منذ قرابة عقد من الزمن تم إنشاء عقبة العامرات المؤدية إلى ولاية بوشر، بهدف تسهيل الوصول إلى مركز المدينة بسلاسة، كما هدف إنشاءها أيضا إلى تخفيف الضغط عن شارع وادي عدي روي فباتت عقبة العامرات من أهم الطرق المؤدية إلى ولاية بوشر وولاية السيب ومحافظات السلطنة الأخرى وأصبحت عقبة العامرات طوق نجاة للسائقين من الزحام الشديد الذي يصيب شوارع ولاية مطرح وبالأخص وادي عدي روي الوطية والخوير، وذلك رغم تعقيد التصميم وصعوبة المنحنيات وقسوة الجبال وقوة الصعود إلا أن كثير منا يفضل اختصار الطريق عبر هذه العقبة التي شابه اسمها صفاتها ووعورتها وباتت عقبة فعلية لمرتادي الطريق وكما يقال بأنّ كل عقبة لا تقهرها اليوم، ستصبح الشبح الذي يقلق راحتك فيما بعد.
لاحظت منذ برهة من الزمن أنّ عقبة العامرات باتت مزارا سياحيا للكثيرين من السائحين سواء من المواطنين أو الوافدين حين يقفون على الارصفة لالتقاط صور تذكارية من على ارتفاع مئات الأقدام على خلفية مركز المدينة حين يضيء في ليل بهيم يزدان جمالا وحسنا ومنهم من يقضي ليلة رفقة أسرته أو خلانه وصحبه يستمتع في الوقت الراهن بأجواء ربيعية صحوة مع هواء عليل ونسيم لطيف لربما يجعلك تخلد وتستسلم لنوم عميق، نعم تلك هي عقبة العامرات التي تنسيك هموم الصعدة المرهقة للمركبات فتؤنسك بالمارة والزوّار لتسترق عبرها بعض زوايا العاصمة في لقطات نادرة لا ترى في البلاد، فتستمتع فعليا من جهة الشمال في أثناء الهبوط فتمعن النظر على بحر عمان المتلاطم بموجه العاتي كما تنفرد بتصور لوحة فنية جميلة أشبه بلوحات الخيال والتراجيديا المتمثلة في رمال بوشر الذهبية الخاضعة لهيبة الجبال وقسوة الطبيعة فتعطي خيالا صافيا يبهج الناظرين فتحلو المتعة وتزداد بهاء في حلة جبلية لها من الرونق والجمال والطبيعة ما يأخذك إلى تذكر مواقع عالمية شبيهة بعقبة العامرات القاصر، كجبل قاسيون في سوريا وجبال إيران ولبنان وغيرها من المواقع المماثلة التي لم نستلهم منها العبر ولم ندرك منها الفكر فبقيت عقبة العامرات على حالها رغم جمال طبيعتها وحلاوة مرارتها.
إنّ المتأمل لجمال طبيعة عقبة العامرات الساحر بتأثيره الطبيعي والمتخيل صلاحيتها لمواقع فنون التمثيل العالمي (هوليود) ليجد بأنّ عقبة العامرات كنز دفين منسي بين أروقة السياحة العمانية فرغم انقطاع الخدمات وحرمان المارة من أبسط الحقوق وغير ذلك مما يستوجب أن يدفع بمثل هذا الطريق الاكثر من استراتيجي إلا أنه أصبح صديقا وفيا ومخلصا لكثير من السائحين الزائرين الذين يستمتعون فعليا صعود قمة عقبة العامرات فأضحت بذلك تشكل اهتماما بالغا ومقصدا مهما يفد إليه الناس للتأمل والاستمتاع والبهجة رغم حرمانه من كثير من الخدمات الاساسية.
لقد وجه السائحون الزائرون والوافدون إلى عقبة العامرات رسالة قوية إلى الجهات المعنية بالسياحة في البلاد مفادها أن جبال عقبة العامرات موقع يستحق الاستثمار السياحي فهو مكسب كبير ومقوم مهم من مقومات السياحة في البلاد وعامل جذب يجبر السائحين إلى وضعه ضمن أجندتهم السياحية إلا أنه لم نتطرق إليه ضمن أولويات الاقتصاد السياحي ولم نضع خطة مستقبلية تعمل على وضع عقبة العامرات كمزار سياحي يهيأ فيه خدمات المطاعم والمقاهي والجلسات الليلية كما هو حاصل في كثير من بلدان العالم خصوصا وأنه يطلّ على ولاية تتوسط العاصمة مسقط فبقي على حاله بونيس وجليس دون خدمه.
إننا نوجه المعنيين بالاستثمار السياحي وضع عقبة العامرات موضع اهتمام واعتبار ما تملكه من مقومات سيكتب لها النجاح إذا ما وضعت نصب أعين المسؤولين كونها كنز سياحيّ ربما لم يؤخذ بعين الاعتبار إلا أنه من المسلمات التي لا بد من تفهمها واستيعابها خصوصا مع ما نتعرض له حاليا من هبوط حاد لأسعار النفط العالمي.
كما يجب على القائمين بالشؤون السياحية في البلاد البحث عن خيارات أكثر جدية في الاستثمار في هذا المجال خصوصا حينما ندرك بأنّ جغرافية عمان وتضاريسها مرتعا خصبا للاستثمار السياحي ومن امثلة ذلك رمال الخوير الذهبية وعقبة العامرات الجبلية وبر الجصة والمدينة الزرقاء وغيرها من المقومات الأخرى التي تستحق نظرة بعد سياحي خاص وفي ذلك فليتأمل المعنيون بالسياحة في البلاد.

خلفان بن محمد المبسلي
[email protected]