[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
هل لا يزال هناك دستور في العراق؟ أم أنه سقط وتلاشى وكل ما تبقى منه ورقة بالية تؤخر البلد كثيرا ولا تقدم شيئا البتة.
في جميع احاديث السياسيين في العراق يرددون أن الدستور لا يمكن المساس به ولا يسمحون بالحديث عن إلغائه والتخلص من التركة الثقيلة والمدمرة التي جاء بها دستور عام 2005، الذي تم اقراره في ظل احتلال أجنبي وتحت حماية حراب الأميركيين في مختلف مناطق العراق.
كما يقول السياسيون في العراق أن الدستور صوّت عليه العراقيون في منتصف اكتوبر من العام 2005 وانتهى كل شيء، ورغم وجود حقائق دامغة بخصوص التزوير الذي حصل والتلاعب بأوراق التصويت وتهجير واعتقال وتغييب الملايين من العراقيين في تلك الاثناء، ورغم أن الجميع يعرفون أن ثمة من عمل على تمرير هذا الدستور لتحقيق مصالح حزبية وشخصية وهذه القصص معروفة للعراقيين ولا أريد الخوض بها، إلا أن الوقائع على الأرض والحقائق تؤكد وبذات المنطق الذي يتشدق به السياسيون والحزبيون من داخل المنطقة الخضراء وبما تثبت بالمطلق أن هذا الدستور الخطير والمريب قد أسقطه العراقيون وبنسبة تزيد كثيرا عن تلك التي شاركت في التصويت عليه.
إن الدستور قد أعطى "شرعية" لتسلم الأحزاب العرقية الطائفية الحكم في العراق، وفي ضوء فقراته ومواده جرت الانتخابات، وواصل السياسيون ماراثون سرقة أموال العراقيين وثرواتهم وممارسة الانتهاكات من اعتقالات وتعذيب وقتل وتهجير وتجويع وتصحير معرفي للعراقيين في كل بقعة وفي كل مكان.
لذا، جاء رد فعل العراقيين على النحو التالي:
في الخامس والعشرين من فبراير 2011 خرج العراقيون في 52 مدينة وناحية في جميع محافظات العراق - ما عدا محافظة دهوك- باحتجاجات هائلة، اقتحموا مقارات حكومية واحرقوا بعض الدوائر وجميع حناجرهم تطلق صيحاتها ضد السياسيين والحكومة والعملية السياسية، بمعنى أن الشعب ضد هذا الدستور الذي انتج هذه الطبقة الفاسدة الحاكمة.
خلال عام 2013 واصل الملايين من العراقيين في ست محافظات اعتصاماتهم واحتجاجاتهم الرافضة للسياسيين والحكومة والعملية السياسية، وتواصلت هذه الاعتصامات لعام كامل ، لم تتوقف الهتافات واللافتات والحناجر عن رفض الدستور وما انتجه من حكام وسياسيين، وشملت الاعتصامات تلك أجزاء واسعة من بغداد قبل قمع المعتصمين بالقوة والاعتقالات والتعذيب.
منذ بداية الصيف الحالي ومئات الآلاف من المتظاهرين والمحتجين يواصلون تظاهراتهم في غالبية مدن العراق رافضين الحكومة والسياسيين والقضاء، ويطالبون بمحاكمة السراق والمجرمين، وتؤكد شعاراتهم وهتافاتهم أن جميع المسؤولين والسياسيين من الفاسدين والسراق الذين عاثوا فسادا وتخريبا وتدميرا بالعراق.
وهذا يؤكد رفضا قاطعا للعملية السياسية والدستور الذي انتج هذه المجاميع من الحكام والسياسيين.
وفي حال رسمنا خارطة للأرض والمناطق والمدن التي شهدت هذا الرفض لوجدناها تصل إلى ما نسبته تسعين في المائة من مساحة العراق.
وفي حال أحصينا الفئات المشاركة في هذا الرفض لوجدناها تزيد على التسعين في المائة من الشعب العراقي.
وفي حال أخذنا معيار الوقت لوجدنا أن الرفض قد تواصل على نطاق واسع لأكثر من أربع سنوات، وهي اطول من دورة انتخابية كاملة.
فهل بقي من دستورهم سوى الحديد والنار والتعذيب والتغييب وسرقة المال العام؟