[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/samyhamed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سامي حامد[/author]
في الوقت الذي كانت تحتفل فيه مصر بالذكرى الثانية والأربعين لانتصارات السادس من أكتوبر، أطلقت القوات المسلحة المصرية القافلة الأولى لتعمير وتنمية سيناء تنفيذا لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي للبدء فورا في أعمال التنمية في هذه المحافظة المنسية التي ظلت لعقود في انتظار اللحاق بقطار التنمية الذي لم يصل إليها أبدا، حيث كانت الحكومات المتعاقبة تكتفي بإطلاق التصريحات هنا وهناك حول تعمير وتنمية سيناء، وفي النهاية تبقى مشاريع التنمية في أدراج مكاتب المسئولين لتخرج كل عام مع كل مناسبة وطنية ثم تعود أدراجها من جديد إلى مكاتب المسئولين ولا ترى النور أبدا!!
هذه المرة صدقت الحكومة، وصدقت عزيمة وإرادة الجيش المصري الذي تعهد رجاله بمواجهة كافة التحديات والصعاب للحفاظ على مصر وأمنها القومي، وقافلة التنمية التي وصلت سيناء الأسبوع الماضي تمثل المرحلة الثانية للعملية الشاملة "حق الشهيد"، وهو ما يعني أن "حق الشهيد" ليست مجرد عملية عسكرية فقط، بل لها أيضا جانبها التنموي، وهذا ما أكد عليه الرئيس السيسي أكثر من مرة بأن مواجهة الإرهاب ليست عسكرية فقط، بل فكرية وثقافية وتنموية، وهذا هو ما تقوم به الدولة الآن لتنمية وتعمير سيناء، وتخفيف العبء عن أبناء سيناء الذين تضرروا من العمليات الإرهابية، حيث قررت الحكومة البدء في إنشاء مدينة رفح الجديدة واستكمال التشطيبات النهائية لـ1200 وحدة سكنية بمنطقة المساعيد بالعريش، وإنشاء مستشفيات ومدارس جديدة وتطوير وتوسعة الطرق، وكلها مشروعات كانت محافظة شمال سيناء في أشد الحاجة إليها.
إن بدء المرحلة الثانية من عملية "حق الشهيد" لتنمية وتعمير سيناء، تعني في المقام الأول أن الدولة المصرية قد نجحت في القضاء على خطر الإرهاب الذي كان يهدد كيان هذه المحافظة، وأن المرحلة الأولى من عملية "حق الشهيد" قد حققت أهدافها بالقضاء على البؤر الإرهابية، وبالتالي حان وقت البناء والتعمير، وهو ما ألمح إليه اللواء كامل الوزير رئيس أركان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة المصرية حين قال إن الإرهاب عطل العديد من المشروعات التنموية على أرض سيناء خلال الفترة الماضية بسبب قيام الإرهابيين بتهديد المقاولين والعمال القائمين على تنفيذ تلك المشروعات بقتلهم وهدم منازلهم وحرق معداتهم، ما أدى إلى توقف العمل في معظم هذه المشروعات.
ورغم البدء في عملية التنمية في سيناء تستمر عناصر القوات المسلحة المصرية في مواصلة العمليات العسكرية النوعية ضد البؤر والأهداف الإرهابية والجماعات المسلحة، في نطاق عدد من قرى شمال سيناء، بعد تدمير الأهداف الرئيسية والتجمعات المركزية ومخازن المعدات والأسلحة والذخيرة التي تخص الجماعات الإرهابية في سيناء، وإفقادها شبكة واسعة من الملاجئ والخنادق التي تستخدمها في الفرار من عمليات الجيش والشرطة، وكذلك تدمير معظم عربات الدفع الرباعي المسلحة والدراجات البخارية التي تستخدمها العناصر الإرهابية في عملياتها الإجرامية وإحكام السيطرة على كافة الطرق والمحاور الرئيسية، والتخلص من كميات كبيرة من المواد الناسفة ووسائل القتل والتدمير ومعدات ووسائل الاتصال الحديثة.
القوات المسلحة المصرية تتعاون حاليا مع عناصر وزارة الداخلية في توفير التأمين الشامل لكافة المرافق والأهداف الحيوية بمدن (رفح - الشيخ زويد - العريش) والطرق الرئيسية والفرعية المؤدية إليها، وتقديم كافة أوجه الرعاية الصحية والغذائية والاجتماعية، لأهالي المناطق التي تجرى فيها العمليات العسكرية، وتوفير الدعم اللازم لهم، بالتعاون مع محافظة شمال سيناء والسلطات التنفيذية وأجهزة الدولة المختلفة، وذلك تمهيدا لإقامة مناخ تنموي حقيقي يتمكن خلاله أبناء سيناء من النهوض بأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية.
ومن المنتظر أن تشهد الفترة المقبلة نقلة تنموية ضخمة على أراضي سيناء، بدعم من القوات المسلحة ومختلف أجهزة الدولة المصرية، من خلال إنشاء حزمة من المشروعات الجديدة، وضخ استثمارات توفر آلاف فرص العمل لأبناء سيناء، وتهيئة المناخ المناسب لإنجاح جهود التنمية والاستثمار في تلك المنطقة الهامة من أرض مصر، والتعاون مع مختلف الأجهزة المعنية لخلق بيئة عمل مناسبة جاذبة للاستثمارات الجديدة، التي من المنتظر أن تشمل استثمارات تعدينية وصناعية وزراعية .
الدكتور أشرف العربي وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري كشف عن تخصيص استثمارات حكومية بنحو 51 مليار جنيه على مشروعات تنمية محور ومنطقة قناة السويس وتنمية سيناء لتستحوذ على نحو 51% من المشروعات.
والآن وبعد مرور 42 عاما على تحرير سيناء، جاء وقت تطهيرها في حرب لا تقل شراسة عن معارك أكتوبر، ومشروع ومخطط مشابه لإقامة الدولة الإرهابية الكبرى على أرض سيناء وبرعاية أميركية أيضا، وبتنفيذ من جماعات الإرهاب بزعامة الإخوان، ومثلما كانت حرب أكتوبر هي معركة الثأر من إسرائيل، فإن عمليات ومعارك "حق الشهيد" هي استمرار لأكتوبر لاستكمال التحرير والتطهير من فلول الإرهاب وإفشال مخطط الفوضى الخلاقة في المنطقة، الذي تبنته واشنطن منذ تدمير العراق وجيشه، ومن بعده سوريا واليمن، وكادت أن تنجح في مصر لولا الجيش وشعبه الذي تصدى لمشروع الدولة الإسلامية في سيناء.