[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/khamis.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]خميس التوبي[/author]
في مفاعيل الاستراتيجية الأميركية لمحاربة تنظيم "داعش" الإرهابي، كان الدور لقوى عربية وإقليمية واضحًا، ليس فقط في دعم هذا التنظيم الإرهابي باعتباره عنوانًا عريضًا لهويتها التاريخية ولسياساتها القائمة في المنطقة وإفرازاتها الفكرية المنافية للفطرة السليمة، وإنما أيضًا في تكفلها بترجمة الاستراتيجية الأميركية في وقائع ووسائل ودعم وتحريض وتشويه داخل الدول العربية المستهدفة، ونعني بها تحديدًا سوريا والعراق اللتين طبخت الاستراتيجية خصيصًا لهما، بما يؤدي إلى عملية تآكل داخلي في هاتين الدولتين وصولًا إلى حالة الانهيار والاستسلام أمام أقطاب الاستراتيجية وكافليها.
وإزاء الانتكاسة الكبيرة التي منيت بها الاستراتيجية الأميركية حتى الآن، جراء التدخل الروسي الحازم والصادق في محاربة الإرهاب، لم يكن مثيرًا للدهشة ارتفاع صيحات النباح، كلما أوجعت ضربة روسية إرهاب القاعدة الذي يترعرع تحت مظلة الاستراتيجية الأميركية وتحالفها الستيني؛ لأن الضربات الروسية ـ في الوظيفة والنتيجة ـ لم تسقط ورقة التوت التي كانت تستر عورات المنافقين النابحين، وخداعهم العالم بأنهم "يحاربون" الإرهاب في المنطقة، بل تتسبب في تدمير مشروع بأكمله أريد به التهام سوريا والعراق جغرافيًّا وديموغرافيًّا وثروات، وابتزاز دول المنطقة تحت طائلة شماعة إرهاب "داعش" وطائلة كذبة محاربته؛ لأن بالتهام تينك الدولتين ستفتح البوابات على مصراعيها لما يسمى "مشروع الشرق الأوسط الجديد".
ولذلك، يجهد ذوو أفواه النباح أنفسهم بحثًا عن وسائل ميدانية وسياسية معوقة للعمليات العسكرية الروسية ـ السورية المشتركة، وشل قدرتها، ولم يكن رفض التنسيق مع الجانب الروسي والتعاون معه بتقديم معلومات عن البؤر الإرهابية، واتهامه باستهداف ما يسمى "المعارضة"، سوى محاولات يائسة، ودليل على حجم الألم وشدة الغيظ والحقد، وعلى عدم المصداقية في محاربة الإرهاب.
والمثير للسخرية، والمؤلم في الوقت ذاته، أن تتقدم القوى المتكفلة بدعم استراتيجية رعاية الإرهاب مرة أخرى لتهيئة عوامل النجاح وكامل الأسباب والأساسيات التي تضمن استمرار استراتيجية رعاية ودعم الإرهاب، وصولًا إلى النهايات المرسومة، ملقيةً باللحم والعظم والشحم للجم أفواه النباح، بل ومعولةً على أفواه ـ تحاول تسيُّد المشهد السياسي الدولي بكثرة نباحها من خلال ما تقدمه لها من أطنان اللحم والعظم والشحم عبر اتفاقيات ـ في مواصلة النباح وراء القافلة الروسية ـ السورية في الميدان والسياسة لسوريا. فقد كان لافتًا تصاعد النباح ضد شخص الرئيس السوري بشار الأسد بعدما امتلأت البطون بما رمي إليها من أطنان، لكن أفواه النباح هذه ـ وبحكم خبرتها الطويلة في الحصول على ما تريده عبر نباحها ممن يظنون أنها قادرة على مطاردة الطريدة واصطيادها ـ ستواصل نباحها طمعًا في الحصول على المزيد، موفرة على نفسها الوقت والجهد في البحث عن الجيف في شوارع باريس والأليزيه ولندن وعشرة داوننج ستريت.
إن المراهنة على أطراف لا تجيد سوى النباح وكثرة الكلام لغاية في نفس اقتصادها المتداعي والذي يشهد يوميًّا إضرابات عن العمل وتسريح موظفين، هي مراهنة خاسرة، ولن تقدم أي نتيجة في الدور والوظيفة، مثلما أن المراهنة على الأحصنة السوداء هي الأخرى لن تنجز شيئًا، ولن تتمكن من وضع العربة الروسية ـ السورية أمامها، فالرهان هنا أيضًا على أحصنة معطوبة. ذلك أن الحلف الرباعي يبدو أنه حزم أمره باتجاه ضرب بؤر الإرهاب وشل قدرات عصاباته، ويتفاعل مع عملياته بأسلوب تدريجي محكم ومدروس بعناية، ويسير وفق خطط عسكرية واضحة وحاسمة، بخلاف ما يروج له. وإعلان الولايات المتحدة عن إلقاء مئات الأطنان من السلاح جوًّا لإرهابيي "معارضتها المعتدلة"، صحيح أنها تريد منه إطالة أمد الصراع والاستنزاف للدولة السورية وحلفائها، لكنه في المحصلة يثبت حقيقة الدور الأميركي في الأزمة السورية، وطبيعة النيات التي تحيط بالاستراتيجية الأميركي وتحالفها الستيني.
ومما لا شك فيه، أنه أمام هذا الراهن ستهدر أموال وستراق دماء كثيرة، في لعبة الموت التي يديرها معسكر التآمر والعدوان بقيادة الصهيو ـ أميركي.