موسكو ـ عواصم ـ (الوطن) ـ وكالات:
عبرت روسيا عن رفضها التهديدات التي وجهتها الولايات المتحدة لها على خلفية الأزمة في أوكرانيا وشبه جزيرة القرم، نافية توجيهها أي إنذارات للقوات الأوكرانية، فيما بدأ مجلس الأمن الدولي اجتماعا مفتوحا، في حين تلتقي وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاترين أشتون مع وزير الخارجية الروسي اليوم وسط حالة من الهلع سادت الأسواق المالية، في الوقت الذي تنتظر فيه كييف تقييمات من صندوق النقد الدولي قبل حصولها على مساعدات.
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أن التهديدات التي وجهها إلى روسيا وزير الخارجية الأميركي جون كيري بشأن التطورات الأخيرة في أوكرانيا والقرم غير مقبولة. وجاء في بيان صادر عن الخارجية الروسية أن كيري لم يحاول دراسة العمليات المعقدة الجارية في المجتمع الأوكراني وتقييم الوضع المتدهور بعد أن سيطر متطرفون على السلطة في كييف بالقوة، مشيرا إلى أن الوزير الأميركي يستخدم تعبيرات تعود إلى أيام "الحرب الباردة" ويدعو إلى "معاقبة" روسيا الاتحادية بدلا من المسؤولين عن الانقلاب. وأشار البيان إلى أن الولايات المتحدة بالإضافة إلى دول حليفة لها هي التي تجاهلت جرائم مقاتلين في "الميدان" في كييف ضد خصومهم السياسيين وسكان عاديين وكذلك نزعاتهم المعادية للسامية ولروسيا وإهانة ذكرى أبطال الحرب الوطنية العظمى. وأضاف البيان أن واشنطن تجاهلت أيضا أن السلطات الجديدة في كييف رفضت اتفاق الـ 21 من فبراير الذي وقع عليه وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبولندا وشكلت "حكومة الفائزين" وشنت حربا على اللغة الروسية وكل ما يرتبط بروسيا. وذكرت الخارجية الروسية أن حلفاء الغرب الآن هم نازيون جدد يقومون بتدمير كنائس أرثوذكسية ومعابد يهودية. وأكد بيان الخارجية الروسية أن موقف موسكو يبقى ثابتا وشفافا، مشيرا إلى أن أوكرانيا، وإن كانت مجرد منطقة للعبة جيوسياسية لبعض السياسيين الغربيين، فإنها بلد شقيق بالنسبة لروسيا يرتبط بها على مدى قرون. وجاء في البيان أن موسكو مهتمة بأن تكون أوكرانيا بلدا مستقرا وقويًّا تضمن فيه حقوق ومصالح الأوكرانيين والناطقين بالروسية وكل المواطنين. وأكدت الخارجية الروسية أن الإجراءات التي تتخذها موسكو مناسبة وشرعية تماما، وذلك في الوضع المضطرب الذي يهدد حياة وأمن سكان القرم والمناطق الجنوبية والشرقية في أوكرانيا بسبب استفزازات القوى القومية المتشددة. ودعت الخارجية الروسية إلى تطبيع الوضع في أوكرانيا بأسرع وقت على أساس اتفاق الـ 21 من فبراير، بما في ذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية شرعية تأخذ في الاعتبار مصالح كافة القوى السياسية والأقاليم في أوكرانيا.
كما قالت روسيا إن قوات أسطول البحر الأسود الروسي لا تتدخل في الأحداث السياسية الداخلية في أوكرانيا. وجاء في بيان صادر عن الخارجية الروسية أن كل تحركات قوات الأسطول الروسي في القرم تأتي فقط في إطار مهمة توفير أمن المنشآت التابعة له والحيلولة دون قوع هجمات من قبل متطرفين على مواطنين روس. ورفضت الخارجية الروسية بيان مجلس حلف شمال الأطلسي الصادر يوم الأحد الذي دان روسيا بسبب "التصعيد العسكري في القرم وخرق مبادئ القانون الدولي".
ونفى مقر أسطول البحر الأسود الروسي ما تناقلته بعض وسائل الإعلام الأوكرانية والغربية حول إنذار مزعوم لقائد الأسطول موجه إلى القوات البحرية الأوكرانية وخطط روسية لمهاجمة مواقع الجيش الأوكراني. وجاء في بيان صدر عن مقر الأسطول الروسي: "نحن معتادون على اتهامات تأتي يوميا من وسائل الإعلام الأوكرانية بأننا نستخدم القوة على حد زعمها ضد زملائنا الأوكرانيين". ووصف ما تناقلته وسائل الإعلام بهذا الخصوص بأنه "هراء". وأضاف المقر في بيانه أن هدف هذه الادعاءات مفهوم وليس فيها أي شيء جديد. وأكد أن هذه المحاولات التي تأتي لإثارة النزاع بين روسيا وأوكرانيا في القرم لن تنجح.
وكانت واشنطن حذرت من ان اي انذار توجهه روسيا إلى اوكرانيا في شأن شبه جزيرة القرم سيشكل "تصعيدا خطيرا" في هذه الأزمة الدولية.
وردا على سؤال عن تصريح لمسؤول في وزارة الدفاع الأوكرانية قال فيه ان القوات الروسية وجهت إنذارا إلى الجنود الاوكرانيين في القرم تدعوهم إلى الاستسلام، قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جنيفر بساكي "اذا صح ذلك، فإنه سيكون تصعيدا خطيرا للوضع".
إلى ذلك عقد مجلس الأمن الدولي في وقت متأخر من مساء الأمس اجتماعا مفتوحا لمناقشة الأوضاع في أوكرانيا وشبه جزيرة القرم.
من جانبه اعلن المتحدث باسم وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين اشتون ان الاخيرة ستلتقي اليوم في مدريد وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف لتبحث معه الأزمة في اوكرانيا.
وبعد ذلك تتوجه آشتون الاربعاء الى كييف عشية قمة طارئة لرؤساء دول وحكومات الاتحاد الاوروبي في بروكسل.
وكتب مايكل مان على موقع تويتر "كاثرين اشتون: سالتقي وزير الخارجية الروسي لافروف (الثلاثاء) في مدريد، والاربعاء سأتوجه الى كييف".
من جانبها قالت آشتون في تصريح للصحافيين اثر اجتماع عاجل لوزراء خارجية الاتحاد الاوروبي ان "الحوار على المستويات كافة شيء مهم جدا".
واضافت "نريد حقيقة حل هذا الوضع سريعا، والاهم ايضا بطريقة سلمية".
على الصعيد الاقتصادي ساد الهلع الاسواق المالية حيث تراجع المؤشران الرئيسيان في بورصة موسكو "ميسيكس" و"آر تي اس" ظهر أمس حوالي 10 بالمئة بينما سجل تراجع سعر صرف الروبل ارقاما قياسية امام اليورو والدولار، ما دفع بالبنك المركزي الروسي الى زيادة مفاجئة لمعدل فائدته الرئيسية في محاولة لتهدئة التوتر وضمان "الاستقرار المالي".
من جهته سجل سعر صرف اليورو رقما قياسيا مقابل العملة الروسية في الاسابيع الاخيرة متجاوزا عتبة الـ50 روبل، ليبلغ 51,20 روبل.
اما سعر صرف الدولار فارتفع هو الاخر الى 37,0005 روبل ليتجاوز بذلك مستواه القياسي المسجل اثناء ازمة 2009.
كما سجل سعر الذهب اعلى مستوى له منذ 30 اكتوبر الماضي ليصل الى 1350,37 دولارا للاونصة.
وتدهورت الاسواق المالية من أيضا في كل اوروبا، حيث استثمرت شركات اوروبية عدة بكثافة في روسيا في السنوات الاخيرة بفعل معدلات نمو افضل مما هي عليه في دولها الاصلية. ودفعت بورصة فرانكفورت الثمن الاغلى عندما تدهورت بنسبة تفوق 3 بالمئة.
وايضا افتتحت الاسواق المالية الاسيوية جلسات التداول على تراجع ملموس.
في غضون ذلك يتوقع ان يصل فريق من صندوق النقد الدولي إلى اوكرانيا لبحث خطة مساعدة مع السلطات الاوكرانية الجديدة التي طلبت مساعدة مالية منه، على ما اعلنت المؤسسة النقدية الدولية.
وقال الصندوق في بيان ان البعثة التي ستبقى في البلد حتى 14 مارس "ستعمل على تقييم الوضع الاقتصادي الحالي" و"ستبحث في الاصلاحات التي يمكن ان تشكل اسسا لبرنامج" مساعدة.
واكدت المتحدثة باسم المفوضية الاوروبية بيا اهرنكيلدي ان المفوضية ارسلت خبراء اقتصاديين الى كييف التي وصلوها امس، لكنها لم توضح التفويض الممنوح لهم ولا الفترة التي سيمضونها في اوكرانيا.
الا ان مصدرا اوروبيا اوضح ان "اي دولة عضو لن تتحرك من دون تقييم الحاجات المالية لاوكرانيا من قبل صندوق النقد الدولي".