"البعد عن الموضوعية، الفبركة، دعم الإرهاب وتجنيد الإرهابيين والتكفيريين، التخفي بأقنعة الكذب والتزوير" كل تلك الصفات وغيرها لم تغب يومًا عن معشر المتآمرين على سوريا والذين اكتسبوا خبرة تراكمية جراء الصياغات والتحريفات والخروج عن اللياقة الأدبية والدبلوماسية والأخلاقية، وحرف الحقيقة عن سياقات واقعها، بل إن طوال المؤامرة وإلى الآن حرص الأستاذ في هذه المجالات على نقل خبراته إلى تلاميذه من العملاء والأدوات وتلقينهم أفانين الكذب والتحريض.
ولم يعد خافيًا على أحد أن معشر المتآمرين على سوريا عملوا طوال مؤامرتهم على اللعب على عامل الزمن من أجل إعطاء عصاباتهم الإرهابية التي دعموها بالمال والسلاح الوقت الكافي لتنال من الشعب السوري، وتدمر دولته، ولذلك فهم يدعمون الإرهاب من تحت الطاولة ومن فوقها، ويقيمون معسكرات تجنيد الإرهابيين والمرتزقة وتدريبهم على أساليب الإرهاب والقتل وارتكاب الجرائم والنصب والسرقة، ويقيمون الجسور الجوية لكل ما يحتاجونه من سلاح متطور وتقليدي، وقد افتضحت هذه التوجهات بصورة كبيرة وواضحة خلال انطلاق جولتي مؤتمر جنيف الثاني، حيث كان الإعلان عن فتح صنابير السلاح الأميركي للعصابات الإرهابية أثناء سير جلسات الجولة الأولى للمؤتمر، ويخرج في الوقت ذاته الداعمون للإرهاب وعملاؤهم على وسائل الإعلام بأقوال تتحدث عن الحل السياسي للأزمة السورية وأهميته لتحقيق تطلعات الشعب السوري. وفي الجولة الثانية لمؤتمر جنيف عمل معشر المتآمرين وأدواتهم وعملاؤهم على إفشال الجولة، وفي الاتجاه الآخر عملوا على تشغيل ماكينات إعلامهم لترويج الدعايات الكاذبة والاتهامات الباطلة ضد الوفد السوري الرسمي بإفشال الجولة الثانية والذي أصر ولا يزال على عدم فشلها.
إلا أنه أيضًا سرعان ما انكشفت الدعايات المفضوحة للمتآمرين وبانت سوءاتهم أمام العالم، حيث كان إفشال الجولة الثانية لمؤتمر جنيف الثاني مقصودًا لذاته وعن سبق إصرار وترصد، نظرًا لما يعده المتآمرون وعملاؤهم وأدواتهم من خطط إرهابية لاستهداف دمشق عاصمة قلب العروبة النابض وبالتالي محاولة كسب الوقت، ولذلك كان لافتًا تعمد ماكينات إعلام المتآمرين تسريب أنباء عن تنسيق أميركي ـ فرنسي لشن عدوان على سوريا، وطبعًا الهدف من ذلك هو محاولة إيقاف الجيش العربي السوري عن مواصلة إنجازاته وتقدمه في القلمون ويبرود، وإثارة الإرباك والتشويش والضغط على الوفد السوري الرسمي المفاوض، خاصة بعد أن رأى المتآمرون أن خططهم وأهدافهم أو بالأحرى أفخاخهم التي بيتوها لمؤتمر جنيف ارتدت عليهم، والدليل على ذلك هو تبليغ الأخضر الإبراهيمي المبعوث الأممي إلى سوريا بإعلان انتهاء الجولة الثانية ووصمها بالفاشلة، والتشديد عليه بعدم تحديد موعد آخر لجلسة ثالثة.
ولذلك فإن اتهام بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة الوفد السوري الرسمي المفاوض في جنيف بما أسماه "غياب الالتزام البناء بالحوار"، لا يخرج عن المزاج العام لمعسكر التآمر تحت الراية الأميركية، فالأمين العام للمنظمة الدولية تجاهل قبول الوفد السوري الرسمي باقتراحات الأخضر الإبراهيمي شريطة أن يأخذ كل بند فيها وقته الكافي للتنفيذ وتحديد آليات ووسائل تنفيذه والاتفاق عليها. كما تجاهل المساعدات الإنسانية التي تحرص الحكومة السورية على إيصالها وتنفيذ شروط وفد ما يسمى "الائتلاف" المسمى اصطلاحًا "المعارضة" بفك الحصار عن مدينة حمص القديمة الذي كان هدفه إغاثة عصابات الإرهاب، وليس المدنيين الذين اتخذتهم تلك العصابات دروعًا بشرية، في حين هناك قرى تحاصرها العصابات الإرهابية وتمارس ضد أهلها التنكيل والإرهاب والقتل، كما هو حال أهالي النبل والزهراء وعدرا العمالية، ومن المقرر قريبًا أن يلتقي وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف الأخضر الإبراهيمي مثلما التقى بان كي مون أمس، والسؤال الذي يطرح نفسه: ماذا بعد في جعبة المتآمرين من خطط وأهداف لكي يضغطوا بها على سوريا؟