[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/tarekashkar.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]طارق أشقر [/author]
ازداد اهتمام المراكز البحثية والمنابر العلمية ودوائر التخطيط الاقتصادي في العقدين الأخيرين بمفهوم (الاستدامة)، وهو مصطلح يركز على مدى امكانية حرص الانسان على الحفاظ على النظم الحيوية متنوعة ومنتجة مع مرور الوقت واعتبارها ومراعاتها في كافة عمليات التنمية بمختلف القطاعات الاقتصادية، وذلك من خلال الحرص على الاستخدام المسؤول للموارد الطبيعية لضمان استمرارها على المدى الطويل. لذلك فقد أصبح مفهوم الاستدامة قابلا للتطبيق على كافة أوجه ( الحياة ) في كوكب الأرض.
وعلى ضوء ما تبين من انجاز للسلطنة في مجال حماية البيئة على المستوى العالمي، عبر اعتماد النسق العلمي السليم والمحايد في تقييم جهود الأفراد والمنظمات والمؤسسات المرشحة لنيل جائزة اليونسكو- السلطان قابوس لصون البيئة دون اعتبار للقطرية او الجنسية أو غير ذلك، والتي فازت بها لهذا العام مجموعة البحث بشأن الأراضي الرطبة التابعة لجامعة بوينس آيرس بالأرجنتين، فلا مناص هنا من الاعتراف بأن تلك الريادة العمانية العالمية قد بدأت من الداخل وتحقق يوما بعد يوم إضافة نوعية في جانب تطبيق الاستدامة البيئية بمختلف القطاعات داخل البلاد.
لقد حققت السلطنة ريادة واضحة في تطبيق مفهوم الاستدامة في كافة عملياتها التنموية التي تنفذها عبر خططها التنموية المختلفة سواء في قطاع التعدين أو الزراعة او العمران او السياحة او النقل والمواصلات او شق وتشييد الطرق والاسكان والتعمير وغيرها من المشاريع الانمائية الهامة.
فقد انشأت السلطنة مؤسسات وهيئات ومنظمات محلية متخصصة يكون همها الأول حماية البيئة ومراعاتها ومنها على سبيل المثال لا الحصر وزارة البيئة والشؤون والمناخية، وجمعية البيئة العمانية، والمركز الوطني للبحث الميداني لحفظ البيئة، فضلا عن انشاء دوائر متخصصة في شؤون البيئة بالعديد من المؤسسات ذات العلاقة، وقد تم تتويج كافة هذه الجهود بانشاء جائزة اليونسكو – السلطان قابوس لصون البيئة.
وقد تبينت الريادة العمانية المحلية في هذا الجانب من خلال الحرص على تربية النشء منذ نعومة أظفارهم على أهمية حماية البيئة والحرص عليها، وكان ذلك واضحا عبرتدشين حقيبة التعليم البيئة الهادفة لتعزيز الوعي البيئي لدى طلاب المدارس.
وقد أثمرت جهود السلطنة الداخلية في هذا المجال في اقامة مشاريع عملية ملموسة قد لايتسع المجال لسردها كاملة ومنها على سبيل المثال لا الحصر تحديد يوم للبيئة العمانية، وانشاء محمية المها العربي بجدة الحراسيس ومحمية السلاحف برأس الحد، وعمليات مسح التنوع الأحيائي بجبال الحجر، ومشروع دراسة الوعل العربي، ومشروع دراسة الغطاء النباتي بالجبل الأخضر وجبل شمس، ودراسة الثدييات الصغيرة والكبيرة والمفترسات كالثعالب والوشق والغزال العربي والنمر العربي والغزلان بالاضافة الى دراسة الطيوروالحشرات وبيئاتها وغيرها، علاوة على تشجيع كافة جهود البحوث الميدانية في مجال حفظ البيئة.
وفيما بدأت هذه الجهود في أن تؤتي أكلها في مجال الحفاظ على حماية البيئة وتأكيد الحرص على الاستدامة، ينبغي على الجميع مواطنين ومقيمين بمختلف فئاتهم العمرية التعاون في هذا الشأن والتعاطي بايجابية مع ما تطلبه الجهات المختصة بالبيئة عند الترخيص لمعاملة صناعية او تجارية أوانشائية معينة، فهي اجراءات سيكون لها بالضرورة مردودها الايجابي على صون البيئة وتعزيز تطبيق مفهو الاستدامة على المدى البعيد.