بتنظيم من وزارة الأوقاف والشؤون الدينية
مدير عام الوعظ والإرشاد : الرسالة السماوية وأحداثها الفاصلة مصدر إشعاع روحي ومنبع إلهام فكري يحدو بها إلى الخير للعالم أجمع

تغطية – محمود الزكواني:
احتفلت السلطنة مساء أمس ممثلة في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية الشريفة على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام على مسرح كلية العلوم الشرعية بالخوير تحت رعاية صاحب السمو السيد تيمور بن أسعد بن طارق آل سعيد بحضور معالي الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الله السالمي وزير الأوقاف والشؤون الدينية وعدد من أصحاب المعالي الوزراء والسعادة والفضيلة وعدد كبير من المدعوين .
بدأ الحفل والذي اشتمل على العديد من الفقرات بتلاوة عطرة من آيات الذكر الحكيم تلاها القارئ هزاع بن عبدالله البلوشي بعد ذلك ألقى الشيخ ناصر بن يوسف العزري المدير العام للوعظ والإرشاد بالتكليف كلمة الوزارة قال فيها : الحمد لله الذي أعطى الإنعام جزيلا وقبل من الشكر قليلا وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا والصلاة والسلام على خيرة الله من خلقه وحجته في أرضه ، أرجحهم عند الله ميزانا وأوضحهم حجة وبرهانا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
وأضاف بأنه لمّا كانت مشاركة أبناء الأمة الإسلامية مقصدا يهدي بها إلى الرشاد والهداية ويطوي عنها غربة الفرقة والغواية ، فقد دأبت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية مشاركة الأمة الإسلامية وجموع المؤمنين مناسباتهم الإيمانية التي تجمع وتؤلف وتسمو بالأمة وتشرف ؛ مذكرة إياها بماض تليد لأجل حاضر سعيد ، فالرسالة السماوية وما كان من أحداث فاصلة في هذه الأمة هي مصدر إشعاع روحي ، ومنبع إلهام فكري ، يحدو بها إلى الخير للعالم أجمع وإذا كانت هذه الوقائع تسمو بسموِّ موضوعها وتشرُف بشرَف صانعيها فإنَّ ممّا لا ريبَ فيه أنّ الهجرة النبوية المباركة هي في الطليعة من هذه الحوادث ؛ لتعلُّقها بأسمى رسالة وأشرف رسول صلى الله عليه وسلم.
ومن شواهد وعظم حادث الهجرة أنه يزداد بهاء وسناء كلما تناوله العرض والبحث ، كالذهب والإبريز ؛ كلما عرضته على النار لتمحصه ، ازداد إشراقا وصفاء ، وهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم كانت فاتحة الأمل ، وبارقة النصر، وطريق العودة له ولأصحابه إلى مكة فاتحين ظافرين ، كما قال الله تعالى : " إِنَّ ٱلَّذِى فَرَضَ عَلَيْكَ ٱلْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ " [القصص:85].
وقال : هنيئا لنا ولكم البشرى بمقدم هذه المناسبة الجلي والمحطة الفضلى من محطات التاريخ أجمعه إذ نحتفي بهجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم من مسقط رأسه ومصدر كيانه مكة المكرمة إلى مسرى روحه ومحط ركبه طيبة الطيبة طيب الله ثراها وأنار الوجود بذكرها.
وأضاف المدير العام بالمديرية العامة للوعظ والإرشاد بالتكليف في كلمته أن عظمة هذا الحدث التاريخي يتسع ويكبر كلما أغرقنا النظر في زواياه المختلفة ، فقد أقلت الركوب أعظم الخلق وأصدق موجود محمد صلى الله عليه وسلم ، ونظير هذه العظمة المتمثلة في شخصه الكريم صلى الله عليه وسلم استجابت له أطباق الثرى فلثمت قدميه حتى استحالت جنة وارفة الظلال وتعطر قفر الأرض بالذكر والتسبيح بين أفنانه الرحبة الفسيحة ، تمجيدا لهذا الموكب المعظم إنه موكب يحمل في طياته آمالا طالما تاقت لها البشرية المتعطشة ، لتروي ظمأها بسلسبيل عذب زلال تطيب به الحياة فتنير الدرب القويم للسالكين.
فلقد كان حدث الهجرة نقطة حاسمة في خضم عباب هذه الحياة ، شملت الخافقين في طولها وعرضها ، وضمت في عمقها الإنسان بكل معطياته الاجتماعية وحاجاته الفطرية وآماله المرجوة لتحقيق مدلول الأمانة التي ألقيت على عاتقه منذ نشأة الخليقة.
وإذا كانت الهجرة مرحلة زمنية غابرة أعلنت ميلاد حضارة جديدة في ذلك المجتمع الإسلامي الطاهر، فإن الأمة اليوم بحاجة ماسة إلى أن تستلهم معطياتها الفكرية ومعانيها العميقة في حياة أفرادها ومجتمعاتها لتخرج من حدود الضيق الذي يلف كيانها ويمزق وجودها ، إذ أن أمة الإسلام هي حاملة مشعل الهداية ، ولأجل تحقيق ذلك كان شهودها الحضاري مطلبا أصيلا لبعث هذه الهداية ونشرها في آفاق المعمورة ، وأول ما ينبغي أن يرتسم في هذا الشهود تحقيق معلم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذ هو مطلع معالم خيريتها كما يؤذن بذلك قوله تعالى: "كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون المعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله".
وقال : إن إتقان التخطيط وحسن توظيف الطاقات واستغلال الموارد أمر يعيه كل دارس لحادثة الهجرة ؛ ولابد من توظيف حقيقته في كل شؤون حياتنا ومؤسساتنا ؛ والقائد الناجح يوجه ما لديه من موارد وطاقات كل بحسب ما تأهل له ؛ فلا مكان للعشوائية وتبذير الأوقات والإمكانيات ( إن الله يحب من أحدكم إذا عمل عملا أن يتقنه )؛ ويتعدى الأمر إلى أن يسهم المرء فيرقي بمجتمعه بما حباه الله من قدرات وإبداعات؛ في جو من التكامل والانسجام والنظام ؛ ولعل في قول الله تعالى ما يشير بل يؤكد على ذلك ( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (التوبة:71)؛فعلى الأمة أن تتهيأ لأن تقوم بدور تاريخي في خضم هذا المحيط الإنساني، يكون الدور امتداداً للدور الذي قادها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلّم حتى تتبوأ الإنسانية مبوأ الخير في هذه الحياة الدنيا ، ولتعرف طريقها إلى رضوان الله سبحانه وتعالى .
مشيرا في كلمته إلى أن وزارة الأوقاف وهي تحتفي بهذه المناسبة لترفع أسمى آيات العرفان وأسنى عبارات الشكر والامتنان للمقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وهو يرفل في ثوب الصحة والعافية ، وأن يعيد عليه المولى جلت قدرته وتعالت عظمته هذه المناسبة بكل اليمن والخير والبركة وعلى الشعب العماني المسلم والأمة الإسلامية وهي في مقام العزة والرفعة والتمكين وعهد جديد تكتبه الأمة الإسلامية قاطبة لنفسها وهي تشهد عاما هجريا جديدا تكتسي فيه حلل الإخاء والمحبة ، والصفاء لتبعث وجودها في عالم تعددت توجهاته وتباينت معطياته ؛ وهي ترتدي حلة الشموخ وقد مكن الله تعالى لها مقاليد المحبة وعناقيد الضياء.
بعد ذلك وخلال الاحتفال بهذه المناسبة العطرة تم عرض مقطع مرئي بعنوان هجرة غيرت وجه الحضارة ويلقي الشاعر علي الغنبوصي قصيدة عن المناسبة ومن ثم مقطع مرئي عن الهجرة بعنوان رسول السلام وسيعرض بعد ذلك ألبوم صور بعنوان علمتني الهجرة النبوية وأخيرا عرض فقرة إنشادية .