[author image="http://alwatan.com/styles/images/opinion/abdalahabdelrazak.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. عبدالله عبدالرزاق باحجاج [/author]
كما اشرنا في مقالنا يوم الاربعاء الماضي، فقد بحث المجلس البلدي في محافظة ظفار قضية الرسوم على مواقف مطار صلالة، وهي قضية حديث الرأي العام المحلي، وقد كثر فيها الجدال عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الاعلام المسموعة، فماذا كانت توصيات المجلس البلدي؟ فتوصياته تضعنا امام ترجيح المتعارضات في المواقف، والاهم أنها اي التوصيات ستعبر عن موقف سلطة محلية بتمثيلين، حكومي ومجتمعي، فالمجالس البلدية في بلادنا تجمع بين الانتخاب الحر وبين التعيين الحكومي، كمنصة للعصف الذهني تقدم توصياتها للسلطات من منظور رؤيتها للواقع وما ينبغي أن يكون عليه هذا الواقع ومعالجة قضايا مستجدة أو مستشرقة.
لقد جاء رأى المجلس البلدي متناغما مع ما يجب أن يكون عليه الواقع في المطار بصرف النظر عن الرسوم والجدال الرسمي المصاحب لها من حيث كونها رسوما من أجل المال أم من أجل التنظيم، فما دام هناك رسوم مقومة بالريالات، فهى رسوم مهما كان غاياتها، تنظيمية أم ربحية، ولن نغرق كذلك في أصل القضية التي أخذت جدلا اجتماعيا متصاعدا بسبب الرسوم التي كانت تصل إلى خمسة ريالات والبعض قد دفع أكثر، ليس في اليوم، وإنما لكل نصف ساعة تأخير، فكيف لو كان يوما كاملا- لأنه قد تم التراجع عنها، رغم أن البعض قد أصبح يتجاهل الرسوم الاصلية قبل التغيير، ويركز على الرسوم الجديدة بعد التغيير من أجل التأثير على المواقف، وهي اصلا غير مثيرة للجدل من حيث فرضية الرسوم وإنما من حيث حجمها ـ ولن ندخل كذلك في جدال كيفية التراجع عن ذلك الحد واقتصاره على ريالين لليوم بالنسبة للمواقف الأخرى غير المواقف الامامية المخصصة للتحميل والتنزيل، الأهم أن اعضاء المجلس البلدي بتكوينه الثنائي الحكومي والمجتمعي، قد أوصى بإيقاف العمل برسوم التحميل والتنزيل في مطار صلالة، وكذلك الغاء بوابات الدخول والخروج في مسار التحميل والتنزيل، لأنها كما قلنا في مقالنا السابق لا ولن تودي الغرض المستهدف لها، وهو العمل على انسياب حركة المرور وتقديم خدمة أفضل، وإنما حدث العكس فقد عطلت هذه الانسيابية بطوابير من السيارات خاصة إذا ما كانت هناك أكثر من رحلتين في اليوم، وهناك فعلا اربع رحلات في بعض الايام من الاسبوع، ولنا تصور حجم الطوابير، وقد رصدته الصور من البوابات الى الطريق الواقع بالقرب من دوار المطار، وتلكم كانت مرئياتنا للحل، فمواقف السيارات المقابلة للمطار ينبغي أن يمنع الوقوف فيها، ويخصصان لديناميكية التنزيل والتحميل فقط، وكل من يريد أن يمكث في المطار لتحقيق بعض الأغراض، فهناك المواقف الأخرى القريبة اصلا من بوابات المطار وتتسع (1500) سيارة، ويمكن أن تستوعب فترات زمنية أطول للوقوف، ولا تتعدى الرسوم فيها ريالين في اليوم بعد التغيير، وقبل التغيير كانت تصل إلى أكثر من خمسة ريالات ـ كما ذكرنا سابقا ـ وهذه التغييرات في الرسوم تمت بعد تصاعد الاستياء من حجم الرسوم، وبسببه اي الاستياء تم إضافة خمس دقائق على العشر دقائق للوقوف المجاني في المواقف الامامية للمطار، وقد دفعنا فعلا (ريال ونصف الريال) لمجرد أننا نزلنا مسافرا، حيث تجاوزنا العشر دقائق المجانية بدقيقتين، ونتحدى اي قدرة بشرية أن تقوم بمثل تلك العملية في عشر دقائق حتى في حالة وجود رحلة واحدة، فكيف لو تزامنت رحلتين أو ثلاث، نستدعي ذلك رغم أنه أصبح من الماضي، للقول أننا ينبغي التسليم بتعدد الآراء، وبالآراء المعارضة للرأي، لأنها في النهاية تنتج لنا رأيا مجمعا عليه، فلولا الاراء المعارضة للعشر دقائق ما تمددت لخمس أخرى اضافية، ولولا الآراء المعارضة للرسوم المرتفعة في بدايتها لما خفضت للريالين في اليوم، والان يأتي دور المجلس البلدي لمحافظة ظفار، ويفصل في ما تبقى من خلاف، ويوصي بإلغاء البوابات ويجعل هذه المواقف للتنزيل والتجميل فقط وبالمجان، فهل سوف يعتد بمثل هذه التوصيات؟
للأسف تظل مجرد توصيات، كما أنها لم تكتسب حتى تلك الصفة، وهي تحتاج للتوقيع عليها من الأعضاء في الجلسة المقبلة، وهذه عملية برتوكولية، والجلسة ستكون بعد شهر من الان تقريبا، وهذا اجل زمني طويل لا ينسجم مع انية القضايا ولا سرعة التدخل فيها، والزمن هنا في غاية الاهمية، فلماذا لا يعتبرها المجلس البلدي قضية استثنائية وعاجلة ويبت فيها فورا، فالتمديد الزمني قد يدفع بالبعض إلى التراجع عن موقفه المؤيد للإجماع بحكم الخلفيات الوظيفية؟ كما أن هناك اشكالية أخرى، وهي تكمن في مصير توصيات المجالس البلدية، وحتى لو اعتمدت من الاعضاء، فلن يكون لها الصفة الالزامية للتطبيق او على الاقل الطيران نحو الجهات المختصة، وإنما سترحل مثلا لمعالي وزير الدولة ومحافظ ظفار الذي يجيز له القانون إما إرجاعها للمجلس البلدي بعد شهر أو اعتمادها وارسالها للجهات الحكومية المعنية بها، وفي قضيتنا المعني بها وزارة الاتصالات، وفي حالة الخلاف بين المجلس البلدي والوزير تحال إلى مجلس الوزراء ... عملية طويلة ومعقدة من حيث المبدأ، وتفقد الشراكة المحلية من عنصر الزمن الذي هو اساس نجاح مثل هذه المجالس البلدية، وحتى لو ارسلت التوصية للوزارة المذكورة، فليس هناك ما يلزم أو يحمل الوزارة على تنفيذ التوصية الا إذا اراد الوزير ذلك، وهنا اشكالية قانونية كبيرة تظهر امام تجربتنا الجديدة، ولابد من معالجة سريعا عن طريق التشريع إذا ما اردنا أن يكون لهذه المجالس دورا فاعلا في التنمية الإقليمية.
إذن، ارادة الشراكة الثنائية بين السلطات المحلية الحكومية والمجتمعات المحلية مكبلة بقيود قانونية، وبحالة فراغ تشريعي معرقلة للشراكة، وهذه القيود والعرقلة تفرغ الشراكة الثنائية من اهدافها السياسية الواضحة التي ارادها عاهل البلاد حفظه الله أن تكون صمام امان للمرحلة الوطنية الدائمة، فما دام المجلس البلدي المكون من مدراء عموم المديريات العامة التابعة للوزارات المركزية ومن منتخبين من المجتمع قد اجمعوا على مرئيات للمصلحة العامة كرفض وجود البوابات على مواقف التنزيل والتجميل وجعلها للهدف المخصص لها ودون رسوم، فلماذا يكون هناك وصي على توصياتهم؟ ولماذا لا تكون توصياتهم ملزمة؟ الم يبلغوا سن النضج ؟؟؟ لكننا على ثقة من ان معالي وزير الدولة ومحافظ ظفار لن يعرقل هذا الموقف بسبب وجود اجماع عليه من قبل الأعضاء، فهل ستبادر وزارة النقل والاتصالات من تلقاء نفسها إلى تنفيذ توصية المجلس البلدي بعد هذا الاجماع؟ نتمنى ذلك، وسيكون هذا تقديرا لرأي المجلس الذي هو رأي المجتمع، وأخيرا يمكن القول صراحة، ليس مقبولا تماما أن ندفع ـ وقد أجبرت ـ ريالا ونصف على تنزيل مسافر بسبب نفاذ حقي في العشر دقائق المجانية (سابقا) وحتى بعد اضافة خمس أخرى، فحالة ازدحام السيارات التي تنزل وتحمل المسافرين وطابور السيارات على البوابات تستنزف الوقت مهما حاولنا التقييد بالمدة الزمنية، فأين حماية المستهلك؟