ب ـ خميس السلطي
تواصلت أمس الفعاليات الثقافية لمعرض مسقط الدولي للكتاب وذلك من خلال جلسة نقدية لصالون فاطمة العلياني الأدبي في ديوان الشاعر خميس قلم قدمتها الدكتورة أمينة ذبيان من الإمارات والتي تحدثت بدورها عن تجربة الشاعر خميس قلم الشعرية، ومدى حضور هذه التجربة في الوسط الثقافي في السلطنة، كما بينت خصوصية الملامح الشعرية الظاهرة على مدى السنوات الماضية.
في الوقت ذاته قدمت الدكتورة سعيدة بنت خاطر الفارسية ورقة عمل تحت عنوان "نساء الضوء" رصد المنجز الشعري النسوي في المشهد العماني. حيث بيّنت في ورقتها أن الكتابات الشعرية النسوية في الوطن العربي بشكل عام بدأت بتعليم الفتيات ، وقبلها كان الشعر يتردد على ألسنة المرأة باللهجة المحكية الشعبية، إذ تم استثناء شاعرات العصور الأدبية المزدهرة كالخنساء وليلى الأخيلية، وعليه بنت المهدي ، وولادة بنت المستكفي ، مشيرة سعيدة بنت خاطر أن في عصور انحسار الحضارة العربية ، يكاد المشهد النسوي يخلو من شاعرات الفصيح إلى منتصف القرن التاسع عشر الميلادي وبدايات العشرين ، حيث بدأ الصوت الشعري النسوي يعود على أيدي المستنيرين من الآباء ، أو الأسر ذات الصبغة الثقافية الأدبية ، ومن ثم ظهرت وردة اليازجي ، وردة الترك ، عائشة التيمورية، ماري عجمي ، أم نزار ( أم الشاعرة نازك الملائكة)، ملك حفني ناصف الملقبة بباحثة البادية ، فاطمة سليمان الأحمد ، الملقبة بفتاة غسان ، وفدوى طوقان، ونازك الملائكة وغيرهن ، وتؤكد في ورقتها أن من الملاحظ أن كل هؤلاء ولدن في أسر مهتمة بالأدب والشعر ، ودرست أغلبهن على أيدي آبائهن وأخوتهن من الرجال ، ومن ثم ولد الشعر النسوي بلغة ذكورية محضة، فالأغراض هي ذات الأغراض التي تداولها الرجل ، إذ كتبتْ المرأة في الوطنيات والقوميات وأجادت في الرثاء كما ورثتْ ذلك من إرثها النسوي العربي ، وكتبت الغزل على استحياء وفق ما تعلمته من الرجل أستاذها بثقافته التراكمية عبر العصور الأدبية المختلفة.
وفي المساء قدم صالون فاطمة العلياني الأدبي أمسية شعرية لعدد من شعراء السلطنة وهم عبد الله العريمي وشميسة النعمانية ومحمود بن حمد، الذين قدموا العديد من القصائد الرائعة وسط حضور ومتابعة أدبية رائعة، حيث عكست قصائدهما جمال الذوق الرفيع في الشعر العماني وبيان التجربة في صور متدفقة رائعة.

تواقيع متنوعة
في الإطار ذاته أقامت الجمعية العمانية للكتاب والأدباء بفندق جولدن توليب حفل توقيعٍ لإصداراتها الحديثة لهذا العام تزامناً مع فعاليات معرض الكتاب في دورته التاسعة عشرة، وسط حضور جميع "كتّاب" هذه الإصدارات والجمهور الأدبي المتذوق لمتابعة جديد الأعمال الأدبية والثقافية بالسلطنة.
حيث حضر الزميل الكاتب الصحفي إيهاب مباشر وهو يوقع على إصداره "حمار في ورطة" الذي يؤكد على حق الكائنات في الحياة والحرية. بلغةٍ مسرحيةٍ موجهةً لعناية الطفل، تخاطب الجانب السلوكي والقيمي في داخله، وسط دعواتٍ تربويةٍ للحفاظ على البيئة والتماهي فيها أكثر والإحساس الوجداني بها، مع تغذية الطفل برسائل اجتماعية مهمة تضع لبناتٍ أخرى على البناء التكويني الجمالي للطفل.
ووقع الكاتب والشاعر معاوية الرواحي "جمجمةٍ مهترئة"، باسطاً عبرها عدة قصصٍ قصيرة تسجل شيئا من التجاذب الفكري في رحلة كونية قصيرة وفق أفقٍ يختص به الكاتب دون سواه.
كما وقع القاص والكاتب سمير العريمي على إصداره الثالث الذي جاء تحت عنوان "عين القطر"، بعد "خشب الورد" و"سفر حتى مطلع الشمس"، لكنه هذه المرة يقف متكئاً على المشهد الإنساني بكل تجلياته وظروفه والمناخات المحيطة به، متنقلاً بخفةٍ بين الواقع والخيال في لعةٍ لا تغادر محيطها، يتكلم فيها الطير والإنسان والجماد، مختاراً للتراث سطوةً وتأثيراً يتحكمان بمقصلة الحياة داخل المجموعة. وفي تجربةٍ طويلةٍ وممتدة، وقع ناصر البدري على مجموعته الشعرية التي هتفت بلغة الأسماء وبحياة أصحابها، مختزلاً في "ملائكة الظل" كل الذكريات الحميمة والتجارب الشعورية الإنسانية في ست عشرة عاماً، مستحضراً شخصيات مؤثرة في حياته الخاصة، من أصدقائه الذين تقاسم معهم قشر الليمون ولهيب الحياة، مسجلاً إعترافات ودية ملأى بالدهشة.
كما وقع الشاعر والكاتب عبد الرزاق الربيعي على ألواح الصبر، في مجموعته الشعرية المثخنة بالجراح "صعوداً إلى صبر أيوب"، وهو يتنقل عبر ثلاثين بوابة بين متاهات التضحيات وملح التجارب وعقيق التحدي، مفضياً إلى فضيلةٍ يحترق من لا يمتلكها، وهو يدّون رصيداً حياً من آلام الإنسان العراثي والعربي، بأثوابٍ عقائدية وتراثيةٍ حبلى بالقصة والغصة والندوب والجمال الذي سحقته الحروب.
وفي تجربةٍ توثيقية، وقعت الدكتورة عائشة الدرمكية تفاصيل الملتقى الخاص بــــ (سيميائيات النص الثقافي في عمان) في مقاربة تحليلية سيميائية، وسط رؤيةٍ تحليلية لأبعاد النص العماني المكتوب والشفاهي على السواء. سيكون مرجعاً مهماً للدارسين والباحثين خصوصاً وأنه ثريٌ بالرؤى والدراسات المعمقة والبحوث ذات الإشتغال الجاد والمتوازن.
كما وقعت رحاب بنت علي الزكوانية على إصدارها الأول حول "رثاء المرأة" في الشعر العماني، من خلال استقصاءٍ دقيق للخصوصية العمانية في تعاطيها مع رثاء المرأة، والعاطفة المتوقدة التي اشتعلت في بوحٍ خاص، مستحضرةً نماذج مميزة من القديم والحديث عبر ثلاثين قصيدة، بلغة مشوقة وسبر عميق للتفاصيل، وتشريح النص وبيان قيمته الفنية والجمالية، والاعتماد في ذلك على نظام إحصائي في استيضاح الجوانب الفنية والجمالية فيه، مع تقديم إيضاحات مثرية لثلاث مراحل شعريةٍ انتقتها الكاتبة بفطنةٍ وكياسة نقدية.
فيما وقعت الدكتورة آمنة الربيع، على "يوم الزينة"، الذي جاء بثوب مسرحي مطرز بفنون يمنية ولبنانية وتونسية وسودانية وعمانية، تمت خياطته على خلفيات سياسية واجتماعية وأيديولجية، يمتاز الإصدار بتناغم وإنساجم بين الفرح والكآبة، ولا يخلو من تقفٍ تاريخي لخصوصية المرأة في البلدان العربية.
ووقع عبدالله خليفة عبدالله على "هسهسات الوحشة" في إصدارٍ قصصي قصير، تتغذى فيه الفكرة من وحيها الوجداني، باعثاً للحنين معانٍ رائقة بأطوارٍ شتى. هذه المرة اختار لمسمفونيته مسمىً فانتازياً: "تكتبني الظلال لأراني"، هكذا يعود مسعود الحمداني إلى الساحة الشعرية الشعبية التي لم يغب عنها يوماً، لكنه يشاكس القارئ بأفكارٍ روحيةٍ مجنونة، منفتحٌ فيه على كل شيء، تاركاً للقارئ حرية ما يعتنق من أفكارٍ وصورٍ يتخيلها بعد كل قصيدة، وهو لا يزال يلوّح بمضمونٍ واحد، في طول المجموعة وعرضها، يكتشف كنهها القارئ مع كل نهاية، حيث البداية إثر كل ظل. تثميناً لاشتغاله النقدي المستمر، وقع د. محمد زروق أيضاً على (الشعلة والمرآة د. صلاح الدين بوجاه) في استقصاءٍ بحثي ونقدي لتفاصيل مثيرة، كعادة زروق الذي يجعل من القارئ بعد كل دراسةٍ ماداً يديه مجلياً ذهنه طالباً المزيد.