[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
على الصعيد الاقتصادي وقبل أن يعرف العالم الاقتصادي الأميركي الشهير لورنس ليندزي ومستشار الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش قبل الحرب أن الجيش الأميركي سيتعرض لمقاومة شرسة من قبل العراقيين، حذر الادارة الأميركية من" فخ العراق" وقال إن الاقتصاد الأميركي سيتعرض لانتكاسة كبيرة في حال دخل الجيش الأميركي العراق - كان ذلك في تشرين اول/اكتوبر عام 2002، أي قبيل الغزو بعدة اشهر، لكنه توقع أن تخسر أميركا بين مائة ومائتين مليار دولار، ثم توصل في منتصف عام 2008 إلى أن خسائر الأميركيين قد بلغت حتى ذلك التاريخ ما يزيد على ثلاثة الاف مليار دولار وهو مبلغ كبير جدا لم تخسر مثله الولايات المتحدة في جميع غزواتها وحروبها.
وبقدر ما يشعر العالم الاقتصادي الأميركي بغصة لأنه شاهد نتائج الاستحضارات لغزو العراق ونتائج ذلك الكارثية على بلاده وناسه قبل بداية الحرب، والمعضلة أن تلك الرؤية جاءت من خبير عالمي مشهور باختصاصه في علم الاقتصاد ورغم ذلك لم يأخذ به صاحب القرار وهو الرئيس بوش، بل إنه انزعج من ذلك الرأي العلمي الصريح والواضح واصدر قرارا بإقالته بعد ساعات من ادلائه برأيه في مقال نشرته احدى الصحف الأميركية، كما أن هذا الرأي قد ظهر في بلد يقول الجميع إنه ديمقراطي ما يعني أن القرار فيه للخبراء والعلماء قبل الساسة وقبل أن يتحول إلى مسألة شخصية، وهو ما يعرفه الكثيرون عن فحوى "الديمقراطية" الأميركية، ثم إن السياسي في الولايات المتحدة قد يرتكب خطأ سياسيا في أميركا ويمكن تجاوزه لكن الكارثة في الخطيئة الاقتصادية في بلد يمثل رمز الرأسمالية في العالم، إذ إن الاقتصاد يقود السياسة في هذا البلد بل إنه المحور الرئيسي في العجلة اليومية، ولا يمكن أن تتحكم عصا السياسي الأميركي بماكنة المصانع والبورصات في نيويورك ومدن أميركا الأخرى، ورغم ذلك فإن الإنذار الأول والأخطر الذي خرج في الولايات المتحدة ومن فم عالم وعقل اقتصادي كبير لم يؤثر في القرار "الخطيئة" المتمثلة بالإصرار على غزو العراق"، التي قال العلماء في العمود الفقري للولايات المتحدة إنها مجازفة كبيرة وإنها ستجلب الكوارث والويلات للشعب الأميركي قبل أن تجلب تلك الكوارث لشعوب ودول اخرى.
أن السير في قافلة غزو العراق لم يكن الخطأ الأكبر بحق العراقيين الذين عاشوا منذ عام 2003 تحت سلسلة من الكوارث اليومية التي تزداد خطورة وتثقل حياتهم بالكثير من المآسي والصعوبات، وإنما الاصرار الأميركي على الإيغال في ذلك والاستمرار بتقديم مختلف انواع الدعم لمن جاؤوا بهم ونصبوهم وسلموهم الحكم في العراق، وهم يدركون تماما أن الخطيئة قد تواصلت والكوارث لم تنقطع.
فهل تعلم "الأميركان وغيرهم الدرس الحقيقي" من خطايا العراق كما قال اوباما في كلمته في الأمم المتحدة في دورتها الأخيرة.