لا تقف المنجزات العمانية الكبرى عند سياستها الهادئة والمتزنة، ومعادلاتها الانسانية وقيمها الرائعة وفي كل المجالات ايضا، وانما تتعداها نحو البيئة التي تشكل اهتمام العالم وعمله الدؤوب من اجل جعلها قادرة على تأمين متطلبات الانسان في كل مكان. ويبرز ذلك في منح جائزة اليونسكو ـ السلطان قابوس هذا العام لمجموعة البحث بشأن الأراضي الرطبة التابعة لجامعة بوانوس أيرس في الأرجنيتن.
لا شك ان هذه الجائزة المتكررة سنويا تثبت الرؤية السديدة لجلالة السلطان قابوس المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ ونظرته الإنسانية العميقة لما يفترض ان تكون عليه حالة الارض كي تظل على حال من تقديم الغذاء لبني البشر وليس لأحد بعينه او لمجموعة لها نفوذ. فما يراه جلالته ان ارضنا بقدر ما نصونها ونؤمن لها خيارات الحياة النظيفة نكون قد حققنا الصورة المثلى لعالم لا يخاف على غده ولا على متطلباته.
مساعدة المديرة العامة لليونسكو فلافيا شليغل هنأت الفائزين معربة عن أملها "في ان يعي العالم اهمية هذه الجائزة التي تعد بمثابة دعوة إلى حث الهمم والمساعي الحميدة لصون ارضنا وحفظ تنوعها البيولوجي " .. مضيفة "هنيئا لعمان وقائدها على ما قدمته هذه المبادرة من منفعة للعالم ".
ويبذل جلالة السلطان ـ حفظه الله ورعاه ـ جهودا جبارة على المستويين المحلي والعالمي من اجل البيئة، وقد حرص دائما على ان تكون هذه الجائزة هدية منه لعالم يحرص على بيئة نظيفة وعلى رفع مستوى الوعي في هذا المجال. ولعل جلالته ينطلق من معرفته بالتنوع البيئي في السلطنة وما يعنيه في بانوراما البيئة العالمية، وان السلطنة التي تقوم بتبني العديد من المبادرات انما تهدف لحماية البيئة ومعالجة القضايا البيئية.
هي مأثرة كبرى ان يكون للعالم جائزة للبيئة تقف وراءها السلطنة بعقل وحكمة جلالة السلطان المعظم. ومن سديد الرأي ان هذه الجائزة تبدو الوحيدة عالميا التي تعنى بالبيئة، وهو ما يعكس رقيا حضاريا وثقافة عالية لدى جلالته ـ حفظه الله ـ يترجمها جلالته في اهتمام عال بالكرة الارضية كلها وبإنسانها والانتصار للحياة، باعتبار ان ما يصيب الارض من مشاكل لا يعني احدا بعينه، بل ان خطره يتناول الجميع دون استثناء، وبذلك يكون العالم كله ممتنا للسلطنة التي تم اختيارها بين الدول العشر الأكثر اهتماما وعناية بالبيئة على المستوى العالمي. ولعل مجرد زيارة لها، تقدم الدليل على ما تحفل به السلطنة وما يعني بالنسبة إليها بيئة نظيفة خالية من اية اشكالات مؤثرة على صحة الانسان.
في كل يوم تقدم بلادنا وقائدها صورة مثالية عن الاهتمام بالانسان في كل مكان بدءا من ترابنا الوطني وصولا إلى اصغر بقعة في العالم. فليس جديدا على عمان ان تحمل منظمة اليونسكو جائزة باسم سلطانها الراعي الدائم للإنسان اينما كان من منطلق ان الارض عالمنا الذي يجب ان نقدم له ما يجعله خاليا من أية مخاطر عليه. ولهذا السبب تفيض مشاعر العالم بالشكر والامتنان والتقدير والاحترام إلى السلطنة وإلى قائدها حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ على هذا الفعل الإنساني والحضاري الراقي الذي يعبر عن حضارة بلادنا الضاربة جذورها في أعماق التاريخ وعن ثقافة عالية وحنكة سياسية لقائدها الفذ.