لا تزيدوا الهوة بينهما

أتذكر ردة فعل صديقة بريطانية لي عندما أخبرتها بأن أمي لا تجيد القراءة والكتابة ولكنها كانت شديدة الحرص على أن نكمل التعليم حتى أعلى مراحله ؛لا تعلم ماذا نتعلم ولكن كانت تحرص على أن نكون أنا وأخواتي وأخي مجتهدين في مدارسنا توقظنا قبل ساعات الفجر تجلس بجانبنا حتى ننتهي من المذاكرة لا تنام حتى ننهي واجباتنا المدرسية ، توبخنا إذا لم نحصل على مراكز متقدمة وعندما أنهينا تعليمنا المدرسي كانت تقول لكل واحد منا :( اختاروا اللي يناسبكم من تخصص في الجامعة ولكن بشرط أن تكونوا قادرين على إكماله بنجاح) لم تكن تعلم ما هو معنى النجاح لكنها تسعد بنتائجنا، كنت أحكي التفاصيل و ريتشل (البريطانية) منبهرة مما تسمعه من تجربتي الخاصة والبسيطة كتجارب الكثير من النساء العمانيات ، بعدها قالت: لن نسبققكم بالكثير ويبدو أنكم ستتجاوزوننا , بل أنتم قدوة يجب أن يستمع إليها العالم حيث لم أتوقع أن المرأة تحظى بكل هذا الاهتمام . كان هذا الحديث قبل يوم المرأة العمانية بعدة أيام ، هذا اليوم الذي يحتفل به المجتمع منذ ما يقارب الخمس سنوات وفي كل سنة تطرح نفس الآراء حول المرأة ومن هي المرأة التي يجب أن يحتفل بها وغيرها من المواضيع التي تتكرر كل عام وتتكرر معه نفس الوجوه (قص ولصق) في المقابل تزيد أعداد الاحتفالات بعضها شكلية فقط تقام لغاية في نفس من نظم الاحتفال وبعضها مفيد كالندوات أو المحاضرات لكن فائدتها وقتية تكون توصياتها مادة دسمة في وسائل الإعلام حينها لكن تطير مع الهواء الساخن الذي يمدد الأشياء فتٌرى كبيرة وبعد ذلك يتركها لتكمل طيرانها وقد تسقط في البحر حيث من الصعب العثور عليها.
وحتى المقالات التي تُكتب تزامناً مع هذا اليوم تكرر نفسها تحلل وتتفاءل مرات وتتشاءم مرات أخرى وتسلط الضوء على التحديات التي تواجه المرأة تطرح حلولا حسب وجهة نظر الكاتب تضرب أمثلة لنماذج نساء ناجحات ولكن لا شيء جديد ، لأن المرأة هي كائن بشري كالرجل حاضرة في المجتمع يجب أن لا نحمل هذا الكائن أكثر مما يحتمل ولا يجب أن نربطها بالنجاح دائماً وأن نربط أي فشل يمكن أن تمر به بالمجتمع والرجل فهي كأي إنسان يمر بحالات مختلفة في حياتة سواء فترات انكسار فترات نجاح وفترات هدوء ومنهن من فضلن التركيز في تربية أطفالهن حتى يصبحوا قادرين على المساهمة في المجتمع وهذا ما يعتبره البعض انتقاصا من المرأة العصرية وأنه تحجيم لدورها ألا يعلمن أن هذا أكبر نجاح للمرأة . أتعجب من بعض ممن يعممن الشعور بالفشل والخذلان أو الانكسار الداخلي وهن حققن نجاح يحسب للمرأة ولكن لم يحققن مأربهن التي بدأت تنكشف بعد أن اختفت وراء ستار صناعة المرأة المثالية أو لم يحصلن على مناصب عليا لسبب أو لآخر ويتكلمن عن سلطة الرجل عليهن وأن المجتمع لم ينصف المرأة مثل هؤلاء النساء المتشائمات يحاولن إحباط الآخريات بل أنهن يجرن المجتمع إلى منعطف خطير يزيد من الهوة بين المرأة والرجل (العدو) وكثير من النساء يتأثرن بهن باعتبارهن قدوة ولكن ...
الرجل أيضاً يمر بهذه المراحل فليس كل الرجال ناجحين وهنا لا يمكن القول بأنهم لا يحصلوا على حقوقهم لذلك هم غير قادرين على مواصلة مشوارهم في الحياة فهناك حالات فردية وأسبابها قد تكون شخصية في كثير من الأحيان، كما أن كثرة الحديث عن المرأة أو استغلال إثارة هذا الموضع بين الحين والآخر يزيد من الهوة بين الجنسين فكثرة الحفر تزيد العمق ولكن تخلف أضرارا عند السقوط اجعلوا الخلق للخالق فلا شيء أجمل من العيش بسلام وحمد الخالق على هذه النعمة .
عند زيارتي لجبل شمس سألت فتاة تبيع ميداليات من الصوف والتي قامت والدتها بتصنيعها فقلت لها أين هي والدتك قالت تذهب لتتعلم القراءة والكتابة لتساعدنا في حل واجباتنا المدرسية... تحية لتلك المرأة في جبل شمس ولكل امرأة ورجل يكافح من أجل مستقبل عُمان .

خولة بنت سلطان الحوسنية
@sahaf03