[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
يتغير العالم... لكن يظل هناك الكبير والصغير، الأعظم والعادي .. في زمن حمل فيه كبيران المشرط وجلسا يقطعان أوصال الأمة فكانا سايكس وبيكو، ثم تبدلت الأمور فصار السوفييتي والأميركي يصنعان التاريخ .. وها قد عادا من جديد، فليس من مدبر سوى اوباما – بوتين، وليس غيرهما من يوقعان مشيئة الكبار ولعبتهما.
المشكلة أن الولايات المتحدة تتصرف بأحاديتها دون مراجعة الأصيل أو طلبه كما حدث في افغانستان وفي العراق .. أما الروسي فقد جاء بناء على طلب الرئيس السوي بشار الاسد. سوريا حريصة دائما على بناء سياستها بطريقة مؤسساتية .. فهي مثلا لم تدخل إلى لبنان أثناء حربه الداخلية إلا بناء على موافقات عربية ودولية وتحديدا أميركية .. من المؤسف أن الرئيس الراحل حافظ الأسد كان يبغي مساعدة لبنان، أما الأميركي فكان سعيه توريط سوريا في المستنقع اللبناني. لكن السوري عرف يومها كيف يسير الأمور اللبنانية وكيف يتعاطى مع أزمة عالمية في لبنان.
الآن نحن في خضم تعابير واحدة أميركية تريد افساد الخطوة الروسية في سوريا ومعها جوقة عربية وتركية وإسرائيلية، وقد هدد الروسي هذا الجمع بأنه لن يقف مكتوف الأيادي اذا فكر هؤلاء وخصوصا التركي وبعض العربي بمحاولة ايذاء روسيا في سوريا .. أما الروسي فيقولها صراحة وجهارا نهارا وبالفم المليان ان عبر الرئيس بوتين او من خلال رئيس وزرائه ميدفيديف أن السبب الروسي أساسي في التدخل في سوريا، بل ان حماية روسيا صارت متأتية من خلال أمن سوريا، وهذا ليس شعارا، بقدر ما هو حقيقة مثبتة في القراءة المنطقية للمشاركة الروسية التي بدأت كي تنتهي الى ماهو سياسي قائم على حل سياسي.
في سوريا اليوم إذن، انفتح المشهد الحقيقي في العالم على مصراعيه .. لعبت سوريا دورا رائدا في اظهار الحرب الباردة على حقيقتها من خلال السخونة الروسية عندها. صار مهما للقريب والبعيد أن الروسي اظهر حقيقة الصراع الدولي بما هو شكله العلني ولم يترك ايحاء أو كلاما في الصحف. بل إن الروسي يود القول، إن ما طلبه الأسد من مشاركتها كان مدار بحث في روسيا قبل طلبه، وان روسيا تتابع بدقة مجريات الواقع السوري من خلال أشكال مختلفة من الرصد الدقيق، بل تعد انفاس كل إسلامي روسي وصل سوريا للقتال الى جانب الارهابيين، إضافة إلى أنها ترصد بدقة أكثر امكانيات الجيش العربي السوري وتطوراته الميدانية. وبالتالي فهي لم تخف مشاركتها بل ذهبت اليها علنا وهي تعرف أن الأميركي أن لم يخطر بذلك سيكون لديه علم بالخطوة قبل أن تتدحرج.
مواقف أوباما غير المرحبة بالمشاركة الروسية دفاع عن عظمة دولته مقابل عظمة روسية لم تعد نظرية بل جاءت لتغيير المشهد او المشاهد التي حافظت على وضعية ثابتة في سوريا. ولأن ذلك البلد العربي ركن أساسي في خارطة الشرق الأوسط ، فيمكن له بالتالي ان يقدم مشهدا جديدا له دوي عالمي، كما فعل الروس، وكما قد تكون لهم خطوات لم يجر أن قيلت بعد وهي تحتاج لتوقيت كي ترى بالعين.
إنه العالم الذي عندما يتحرك فيه الكبار يتحول الى تاريخ يكتب وصور تتراءى وقصص ستحكى.