المفتي العام للسلطنة خلال محاضرة له بجامع الشراة بسمائل:

ـ الحاجة ملحة إلى وجود دعاة مستبصرين بنور الله ولا يفرقون بين أي جزئية من جزئيات هذا الدين

ـ تنطلق دعوات من حناجر دعاة تؤجج نار الفتنة وتدعو لوطيس الحرب لا تبالي بعواقب الأمر

ـ انتهاك حرمة الإنسان إنما هو انتهاك لحرمة الله ولا يحل دم الإنسان إلا بمسوغٍ شرعي

في محاضرة قيمة وشاملة لسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي ـ المفتي العام للسلطنة - والتي ألقاها في جامع الشراة بولاية سمائل ـ قال فيها: إن اجتماعنا ولقاءنا اليوم هو من أجل الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، هذه الدعوة التي جعلها الله لهذه الأمة بمثابة الروح التي تسري في الجسم فتحييه بعد موات، وتجعله يقظاً بعد الغفلة.
موضحاً سماحته بأن الأمة الإسلامية أمة دعوة جعلها الله سبحانه مرتبطة بدعوته، فإن النبي (عليه الصلاة والسلام) أُرسِل بالدعوة كما أُرسِل من قبله المرسلون، وقد بيّن (صلى الله عليه وسلم) أن سبيله في الحياة هو الدعوة إلى الله وكذلك سبيل أتباعه، كما قال ذلك ـ عز من قائل ـ في كتابه العزيز:(قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرةٍ أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين)، وقال تعالى:(ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين)، وقال تعالى كذلك:(ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن).
* الأمة تكونت بالدعوة
مؤكداً سماحة المفتي العام للسلطنة بأن هذه الأمة تكونت بالدعوة، لأن النبي (عليه أفضل الصلاة والسلام) بدأ يسطع بكلمة الله ويدعو إلى الله ويلوح بمشاعل النور في وسط الدياجير المظلمة، والإنسان مستخلف في هذه الأرض جميعاً فانتشل هذه الإنسانية بإخراج الأمة من بينها، هذه الأمة الموصولة بالله تعالى في فكرها وعباداتها وأعمالها وكل جزئية من جزئيات حياتها، فمن هنا فان الأمة تكونت بالدعوة الى الله سبحانه وتعالى لا يبعثها من المنام ولا يوجهها إلى الحق إلا فئة من الناس تهدي إلى الله على بصيرة وتسير على منهج الرشد بحيث تتضلع بأمور الشريعة بحيث تعرف أين تطأ أقدامها وكيف تتصرف في دعوتها فإن هذه الفئة هي التي يجب على الأمة ان تؤسس لها قياداتها وتسارع في طاعتها لتسلك بها مسالك الرشد، فالأمة الإسلامية والإنسانية بأسرها هي بحاجة أيضاً إلى هذه الدعوة، وإذا كان هذه الحاجة لم تزل ولا تزال في العصور السابقة اللاحقة فان عصرنا هذا هو أحوج ما يكون إلى هذه الدعوة في تلاقي ظلمات الجاهلية الحديثة علينا، هذه الظلمات أصبحت سواء بالنسبة للأمة الإسلامية او بالنسبة إلى غيرها فالناس كلهم طغت عليهم الجاهلية إلا من هداه الله سبحانه وتعالى لذلك هم جميعا بحاجة إلى من ينتشلهم من هذا الضياع ويخرجهم من هذه الظلمات ويسير بهم إلى درب الخير.
وأضاف سماحة الشيخ الخليلي: أما بالنسبة إلى الأمة الإسلامية فقد ألحقتها الفتن، هذه الفتن التي اشتد سعيرها وأصبحت للأسف الشديد تؤكد بألسنة دعاتها، هذه الفتنة التي طغت على الأخضر واليابس وأهلكت الحرث والنسل كما تشاهدون وتسمعون جميعاً فالدم الإسلامي أصبح أرخص دمٍ في وقتنا هذا ويُسفك على أيدي المسلمين بعلاتٍ مختلفة ودعاوى متنوعة وكل احد يدعي انه بما يعمل وفيما يقول وبما يدعو إنما هو على النهج القويم ويحرص على أن يكون الناس على هذا النهج، فلقد تناسوا ما عاهدوا الله سبحانه وتعالى عليه وما بينه في كتابه من حرمات دم الإنسان مطلقاً ودم الإنسان المسلم على طريق الخصوص، فالله سبحانه وتعالى يقول:(من اجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل انه من قتل نفساً بغير نفسٍ أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً)، هذا بالنسبة إلى الدم الإنساني على الإطلاق لان الإنسان صنعة الله وقد خلقه الله ليضطلع بأمانته وليقوم بواجب الخلافة في هذه الأرض.
* دم المسلم له حرماته
وقال: ان انتهاك حرمة الإنسان إنما هو انتهاك لحرمة الله ولا يحل دم الإنسان إلا بمسوغٍ شرعي، ومن اجل ذلك كله يؤمر المسلمون ألا يقاتلوا إلا من قاتلهم وان يتفادوا العدوان على أي حال، يقول الله تعالى:(وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين)، فدم المسلم له حرماته، والله سبحانه وتعالى جعل للمسلم حرمة عظيمة، وقد عز من قائل:(ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيما)، والنبي (صلى الله عليه وسلم) حذّر من أن يتقاتل المسلمون فقد قال:(لا ترجعوا من بعدي كفاراً يقتل بعضكم بعضاً)، وقال (عليه الصلاة والسلام):(إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار)، وهذا كله من اجل تحذير هذه الأمة من الانغماس في الفتنة والارتماء في أتونها ومع ذلك تنطلق الدعوات اليوم من حناجر الدعاة مؤكدة بنار هذه الفتنة وداعية إلى اصطلاء وطيس الحرب من غير مبالاة بعواقب الأمر حتى في أماكن مقدسة كـ"عرفة" المكان الذي دعا الرسول إلى احترام حرمات المسلمين وصون أموالهم وأنفسهم وأصبح المسلمون يقاتلون بعضهم بعضاً وتأجيج نار الفتنة بينهم.
* الدين أصبح غريباً
وشدد سماحة المفتي بقوله: هذا يعني ضلالة في العقول وأن الدين أصبح اليوم غريباً بين أهله، وصدق ما قاله النبي (صلى الله عليه وسلم):(إن هذا الدين بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ) فأي غربة أشد من هذه الغربة أن يكون المسلمون مشغولين بأنفسهم ولا يبالون بعد ذلك بما يكون من انتهاك حرماتهم ووطء مقدساتهم وعدم المبالاة بأي حقٍ من حقوقهم لا يبالون بذلك كله وانما يهمهم ان يسفك بعضهم دم بعض، ومن هنا فالحاجة ملحة إلى وجود دعاة مستبصرين بنور الله سبحانه وتعالى ويسيرون على هدي الرسول (صلى الله عليه وسلم) ويستمسكون بكتاب الله وبسنة رسوله ولا يفرقون بين أي جزئية من جزئيات هذا الدين ولا ينتهكون أي حرمة من حرماته بل يحافظون على قدسية تلك الحرمات، والأمة الإسلامية بحاجة إلى ذلك في وقتنا الراهن لان الانسانية أصبحت اليوم تتهاوى وتسقط الى دركات الدنيا بتركها الفضائل والواجبات التي فرضها الله عليها في هذه الحياة الدنيا فمن عزة الى ذلة بين الحضارات الاخرى.