاحيات، الاستفادة من تجارب وخبرات البرلمانات العالمية في الصلاحيات والممارسة ومسؤوليات الأعضاء في تطوير البرلمان, تعزيز دور الأمانة العامة ممثلة في الكفاءات الفنية .. ويمكن أن نوجز التحديات التي ستواجه المجلس في فترته الثامنة في النقاط التالية:
ثقة المجتمع المهزوزة في أداء ودور مجلس الشورى, وعزوف شريحة واسعة من المواطنين عن القيام بدورها في انتخاب ممثليها في المجلس: لقد أظهرت المناقشات الواسعة وردات الفعل على الجهود والمبادرات التوعوية والحلقات والحوارات التثقيفية المبذولة من الجهات المختصة والمؤسسات الاعلامية لإنجاح انتخابات الفترة الثامنة لمجلس الشورى ومواصلة حث المواطنين وتشجيعهم على الادلاء بأصواتهم وممارسة دورهم في اختيار ممثليهم في مجلس الشورى من منطلق أن صوت المواطن أمانة ومسئولية , (أظهرت) عزوف الكثيرين عن التصويت ومطالبتهم للآخرين بمقاطعة الانتخابات من منطلق أن صلاحيات المجلس لا تلبي طموحات المجتمع ولا تفي بتطلعات المواطن , ولا يزيد مجلس الشورى عن كونه (مؤسسة استشارية لا تضيف شيئا للمواطن ) , ولم يقم أعضاؤه بواجبهم المناط بهم في تفعيل وتعزيز الصلاحيات ولم يستشعر المجتمع أهمية الدور الذي يمثله مجلس الشورى بل وطالب البعض ب(إلغائه ) من منطلق أنه يكلف موازنة الدولة الكثير من المال الذي يفترض أن ( بوجه لما فيه مصلحة المواطن). وسوف يمثل هذا الوضع تحديا كبيرا أمام المجلس وسيفرض على أعضائه القيام بمسئوليات أكبر وبالكثير من العمل الجاد والمخلص لتفعيل العمل البرلماني وتعزيز ثقة المجتمع بالشورى وتحقيق تطلعاته نحو برلمان عماني يقوم بأدواره التشريعية والرقابية بشكل مرضي.
ضعف كفاءة وخبرة بعض الأعضاء: من المبكر الحديث عن هذا التحدي والتعاطي معه إلا بعد الإعلان عن النتائج وممارسة المجلس لأعماله في فترته الثامنة ومراقبة وتقييم الأداء , ولكنه ومما لا شك فيه بأن كفاءة العضو وخبراته ومؤهلاته العلمية وقدراته على تحمله لمسئولياته البرلمانية وتقديره للأمور وتقييمه ووعيه بظروف المرحلة وتحدياتها وتمكنه من ادارة الحوار تعد واحدة من أهم الأسباب لنجاح وتطور مجلس الشورى وقيامه بأدواره التشريعية والرقابية وتمثيله المشرف لعمان في الفعاليات البرلمانية في الخارج, ويمثل ضعف النسبة الأكبر من الأعضاء تحديا خطيرا يضعف من أداء ودور المجلس, وهو تحد بمقدور المواطن أن يعالجه من خلال ممارسة دوره الانتخابي ونجاحه في اختيار الأكفأ والأفضل ممثلا لولايته في مجلس الشورى.
صلاحيات المجلس: ما زالت صلاحيات المجلس في نظر شريحة واسعة من المواطنين دون المستوى المطلوب المحقق للتطلعات والمعزز لدور المجلس في الحياة العامة , وفي التأثير على السياسات والتوجهات الحكومية, وما زال دوره ضعيفا وفقا لرؤية هؤلاء المواطنين في اتخاذ القرار وفي تأصيل الدور الرقابي والمحاسبي الذي يطالب به المجتمع المتابع والمقيم لهذه الصلاحيات والناقد لها من زاوية أن سياسة التدرج قد أخذت أمدها, وأنه آن الأوان لأن تعطى لمؤسسة الشورى صلاحيات برلمانية تشريعية ورقابية كاملة, ويقع على عاتق المجلس في فترته الثامنة اقناع مختلف الأطراف أن مسيرة الشورى قد نضجت وبأن المجلس بأعضائه الحاليين قادر على ممارسة هذا الدور الوطني.
قضايا وطنية شائكة وملفات حساسة تنتظر المجلس في فترته الثامنة: تحتاج إلى المزيد من الجهد والخبرة والكفاءة والرؤية التقدمية, دراسة وتحليلا وبحثا وتوليدا للأفكار والرؤى القيمة ومعالجة برلمانية تمكن المجلس من تحقيق انجازات مرضية حولها, كقضية الباحثين عن عمل, تطوير قطاع التعليم, تعظيم العوائد المالية المحصلة من المصادر والقطاعات الاقتصادية المختلفة وتعزيز مصادر الدخل في ظل تراجع أسعار النفط, ترسيخ دور المحاسبة والتشريع البرلماني ... إلخ وهي تمثل عنصر اختبار حقيقي لنجاح المجلس وتعزيز دوره التشريعي وتعزيز ثقة المجتمع بأدائه.
الأطراف الفاعلة في مسيرة الشورى: ترتبط الممارسة البرلمانية وتحقيق الغايات الخاصة بتفعيل وتطوير صلاحيات وآليات وأعمال وأداء مجلس الشورى بمجموعة من الأطراف تتفاعل وتلتقي وتساهم في المسيرة الشوروية تطورا ونموا أو تراجعا واخفاقا, وهي:
ـ المجتمع: من حيث قدرته على اجتياز الاختبار وتجاوبه مع الجهود التوعوية ومساهمته في اختيار الأفضل والأكفأ لعضوية الشورى وفي مراقبة وتقييم أداء المجلس وفي مستوى وعيه بالدور البرلماني وصلاحياته ومهامه ضمن مؤسسات الدولة, والتمييز بينه وبين دور واختصاصات مجالس البلدية والتعامل معه وفقا لتلك الفوارق ... إلخ
ـ مجلس الدولة: الذي يشكل مع مجلس الشورى (برلمان عمان), من حيث التنسيق والتفاعل والتعاون لتعزيز دور المؤسسة البرلمانية, والادراك بمسئوليات مجلس الشورى باعتباره ممثلا للمجتمع وأعضائه منتخبون من قبل المواطن, وهو ما يلقي عليه أعباء وضغوطا ومهاما أكثر جسامة ومتابعة ودراسة لموضوعات أكبر يضعها المجتمع أمام ممثليه. الحكومة أو (السلطة التنفيذية): من حيث مدى تفاعلها وجديتها وتجاوبها السريع مع توصيات وأعمال وملاحظات مجلس الشورى والوسائل والأدوات الرقابية, وطلباته المتواصلة باستضافة المسئولين والحصول على المعلومات والبيانات التي تساعده على القيام بدوره البرلماني التشريعي والرقابي وحقه في تلقي جميع مشروعات القوانين والاتفاقيات الاقتصادية والاجتماعية والخطط الخمسية والموازنات العامة وتقرير جهاز الرقابة المالي والاداري ... باعتبار أن جميع ذلك جزء أصيل من صلاحياته ومسؤولياته , وهي علاقة يفترض أن تقوم على التوازن وعلى معيار وهدي النصوص القانونية المنظمة لصلاحيات ومهام المجلس وآليات عمله , وعلى تحقيق المصالح العامة للوطن والمواطن وعدم التفريط في صلاحيات المجلس ومسئولياته ودوره البرلماني ضمن مؤسسات الدولة والوعي بظروف المرحلة وتحدياتها والسير قدما نحو ترسيخ القيم البرلمانية وثقافة العمل المؤسسي الذي يطالب به المجتمع .
هذه التحديات الكبيرة التي تطرق لها المقال بإيجاز , تصاحبها تحديات أخرى عديدة تتعلق برئاسة المجلس المنتخبة ومدى وعيها بالتحديات المشار اليها واستقلاليتها في اتخاذ القرار وفي رسم سياسات وملامح العمل البرلماني بعيدا عن ضغط العضو ومطالباته وتوجهاته ومصالحه الشخصية إلا ما يأتي ضمن قرارات واجماع المجلس . وعي الأعضاء كذلك بمسئولياتهم البرلمانية وما تواجهها من تحديات وعونهم ومساندتهم لرئاسة المجلس ومساهمتهم بالرؤى والأفكار وأوراق العمل في الارتقاء بالعمل البرلماني . كفاءة الأمانة العامة وقدرات عناصرها الفنية للقيام بمسئولياتهم في تقديم وتحليل المعلومات وخدمة العمل البرلماني ومساعدة الأعضاء في القيام بمهام عملهم .
نتمنى بحق أن ينجح المجلس في التغلب على هذه التحديات وأن يتمكن من تجاوزها . وأن يقدم انجازات تحوز على رضا وثقة المجتمع , وتتجاوب معها السلطة التنفيذية .