[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedalkadedy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د.أحمد القديدي[/author]
”الدرة الثانية التي انفردنا بها دون العالمين هي أن أي شاب تونسي يتزوج من ابنة عائلة كريمة يحبها وتحبه فإذا بها عاقر بإرادة الله وحده فيضطر حسب المجلة المحروسة أن يطلقها ( للضرر !!!) عوض أن يحتفظ بها وهي ذخر وأمانة ويتزوج من امرأة ولود فتنجب أولادا يتربون مع أمين اثنتين (أم بيولوجية وأم عاطفية) وقد عرف جيلي وعايش حالات كثيرة من هذا التوازن الإنساني والتراحم الأسري”
ــــــــــــــــــــــــــ
منذ عقود لم أتعب من القول بأن كل قانون هو كائن اجتماعي حي يتعدل ويتطور ويتحور حسب التحولات الطبيعية التي تطرأ على المجتمع ومن واجب نخبة المجتمع تعديله أو تطويره أو تحويره إنما نحن الوحيدين في تونس لا نمس القوانين حتى الصادرة عام 1919 مثل قانون تجريم توريد الذهب الذي سنته سلطات الاستعمار الفرنسي لمنع التونسيين من امتلاك الذهب وإلى اليوم يحاسب كل من يجلب كمية من الذهب إلى تونس رغم أنه سيثري بها رصيد الدولة!!! (وشكرا للأستاذ المحامي الطاهر بوسمة الذي أثار هذا الموضوع) أما في قانون الأسرة فتتسابق نخبتنا إلى كسب أصوات النساء (في الواقع صنف واحد من النساء) برفع شعار (مجلة الأحوال الشخصية خط أحمر ومكسب عظيم) بما فيهم أحزاب المرجعية الإسلامية التي أمسكت ببعض خيوط السلطة ففرطت في ثوابتها وخاضت مع الخائضين قائلة (إنها خط أحمر)!! وما زلت يوميا أكتشف الدرر السنية التي انفرد بها مجتمعنا والتي فرضها على الناس هذا القانون المختوم بخاتم آخر ملوك تونس محمد الأمين باشا باي رحمة الله عليه بينما عزله بورقيبة عن عرش آبائه وأجداده بتهمة الرجعية والتخلف! وهو الموقع بيده على هذا القانون) وآخر هذه الدرر ما قرأه الناس على صفحات جريدة (الصباح) التونسية ليوم 22 فبراير 2015 حيث جاء في الجريدة عنوان هو (رجل تزوج من بنت أخته) ونقرأ في الخبر حرفيا: (تمكنت الشرطة العدلية بالسيجومي (ضواحي تونس) في جويلية (يوليو) 2014 من القاء القبض على زوجين يسكنان مسكنا في حضيرة بناء وبالتحقيق معهما تبين أن الزوج هو خال الزوجة! وبالأمس أصدر حاكم التحقيق بمحكمة تونس الثانية قرارا يقضي بحفظ جميع التهم في حق المشتبه بهما (أي الزوج الخال والزوجة بنت الأخت) وذلك لعدم وجود جريمة معتبرا أن ما جاء به قانون عدد 3 لسنة 1957 المؤرخ في غرة أوت (أغسطس) 1957 ومجلة الأحوال الشخصية لم يحرما صراحة زواج المحارم!! واكتفت مجلة الأحوال الشخصية التي هي (خط أحمر ولا تزال).. اكتفت تنصيصا على بطلان الزواج منتهيا (أي حاكم التحقيق) إلى عدم وجود الركن الشرعي للجريمة وهو ما أقرته دائرة الاتهام بتاريخ 17 جوان (يونيو) 2015.
انتهى الخبر كما أوردته جريدة (الصباح). هنا أسأل تلك النخبة المدعية الحداثية النساوية المتطرفة: "هل نبادر بإصلاح هذا الخلل في قانون الأحوال الشخصية أم نواصل رفع عقيرتنا بالشعار المزيف (خط أحمر ولا تقربوها!).
الدرة الثانية التي انفردنا بها دون العالمين هي أن أي شاب تونسي يتزوج من ابنة عائلة كريمة يحبها وتحبه فإذا بها عاقر بإرادة الله وحده فيضطر حسب المجلة المحروسة أن يطلقها (للضرر !!!) عوض أن يحتفظ بها وهي ذخر وأمانة ويتزوج من امرأة ولود فتنجب أولادا يتربون مع أمين اثنتين (أم بيولوجية وأم عاطفية) وقد عرف جيلي وعايش حالات كثيرة من هذا التوازن الإنساني والتراحم الأسري ورأينا كيف كانت الأم العاطفية أما بأتم معنى الكلمة والأولاد إلى آخر رمق في حياتهما ينادون الأم البيولوجية بعبارة (أمي) والأم العاطفية بعبارة (أميمة) تقديرا لها ولسهرها وحدبها على أولاد زوجها! وأنا أطلب فقط ممن يتطرف في العلمانية الغربية المائعة أن يفكر في ابنته هو نفسه لعل الله قدر لها أن تكون عاقرا فأي الحلين أكثر رحمة ومروءة هل هو احتفاظ الزوج بالأولى أي ابنتك وإكرامها بأسرة وعش هادئ في الحلال أم الحل المفروض علينا بقانون جائر (لأنه جامد!) والذي يقضي برمي الزوجة البريئة في الشارع وحرمانها من الأمومة العاطفية ودفعها للدعارة لا قدر الله !!! أترك الجواب لضمائر القراء الأفاضل وضمائر تلك الأقلية المتمكنة من المنابر والصراخ الذي لقنتهم اياه ضيفتهم نوال السعداوي !.
أما الدرة الأخيرة والتي حيرتني وتحير كل من يطلب الحقيقة هي أن التيار العلماني أو لنقل الحداثي لم يفسر لنا إلى اليوم التناقض الصارخ بين الغايات التي رمى اليها هذا القانون عام 1956 وبين واقع الحال أي النتائج الحقيقية في المجتمع التونسي. فهم يقولون إن بورقيبة حرر المرأة وإن المرأة التونسية هي الوحيدة في العالم العربي والإسلامي التي تتمتع بحقوق لم تتمتع بها حتى السويديات والدينماركيات ولكننا بعد ستين عاما من (تحرير المرأة) نجد مع الأسف أن بلادنا تحتل المرتبة الأولى في نسبة الطلاق والمرتبة الأولى في نسبة العنوسة والمرتبة الأولى في نسبة الأمهات العازبات والمرتبة الأولى في نسبة الإجهاض غير المبرر بالإضافة إلى المراتب المتقدمة في الأمراض النفسية والتفكك الأسري وتعاطي المخدرات وتصنيف بلادنا في قائمة البلدان الأكثر تعاسة! وهذه الحقائق يمكن الرجوع اليها من إحصائيات رسمية قام بها الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري ومصالح وزارة الصحة وبعض المنظمات المستقلة وهي أرقام تؤكدها المحاور التي يقدمها الاعلامي علاء الشابي في برنامج اجتماعي كشف عن حالات مأساوية للعلاقات المتأزمة بين الجنسين و في أغلب الحالات تذهب ضحيتها المرأة التونسية التي قيل إنهم حرروها! وأولادها المشتتين بعد الانفصال (100 ألف طفل ومراهق يغادرون المدارس سنويا).
إنني أطرح هذه المشاكل الاجتماعية العسيرة من منظور مواطن يشعر بمسؤولية إبداء رأيه راجيا مناقشتي علميا ومن باب المسؤولية وأرجو من القلة المتطرفة التي تشتم ولا تناقش ألا تواصل الشتيمة لأن خمسة عشر عاما من المنفى جمعت فيها مع رفاق المنافي أطنانا من مقالات هتك الأعراض والسب والتهم في جرائد المجاري وإعلام العار وهي قصاصات أحتفظ بها تملأ شاحنتين وأحذر الذين يشتمون ولا يناقشون أنني ملقح ضد هذه الترهات وأطلب الحوار العلمي الهادئ المسؤول الذي ربما سيحرر المرأة التونسية بحق ويرمم ما تصدع في الأسرة التونسية!