[author image="http://alwatan.com/styles/images/opinion/abdalahabdelrazak.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. عبدالله عبدالرزاق باحجاج [/author]
لن يكون تعاطينا مع قضية رسوم مواقف السيارات في مطار صلالة من بداية أحداثها الدرامية، إنما من آخر تداعياتها، وحتى في هذه الحالة ليس من منظور حجم الرسوم المالية وعلاقتها بالمدة الزمنية لمكوث السيارات في مواقف المطار التي أصبحت تتغير مع تصاعد حدة استياءات المواطنين، وإنما من منظور الصورة العامة التي تضيفها الرسوم وتطبيقاتها الميدانية على جيواستراتيجية المطار ، هل تعطي صورة حضارية تتكامل مع المنجز الحضاري المتمثل في المطار الجديد أم أنها تسئ لهذا المنجز ؟ ولماذا نتناول القضية من هذه الزاوية بالذات؟ لأن حجم الرسوم ومددها الزمنية قد اشبعت نقاشا عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الاعلام المسموعة، وبالتالي، فإننا نحمل رسالة عاجلة للمجلس البلدي لمحافظة ظفار الذي سيبحث غدا الخميس قضية الرسوم في مواقف مطار صلالة، لكن من اي منظور ؟ هل من منظور الاستياء الاجتماعي العام من الرسوم؟
وقد كشفته لنا أي الاستياء تلك الوسائل الاعلامية، وقد اعتبر المغردون والمتدخلون الرسوم بانها جاءت لتنغص عليهم فرحتهم بالمطار الجديد، أم سيتناولونها من حيث تداعيات عملية فرض الرسوم ؟ وقد خلقت الرسوم طوابير من السيارات وحالة ازدحام وانتظار مزعجة للمغادرين والقادمين ومودعيهم ومستقبليهم ، وضربت انسيابية الحركة واستهلكت الوقت ورفعت القلق ، أم سيتناولونها من حيث ما تنتجه هذه القضية من صور تمس جوهر الحركة السياحية وتدفق المسافرين التلقائي؟ فالطوابير وحالة الازدحام عبر ست بوابات، موزعة بالتساوي عند مدخل الدخول لمبني المطار ومخرجه ، هى فعلا تسئ لتلك الحركة ولعملية التدفق، لو استمرت بالكيفية الراهنة سوف تلقي بظلالها السلبية على مستقبل السياحة الاقليمية والمحلية في بلادنا، فهل رؤيتنا لتطوير السياحة تحتاج الان لمثل هذه التعقيدات أم مزيدا من التسهيلات ؟ وما هي المزايا والمميزات التي نمحنها للسائحين والزوار لظفار خاصة وللمطار خاصة مثل ما تفعله العديد من المطارات حتى نحمل زوار المطار رسوم تصاعدية ...الخ؟ لا ينبغي أن نقارن وضعنا بما هو سائد في بعض المطارات العالمية والإقليمية حتى نبرر فرض الرسوم، إذا كانت هناك مطارات تفرض رسوما على مواقف السيارات، فقد وصلت بخدماتها الاحترافية الى مستوى تحميل كل منتفع من مرافقها الجوية واللوجستية رسوم الاستخدام، كما أن هناك في المقابل مطارات عالمية واقليمية لم تقدم على فرض رسوم، فلماذا نتجاهل هذه التجارب؟ كما علينا أن نأخذ بعين الاعتبار مسألة تطلع بلادنا لنمو قطاع السياحة لكي يكون من المصادر البديلة لقطار النفط ، ولتطلعات المواطنين في الاستفادة من المواسم السياحية، إذن علينا تسهيل الامور، لا تعقيدها، وعندما نصنع سياحة اقتصادية، ونحترف في خدماتنا اللوجستية الجوية، عندها ستكون لدينا مبررات في فرض الرسوم، لكننا نحتاج لوقت طويل، وحتى لو سلمنا بفرضية الرسوم، فلا ينبغي أن تكون بالكيفية التي تطبق بها حاليا التي هى أقرب الى الفوضى منها الى التنظيم، وقد أطلعنا عليها ميدانيا بصحبة مجموعة من المراقبين ، ووجدنا أنه يغلب على المشرفين ،، الذين أغلبهم وافدين ،، حالات الارتباك والتوتر يقابله مشادات معهم من قبل الزوار، وتزداد هذه الحالات كلما طال الانتظار على البوابات وفي حالة تعطيل إحداها – وقد حدث تعطيل مؤقت لاثنتين أثناء تواجدنا – وشاهدنا صورا لا يمكن قبولها، صحيح أن المعنيين بقضية الرسوم يتجابون سريعا مع حالات الاستياء، بدليل، تجاوبهم السريع مع تخفيض الرسوم وتمديد بعض المدد الزمنية لمكوث السيارات في المواقف، غير ان القضية لا تكمن في إضافة خمس دقائق على العشر الدقائق المجانية في المواقف الامامية للمطار، ولا حتى تخفيض الرسوم، وإنما القضية ينبغي أن ينظر اليها من تلك الزوايا التي اوضحناها سابقا، وممكن أن نضيف اليها كذلك، انهم يتعاملون مع مطار داخلي ،، مطار صلالة ،، ويساوونه بالمطارات العالمية عندما يأتون على تبرير فرض الرسوم، وهناك إصرار على رفض إطلاق صفة العالمية عليه، إذن، كيف يرفض إعطاءه هذه الصفة، ويقتبسون من العالمية بعض صفاتها الاحترافية لتطبيقها على مطارنا المحلي ؟ حتى أننا لا يمكن مساواة هذا المطار بمطار مسقط الدولي ، إذن مساواة المعاملة غير عادلة ، وينبغي اعادة النظر فيها فورا .
وهنا نوجه رسالة عاجلة للمجلس البلدي لمحافظة ظفار، نقول فيها أن قضية مواقف المطار تحتاج لجلسة عاجلة وخاصة وليس جلسة عامة تتزاحم فيها الموضوعات، جلسة يفترض ان تعقد مبكرا لا غدا، ونقول فيها كذلك أن هذه القضية قد اصبحت قضية رأي عام محلي وفيها استياء كبير حتى من السائحين وزوار ظفار، ولابد أن يكون تعاطيهم معها من منظورين، الاول، العمل على إلغاء البوابات الست (ثلاث في كل جهة) التي اقيمت على مدخل ومخرج المطار، فهذه البوابات معطلة ومعرقلة وليست مساعدة لانسيابية الحركة المرورية وسرعتها، وميكانزمات علم البوابات لا تشير الى مدنية المطار وإنما كأننا سوف ندخل مكان (...) ، وهذا يسقط حجية الرسوم التي يقال إن الهدف منها خلق الانسيابية، فالميدان هو الحكم، وعلى المجلس البلدي العمل كذلك على جعل المواقف الامامية للمطار - مواقف نزول المسافرين وحمل القادمين – لهذا الغرض فقط وليس لمواقف سيارات ثابتة ، سواء لمدة قصيرة أو طويلة ، وبالمجان ، وفي حالة المخالفة تنزل عليهم العقوبة المرورية لا فرض رسوم تجارية تصاعدية، فمن يملك المال لن يهمه دفع ريالين أو حتى خمسة ريالات ، لكنه في المقابل سوف يعرقل الخدمة ، فالمكان المخصص لهذه المواقف تكفي فقط لعملية قصيرة المدى لا لوقفة مهما كانت مداها الزمني، ولن تتعدي العملية في هذه الحالة نزول المغادر أو ركوب القادم إذا ما كانت مواعيد اقلاع الطائرات دقيقة وملتزما بها، غير ان الوضع على غير ذلك، فهل نعاقب الزائر للمطار على عدم احترام شركات الطيران وغالبا ما تكون من قبل ناقلنا الوطني – وما أكثرها من حالات؟ وتلكم المواقف من حيث المبدأ هى لغرض نزول وحمل المسافرين فقط مهما كانت ظروف التأخير، كما أن فرض الرسوم قد ادى الى نشوء ظاهرة مرفوضة، فالكثير من المستقبلين يلجأون الى وضع سياراتهم على قارعة الطريق القريب من تلك البوابات، ويفترشون جوانب الطريق في مجاميع بشرية متفرقة وكأنهم في جلسات سمر في سهول اتين أو جرزيز، وهذه ممارسات لا تليق ايضا بالمكان الذي هو واجهة عمان، وهو اول الجهات التي تعطي الانطباعات الاولية لزوار وسياح البلاد، والثاني عليهم القيام ببحث موضوعي في سلة الرسوم على المواقف الاخرى، وجعلها رمزية وتذهب ريعها للأعمال الخيرية في المحافظة وهذا اقتراح الأخ على البرعمي عضو المجلس البلدي لظفار في لقاء إذاعي أمس الاول، خاصة وان المعنيين بأمر الرسوم ينفون تماما البعد الربحي من هذه المواقف، ويصرون على العملية التنظيمية فقط بعد ما لاحظوا سوء استخدام المواقف من قبل الزائرين، وإذا سلمنا جدلا بهذا النفي، فهل الحل معاقبة الكل عن طريق رسوم مثيرة للجدل وفيها تداعيات مسيئة لهذا المرفق الوطني أم معاقبة القلة المخالفين، وهناك جهة متخصصة في هذا النوع من العقوبات، فلو انزلت العقوبة المروية على المخالفين في حينها، وأولا بأول، فسوف تختفي ظاهرة سوء الاستخدام، فماذا أنتم فاعلون يا مجلسنا البلدي غدا مع هذه القضية التي تثير قواعدكم الانتخابية ومن منطلقات وطنية سالفة الذكر ؟ نترقب النتائج.