[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/haithamalaidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]هيثم العايدي[/author]
” .. ما يجري بين مصر وسوريا سواء ان كان معلنا أو غير معلن ما هو إلا ضرورة تفرضها حقائق التاريخ التي تجعل من ارتباط مصر بامتدادها الشرقي في الشام ارتباطا مصيريا ربما منذ الغزو الأول الذي تعرضت له مصر على يد الهكسوس عبر بوابتها الشرقية مرورا بالتصدي للتتار والصليبيين ..”
ـــــــــــــــــــــــــــــ
لم يكن اعلان مصر صراحة عن تأييدها للعملية العسكرية الروسية في سوريا أمرا مستغربا كما أن حقائق التاريخ والجغرافيا بل وأساسيات الأمن القومي تقول ان هذا التأييد ما هو الا أمر بديهي.
فدون اشارات ضمنية أو عبارات دبلوماسية أعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري ترحيب مصر بالعملية العسكرية الروسية في سوريا حيث قال إن ما لدى مصر من معلومات من خلال الاتصالات المباشرة مع موسكو تؤكد تصميم روسيا على مكافحة الإرهاب ووقف انتشاره، مشيرا أيضا إلى أن هدف العملية الروسية هو توجيه ضربة قاصمة للإرهاب في سوريا والعراق.
وهذه التصريحات تأتي مكملة لمساع مصرية كثيرة تستهدف الحفاظ على وحدة الدولة السورية ومؤسساتها وعلى رأس هذه المؤسسات الجيش السوري.
هذه المساعي منها ما هو معلن يتجلى في تصريحات المسؤولين المصريين حول ضرورة ايجاد حل سياسي يتحاشى سقوط سوريا في الفوضى التي تجعل منها مفرخة للإرهاب وتهديدا لأمن المنطقة بل والعالم بأسره كما تظهر أيضا في الاجتماعات التي استضافتها القاهرة للمعارضة السورية من الداخل سعيا لتفعيل مقررات مؤتمر جنيف 1 الذي يضع من الحل السياسي ومكافحة الارهاب أولوية أولى.
ومن هذه المساعي أيضا ما هو غير معلن أو عبر الغرف المغلقة على حد تعبير الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في لقاء تلفزيوني استبق توليه الرئاسة حيث ترشحت أخبار عن بعض هذه المساعي من خلال تقارير عن زيارة وفد أمني سوري القاهرة لإجراء محادثات مع مسؤولين مصريين.. وتناولت المحادثات سبل التعاون في مكافحة الإرهاب، حسبما نقلت اذاعة (بي بي سي) عن مصادر حكومية سورية.
ومما ترشح أيضا عما يجري في الغرف المغلقة تصريح للرئيس السوري بشار الأسد قال فيه ردا على سؤال حول العلاقات السورية المصرية: "طبعا لا شك بأن العلاقة بين سوريا ومصر والعراق لها خصوصية لأن هذه الدول هي أساس الحضارات العربية عبر التاريخ، فنحن نحرص على العلاقة مع مصر بكل تأكيد. وردا على سؤال حول إمكانية استفادة مصر من الخبرة السورية في مكافحة الإرهاب قال الأسد كان هناك "تواصل مباشر بيننا وبينهم على مستوى مسؤولين مهمين، تحديدا أمنيين من سوريا ومصر في الأسابيع القليلة الماضية من دون تحديد الموعد بدقة، لديهم تصور بالنسبة لكيفية الاستفادة من سوريا، لدينا تصور الآن كيف يمكن أن نستفيد من مصر".
كما نوه إلى أن "العلاقات بين سوريا ومصر هي التي تحقق توازنا على الساحة العربية، وسوريا تعتقد بأنها في نفس الخندق مع الجيش المصري ومع الشعب المصري في مواجهة الإرهابيين.
وما يجري بين مصر وسوريا سواء ان كان معلنا أو غير معلن ما هو الا ضرورة تفرضها حقائق التاريخ التي تجعل من ارتباط مصر بامتدادها الشرقي في الشام ارتباطا مصيريا ربما منذ الغزو الأول الذي تعرضت له مصر على يد الهكسوس عبر بوابتها الشرقية مرورا بالتصدي للتتار والصليبيين .. وحتى الاحتلال العثماني لمصر الذي بدأ بهزيمة المماليك في مرج دابق بالشام قبل دخولهم مصر عقب معركة الريدانية ومن ثم تأسيس الدولة المصرية الحديثة على يد محمد علي الذي حرص على تأمين الشام للحفاظ على مصر وصولا الى الحروب مع اسرائيل التي تشاركت فيها كل من مصر وسوريا كتفا بكتف وعلى رأسها حرب أكتوبر التي نحتفل بذكراها الـ42 هذه الأيام.
وعندما تواجه مصر اليوم خطرا جديدا عبر جماعات ارهابية في بوابتها الشرقية بسيناء يمتد إلى غربها بجماعات مماثلة في ليبيا .. ومع مد الخط على استقامته نجد ان كل هذه الجماعات لها ارتباط عضوي بمثيلاتها في سوريا ما يعني أن العدو واحد وأن تأييد مصر لاجتثاث الارهاب في سوريا ما هو إلا تأييد للأمن القومي المصري.