تجسد فلسطين اليوم حلما مطلوبا كان واقعا اكثر من مرة، وهي تلك الهبة الشعبية التي نجد اشكالها في الدفاع عن الأقصى وفي تكرار طعن الصهاينة، وكل اسرائيلي هو عنصري صهيوني بالضرورة، اضافة إلى الموقف الوطني الذي تجسده غزة في العودة إلى تحدي الجيش الاسرائيلي واطلاق صيحات المقاومة من جديد.
وكلما كانت العودة إلى فلسطين، يكون القرار في محله. ففلسطين هي البوصلة التي لا حياد عنها، انها الحلم الذي يعيش أملا يراود كل مخلص عربي يتمنى لو ان مشروع الانتفاضة المجمد يعود إلى ثورته، من اجل ان يقول الفلسطينيون كلمتهم الوطنية، ولكي لا يقال ان القضية الفلسطينية قد تم نسيانها امام هذا الجحيم المتحرك الذي يستعر في اكثر من مكان عربي.
فعندما يتحرك الفلسطيني سواء في دفاعه المستميت عن الأقصى فإنما يقدم حراكا نيابة عن الأمتين العربية والاسلامية ويحمي ذلك المقدس بصدره العاري. وهو ايضا يتقدم نحو انتفاضة الطعن التي هي جزء من انتفاضة اكبر مطلوب لها ان تعم كل الأراضي الفلسطينية، مهما حاولت السلطة التصدي لها، ومهما وسع الاسرائيلي من اعتداءاته لوقف حراكها.
لقد اعطانا الشعب الفلسطيني خلال الأيام القليلة الماضية عددا من الشهداء الذين قرروا تشكيل انتفاضة سواء بالطعن وقبلها بالدهس وقبل قبلها بكل الأدوات المتاحة، اذ لا يبخل الفلسطينيون عادة لا بشكل التعبير عن ايمانهم بقضيتهم ولا بمستوى الاداء فيه حتى لو ادى ذلك إلى الشهادة. ومن المؤسف ان السلطة الفلسطينية التي لا يغيب عن بالها ما تتعرض له الأرض الفلسطينية من سرقة ومن اقامة مستوطنات ومن تحايل، لم تدفع حتى الآن شعبها إلى ما يراه مناسبا من انتفاضة عارمة، بل لم تحضن فكرته النبيلة في ذلك، وتمنع الحراك الشعبي بطريقة مباشرة في محاولة تقديم الهدايا المجانية لإسرائيل ولقادتها الصهاينة.
ومثلما نأسف لموقف السلطة الفلسطنية، فنحن ايضا شديدو الاسف من الموقف العربي العاجز وتناسي ما هي عليه فلسطين، ومن هو الشعب الفلسطيني الذي يحتاج لأمته ولوقفة منها تتيح له ان يكمل مسيرته الوطنية الثورية بكل ما تحتاجه، وهو الذي لم يبخل ابدا على تقديم الشهداء من اجل قضيته العادلة.
ويسأل الفلسطيني دائما عن اخوانه العرب الذين يعيش بعضهم على دماء اخيه، يجاهر بسؤاله ألما من مواقفهم المتناسية لقضيته ولفلسطينهم، لكن هذا الفلسطيني في تساؤله إنما يؤكد لنا أن فلسطين لن تموت تحت اي ظرف كان. اذ يكفي ان يظل هنالك طفل يحمل حجرا، او شاب يطعن مستوطنا، او فتاة تدهس صهيونيا أو ... لتبقى شعلة فلسطين عالية ووهاجة. وبالفعل الفلسطينيون اليوم يكتبون شيئا من هذا، يحاولون من جديد اعادة الراية إلى مكانها العالي، يتسابقون في كل فلسطين إلى الشهادة، لكي تبقي ابواب الأمل مفتوحة على مصراعيها من اجل غد سيقال دوما انه الغد الفلسطيني بامتياز.
وها هي الأمة العربية كلها تعيش وترقب خلال الايام التي مضت واليوم وغدا وفي كل مستقبل، كيف يختار الفلسطيني فلسطينيته وهي حقه في التعبير عن رفضه حياة الذل والهوان التي يسيمها له عدوه مغتصب حقوقه، ولتظل فلسطين راية حقه من اجل العودة، بل من اجل اقامة سلطة وطنية على كل فلسطين.