في العقود الأربعة الماضية، تحولت سلطنة عمان إلى بلد متوسط الدخل، واحتلت المركز الأول في مجالي الصحة والتعليم بين 130 بلدا شملها مسح لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تقريره عن التنمية البشرية. وصحيح أن السلطنة لا تزال تعتمد بصورة كبيرة على النفط إلا أنها تبذل جهودا كبيرة للحافظ على وتطوير صناعاتها وأنشطتها التقليدية.
حول هذا الموضوع، يقول تقرير للبنك الدولي إن الحكومة العمانية تلتزم بإحداث تغيير في إدارة قطاع مصائد الأسماك، وهو من القطاعات التقليدية. وقد تجدد الوعي بأهمية هذا القطاع لمستقبل عمان، وكذلك بأن مصائد الأسماك يمكن أن تتحوّل مع حسن الإدارة إلى مصدر عطاء متجدد، كما يمكن أن تسهم في تحقيق الأمن الغذائي للمواطنين، حيث يعيش كثير من الصيادين حاليا في قرى صغيرة ويعمل معظم أفراد الأسر إما صائدي أسماك بزوارق بدون محركات أو مساعدين لمثل هؤلاء الصيادين.
وقد بدأت الحكومة العمانية عملية إصلاح لقطاع المصائد، وطلبت من البنك الدولي المساعدة في تصميم خطة لتعزيز موارد الرزق المستدامة وتحقيق الرخاء للقرى القائمة على الصيد. وتريد الحكومة تحسين كل عنصر في سلسلة القيمة الصناعية من جمع الأسماك وتعبئتها إلى اللوجستيات والتسويق. وقد ساعد البنك في إرساء الأساس لتنشيط القطاع فقدم خبراته الفنية وتقديم الممارسات الجيدة العالمية وأشرك الأطراف المعنية في وضع رؤية مشتركة لتجديد المصائد.
وتم تتويج هذا الجهد الذي استمر عامين بوضع رؤية الحكومة العمانية لمصائد الأسماك والزراعة المائية 2040: الوصول إلى قطاع مصائد مربح على مستوى عالمي مستدام بيئيا يسهم إسهاما صافيا في الاقتصاد العماني. وتأمل عمان في أن تحقق ذلك عبر أخذ كافة الآراء من جميع الأطراف المعنية بعين الإعتبار. وكانت خبرة البنك الدولي في التوفيق مابين الآراء المختلفة بين صانعي القرار وجميع الأطراف المعنية وتوجيه المناقشات بأسلوب موضوعي بما يتفق مع خصوصية عمان عامل مهم في دعم هذه الرؤية.
كما يساعد البنك الدولي أيضا في إعداد مشروع استثماري تجريبي في مجالي رخويات أذن البحر (الصفيلح) والحبار وفقا لأفضل الممارسات الدولية. ومن المقرر تعزيز المخزون من أذن البحر عبر تحديث أنشطة الاستزراع وتحسين الامتثال البيئي في هذه المنشآت. وسيتم التوسع في تسليم إدارة هذا المخزون السمكي الكبير إلى قرى الصيادين الذين سيحصلون على مساندة من هيئات علمية واستشارية حكومية.
وسيسعى البنك لمساندة المؤسسات الجديدة التي تتعامل مع الصيادين وغيرهم من الأطراف الرئيسية في مجالات الإدارة المؤسسية وتنمية الأعمال والتدريب الإداري وتخطيط إدارة المصائد. وهذه الرؤية هي خطة طموحة مصممة لتعزيز إدارة القطاع بتدعيم المتابعة وجمع البيانات ومراقبة الجودة والتسويق. وستساعد إدارة المصائد الجديدة السلطات على سرعة الاستجابة للاحتياجات الفعلية لمجتمعات الصيادين وتساعد على تعبئة الاستثمارات الخاصة لضخها في ذلك القطاع. ويتمثل الهدف في تحويل المصائد مجددا إلى مورد اقتصادي، له تقاليد راسخة ويستخدم في الوقت نفسه أحدث التقنيات في جمع الأسماك عالية القيمة وبسهم بصورة فاعلة في تنويع مصادر الدخل المستدام.

د. حسن العالي