[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/tarekashkar.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]طارق أشقر [/author]
على ضوء احتفال دول العالم في السادس من اكتوبر الجاري باليوم العالمي للموائل الذي خصصت الأمم المتحدة الإثنين الأول من شهر أكتوبر من كل عام للاحتفال به تأكيداً على حق ( الجميع ) في الحصول على المأوى المناسب، والتذكير بأن كافة البشر لديهم القدرة والمسؤولية على تشكيل المدن والبلدان. ينبغي التأكيد هنا بأن مصطلح (الجميع) جاء للتأكيد على أن الأمر ليس مقصوراً على البشر فحسب، بل يشمل أيضا مختلف ضروب الحياة الحيوانية الأخرى بمافيها الحياة الفطرية.
وفيما نجحت الكثير من الدول المتقدمة وبعض الدول العربية النامية في قطع أشواط مقدرة في الاهتمام بتوفير الموئل أو المأوى لمختلف قطاعات مواطنيها ضمن ما اتبعته من خطط تنموية شاملة لمختلف قطاعاتها الاقتصادية والخدمية والاجتماعية، بل اتسعت دائرة انجازاتها في هذا المنحى لتشمل الاهتمام بالحياة الفطرية وإقامة المحميات لتحول دون انقراض حتى الحيوانات النادرة فيها، الا اننا نجد في بقاع أخرى بعدد لايحصى من دول العالم (بشر) لاموئل لهم، ومر عليهم اليوم العالمي للموائل مرور الكرام ، وكأنه ترف غير جدير بالاهتمام به.
يأتي اليوم العالمي للموائل، وأعداد غفيرة من أبناء الشعب الفلسطيني يتخذون قسراً من سجون الاحتلال الاسرائيلي مسكناً لهم حشروا فيه حشراً، و لايعرفون متى ستنتهي مأساتهم. وعلى مرمى حجر منهم يتنعم محتلوهم بموائل اي مستوطنات تم تشييدها لهم بأرقى المواصفات وأقيمت حولها أسوار منيعة لتصد حجارة أصحاب الأرض المغتصبة مرتدة على وجهوهم تتبعها رصاصات خارقة لاتفرق بين الطفل والمرأة والكهل.
جاء اليوم العالمي للموائل وكثير من نساء وأطفال مهاجري دول العوز والفقر ومناطق الصراعات تدحرجت أجسادهم غوصاً لتستقر في قاع البحار المقابلة شواطئها لدول العالم المتحضر، فتفتح لهم قيعان البحار أحضانها مهيئة لهم موائل قد لايقطنون فيها طويلا اذا ما تلقفتهم أفواه الحيتان المفترسة.
يحتفل العالم بيوم الموائل، وفيه ايضا بشر تلاشى الحد الفاصل بين الموت والحياة لديهم فاختاروا المقابر مساكن لهم وهم أحياء، فيما استكان غيرهم في بقاع أخرى خصوصا في افريقيا (عششا) ليسكنوا إليها فهي غير قادرة على حمايتهم من لهيب الشمس أو صقيع البرد، بل كل ما يمكن لتلك العشش ان تقوم به تجاههم أن تستر سوءتهم ممن يمرون بجوارهم.
أما الجزء الآخر اي الحيوان الذي تشمله كلمة (الجميع) في تلك البقاع التي لايجد فيها انسانها مأوى يقطن فيه، فنجده في افريقيا مثلا هدفا سهلا لبنادق الصيد غير المنظم الذي يقوم به غالبية من يتشدقون بأهمية الموائل للجميع، بل تفخر بعضا من تلك الدول الأفريقية بالاعلان عن زيادة عدد السواح لديها دون أن تعي بأن الخاسر الأكبر في تلك السياحة هو الحياة البرية التي في حاجة الى العناية والاهتمام بها وإقامة المحميات لها.
ولكن قد يقول البعض ان فاقد الشيء لايعطيه، فكيف يمكن ان نطالب انسانا بتوفير موئل للحيوان وهو عاجز عن توفير ذلك الموئل لأخيه الانسان. وبما ان هذا القول ليس حجة امام اهمية قيام الجميع بمسؤولياته، فتظل الدعوة مفتوحة لكافة الجهات المسؤولة عن الشؤون الاجتماعية وتلك المسؤولة عن التنمية المستدامة والاهتمام بالبيئة بالدول الفقيرة العربية منها والافريقية والاسيوية بان تضطلع بمسؤلياتها كاملة عبر رصد الميزانيات الكافية لتهيئة الموائل للجميع فهي حق لهم بلا استثناء.