كشف تقرير الاتحاد الخليجي للبتروكيماويات والكيماويات (جيبكا) الصادر مؤخرا عن العديد من التحديات التي واجهت قطاع البتروكيماويات الخليجي خلال العام المنصرم. فبالرغم من أن الايرادات وصلت إلى 88 مليار دولار أميركي خلال العام 2014، إلا أنها انخفضت عن مستوى العام 2013 حيث بلغت 89.4 مليار دولار، وكان الانخفاض سيكون أكبر ولكن تراجع الاسعار شجع الصادرات.
ومن بين العوامل التي تأثر بها قطاع البتروكيماويات الخليجي هي انخفاض أسعار النفط وتباطؤ الاقتصاد الصيني والبيئة غير الصحية للاقتصاد العالمي. كما تأثر أيضا بخروج دول الخليج من قائمة التجارة التفضيلية الذي يعني وقف تمتع صادرات البتروكيماويات الخليجية إلى الأسواق الأوروبية بأي معاملة تفضيلية من حيث الرسوم والضرائب.
وكما ذكرنا في مقالات سابقة، فإن هذا القرار يتجاهل كلية أن الصناعات الخليجية ما زالت تعتمد على دعم حكومي لتتمكن من المنافسة وتحقيق أرباح تمكنها من الوقوف على قدميها فما زالت هذه الصناعات تعتمد على خطوط إنتاج وتقنية مستوردة وعمالة أجنبية وبعض مدخلات الإنتاج المستوردة أيضا والكثير من الجوانب التي تدخل بالعملية الإنتاجية والنقل والتسويق كلها ذات تكلفة عالية ولم تصل بكفاءتها الإنتاجية لمرحلة متقدمة من التنافسية بالإضافة لعناصر الدعم الحكومي المحلي المعروفة.
كما أن عمر الصناعة الخليجية ما زال قصيرا فأقدم الشركات لم تتجاوز بعمرها خمسة عقود وغالبيتها في ربيع العمر ما بين عشرين إلى ثلاثين عاماً وتعد أسواق أوروبا الأولى لدول الخليج بينما تحتل الأسواق الخليجية المرتبة الخامسة لدول الاتحاد الأوروبي. كما أن تصدير النفط ومشتقاته يشكل قرابة ثمانين بالمائة من حجم الصادرات الخليجية لأوروبا بينما تتنوع السلع الأوروبية التي تصدر للخليج بين المعدات والآلات والأدوية والسلع الغذائية والأجهزة الكهربائية والعديد من السلع وهذا التنوع يعني أن فائدة الأوروبيين أكبر إذ تستفيد مجمل القطاعات الصناعية من أسواق الخليج بخلاف دول الخليج إذ تتركز الفائدة بقطاع النفط والغاز ومشتقاتهما الصناعية.
واليوم باتت تتضح بصورة متزايدة تأثيرات هذا القرار على قطاع البتروكيماويات الخليجية كما كشفت عنها بيانات جيبكا، وعلى دول المجلس التحرك للتصدي لتداعيات هذا القرار خاصة انه مبني على على حسابات خاطئة وهي نصيب الفرد من الدخل القومي الذي يضع دول الخليجي ضمن البلدان المرتفعة الدخل، بينما في الحقيقة أن هذا المقياس ينطوي على خلطاً واضح بين موارد دول الخليج وحسابات دخل الفرد المرتفعة نتيجة ارتفاع عوائد النفط بينما موارد الصناعة الخليجية ما زالت محدودة وأن مبيعات شركتين أو ثلاث من شركات أوروبا الكبرى تفوق كل إيرادات الشركات الخليجية مجتمعة.
وعلى دول المجلس استثمار حاجة البلدان الأوروبية للأسواق الخليجية لصادراتها، كما أن الأموال الخليجية لا تزال هدفا للمستثمرين الأوروبيين وحتى للسندات الحكومية الأوروبية وتستثمر دول الخليج مبالغ ضخمة بأوروبا بينما الاستثمارات الأوروبية تبقى محدودة خليجيا وتستفيد شركاتهم من العقود الإنشائية التي تطلقها دول الخليج سنويا إذ يلعب ذلك دورا مهما في نشاط تلك الشركات. على دول الخليج أن تستثمر كل ذلك كأوراق ضغط على الدول الأوروبية للتراجع عن القرار وبنفس الوقت البحث مواصلة تنويع أسواق الصادرات نحو دول آسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية.

د.حسن العالي