تأتي كلمة السلطنة أمام الدورة الـ70 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي ألقاها أمس معالي يوسف بن علوي بن عبدالله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية لتعيد التأكيد على الثوابت الراسخة للدبلوماسية العمانية المستندة على اعتماد السلام والحوار مبدأ ثابتا لحل المشكلات التي تواجه البشرية واستنادا على ذلك وجهت السلطنة رسائل تنويه وتحذير من المخاطر المترتبة على المتغيرات على الصعيدين الإقليمي والدولية.
فقد أكدت السلطنة على أنه ومنذ بزوغ فجر النهضة المباركة بقيادة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ فإن الحوار هو السبيل الأنسب لتسوية الخلافات بالطرق السلمية بدلاً من المواجهات والنزاعات كونه القاعدة الطبيعية للتعامل مع كافة القضايا الخلافية وانطلاقا من رسالة السلطنة وجهودها المتواصلة لإرساء الأمن والسلام العالمي.
وانطلاقا من رسالتها وواجباتها الإنسانية تواكب السلطنة المتغيرات الإقليمية والدولية لترحب بإحدى نتائج نهج الحوار الذي نزع فتيل أزمة هددت الأمن العالمي لأعوام متعددة والمتمثلة في الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني ومجموعة (5+1).
كما دعت السلطنة إلى انتهاج نفس المبدأ لحل الأزمة اليمنية .. ففي ظل تجاذبات هذا الملف تدق السلطنة ناقوس خطر غفل العديدون عنه إذ حذرت من استخدام العديد من التنظيمات الإرهابية المدرجة على قوائم الأمم المتحدة اليمن كقاعدة لها مستغلة للأوضاع هناك الأمر الذي يشكل خطراً مباشراً على أمن واستقرار المنطقة وكذلك الحال في الأزمة السورية التي طال أمدها وخلفت العديد من النازحين واللاجئين، كما وضع الإرهاب موطئ قدم له هناك.
كما حرصت السلطنة في هذا المحفل الدولي على إعادة التذكير بالقضية الفلسطينية التي على مركزيتها وكونها مفتاح حل لأزمات متعددة فإنها توارت خلف العديد من التطورات الأخرى لتعيد السلطنة التأكيد على مأساة الشعب الفلسطيني وتطلعه لنيل حقوقه المشروعة، وتجدد الدعوة إلى العودة إلى طاولة المفاوضات وصولا إلى حل الدولتين.
ولأن الاقتصاد هو عصب الحياة والداعم الرئيسي للسلام والاستقرار توجه السلطنة رسالتها إلى العالم بأن يضع قضايا الاقتصاد والتجارة والبيئة في صدارة المواضيع الملحة الواجب معالجتها، وفي مقدمتها التجارة الدولية للطاقة خاصة مع الاضطرابات التي تشهدها أسواق النفط والتي تلقي بانعكاساتها على الوضع الاقتصادي العالمي.
إن السلطنة في كلمتها أمام الأمم المتحدة وإن أعادت التأكيد على رسالتها من أجل السلام وإرساء مبدأ حل النزاعات بالحوار والطرق السلمية فقد وضعت أيضا العالم أمام مكاشفة للتحديات التي تهدد أمنه واستقراره والتي لا سبيل لمواجهتها إلا بشراكة حقيقية تضع نصب عينيها المصير المشترك بين أعضاء المجموعة الدولية.

المحرر