فيينا ـ عواصم ـ وكالات: دعا المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية أمس إيران إلى تبديد كل الشكوك الغربية المتعلقة باحتمال وجود بعد عسكري في برنامجها النووي، مؤكدا إنه مازال يتعين القيام بمزيد من الجهود لانهاء النزاع بين طهران والاسرة الدولية في هذا الشأن.
وقال يوكيا امانو خلال اجتماع مجلس حكام الوكالة المؤلف من مندوبي 35 بلدا، ان الاجراءات الاولى التي تبنتها ايران "تشكل مرحلة ايجابية لكن ما زال يتعين القيام بالكثير لتسوية كل القضايا العالقة".
واضاف المدير الياباني انه "الضروري توضيح كل المسائل المتعلقة ببعد عسكري محتمل، وتطبيق ايران البروتوكول الاضافي" الذي يتيح للوكالة الدولية القيام بمزيد من عمليات التفتيش.
وفي 24 نوفمبر الماضي، انهت ايران ومجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين بالاضافة الى المانيا)، عقدا من المواجهة التي سادها التوتر، بالاتفاق على خطة عمل تستمر ستة اشهر، تحت الاشراف الدقيق للوكالة الدولية للطاقة الذرية من أجل إنهاء الخلاف بصورة نهائية.
وكان الرئيس الايراني حسن روحاني اتهم امس البلدان الغربية بالسعي الى عرقلة تطوير البرنامج النووي.
وقال روحاني "كانوا (الغربيون) يعرفون جميعا ان العلوم النووية في ايران سلمية فقط واجرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عمليات تفتيش استمرت الاف الساعات واكدت عدم وجود اي مؤشر الى انحراف البرنامج النووي الايراني نحو هدف عسكري".
قال امانو "حتى الان، طبقت التدابير المنصوص عنها في خطة العمل المشترك كما هو مقرر". واضاف ان تخفيف المخزون الحساس من اليورانيوم المخصب حتى 20% "بلغ النصف".
واعلن ايضا تعهد 17 دولة عضو بالمساهمة في زيادة ميزانية الوكالة التي ستتيح لها القيام بمهمة المراقبة الموكولة اليها في اتفاق جنيف. لكن الوكالة ما زالت تحتاج الى 1,6 مليون يورو.
وتنص الخطة المطبقة منذ 20 يناير، على تجميد بعض الانشطة النووية الحساسة لايران، مقابل رفع جزئي وموقت للعقوبات الدولية.
وتحاول المفاوضات خلال هذه الفترة تحويل الاتفاق في موعد اقصاه 20 يوليو الى ترتيب نهائي تلغى بموجبه كل العقوبات في مقابل ضمانات اكيدة بأن ايران لن تمتلك القنبلة.
وذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية ايضا في الايام الاخيرة انه لم يتم تركيب اي عنصر مهم في مفاعل اراك الذي يعمل بالماء الثقيل والذي يمكن البلوتونيوم الذي ينتجه ان يدخل يضا في صنع قنبلة نووية.
وعلى هامش مجلس الحكام، يبدأ الخبراء التقنيون لايران والقوى العظمى الاربعاء مناقشات تستمر ثلاثة ايام في العاصمة النمساوية ايضا.
وكان الطرفان اتفقا في فبرابر على جدول اعمال مفصل لمتابعة المفاوضات.
وقال دبلوماسي قريب من الملف ان الاطراف توافقوا حتى الان على سبعة تدابير لتطبيقها قبل 15 مايو. ويشمل واحد منها ما يسميه المفاوضون "الابعاد العسكرية الممكنة" للبرنامج الإيراني.
وما زال الطريق للتوصل الى اتفاق نهائي يبدو طويلا وشاقا. وقال دبلوماسي أمام مجلس الحكام ان "التقدم كان جيدا حتى الان" لكن "الاجزاء الصعبة من المفاوضات ما زالت امامنا"، مشيرا الى ان "الجميع مقتنع بالرغبة في التعاون" لدى الرئيس روحاني وفريق المفاوضين الذين يساعدونه.
وستستقبل فيينا ايضا في 17 مارس الاجتماع المقبل بين ايران ومجموعة 5+1. وستليه اجتماعات اخرى حتى يوليو.
وفي السياق ذاته دعا وزير الخزانة الاميركي جاكوب لو لمنح المفاوضات حول الملف النووي الايراني فرصة، مؤكدا ان اي اتفاق مع طهران لن يرى النور اذا لم يضمن امن اسرائيل.
وقال لو في خطاب امام الاجتماع السنوي للجنة العلاقات الخارجية الاميركية - الاسرائيلية (ايباك)، اكبر لوبي اميركي مؤيد لاسرائيل، انه "من المهم للغاية منح المفاوضات فرصة للنجاح" و"ابقاء القوة كخيار أخير".
وأضاف في كلمته "قبل ان نوافق على اتفاق شامل سيكون على ايران ان تقدم ادلة حقيقية على ان برنامجها النووي سلمي حصرا وانه سيبقى كذلك. هذا الاتفاق لن يتم قبوله الا اذا كان يمنع ايران من ان تهدد اسرائيل، او اي دولة اخرى، بسلاح نووي".
وشارك في الملتقى رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي اعرب عن "قلقه" من مسار المفاوضات بين ايران والدول الكبرى بعدما توصل الطرفان الى اتفاق مرحلي مدته ستة اشهر تعهدت بموجبه طهران بتجميد انشطتها النووية الحساسة مقابل تخفيف العقوبات المفروضة عليها.
واكد الوزير الاميركي ان "هذا التخفيف (للعقوبات) لن يسمح للاقتصاد الايراني بالتعافي من الاضرار الاقتصادية البالغة التي الحقها به برنامج العقوبات".
وأضاف ان تخفيف العقوبات بموجب الاتفاق المرحلي يسمح لايران بان تستعيد فقط 4,2 مليار دولار من اصل 100 مليار دولار تقريبا هي قيمة اموالها المجمدة في مصارف اجنبية، مشيرا الى ان بقية الاجراءات، مثل الرفع الجزئي للحظر المفروض على صادرات البلاستيك وواردات قطع غيار السيارات، "تقل قيمتها عن ملياري دولار".
واكد الوزير الاميركي ان "الغالبية العظمى من عقوباتنا لاتزال مطبقة بصرامة" ولا سيما العقوبات النفطية والمالية، مشددا على ان هذه العقوبات هي ما يدفع ايران الى التفاوض.
وأضاف أنه لهذه الاسباب "نحن الآن لسنا بحاجة الى فرض عقوبات جديدة"، لا بل ان "فرض عقوبات جديدة الان يمكن ان يطيح بالمفاوضات الجارية".
وأكد الوزير أنه بالمقابل "اذا فشلت هذه المفاوضات سنكون أول من يسعى إلى فرض عقوبات أقسى".