موسكو ـ عواصم ـ وكالات: خرج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمس عن صمته لينفي التورط الروسي في اوكرانيا ويندد بما اعتبره "انقلابا" على فيكتور يانوكوفيتش "الرئيس الشرعي الوحيد"، وذلك بعد بضع ساعات من إعلان واشنطن وقف تعاونها العسكري مع موسكو.
وبدد الرئيس الروسي المخاوف ولو مؤقتا والتي يتحدث عنها الاوكرانيون والغربيون بشأن عملية عسكرية واسعة النطاق في اوكرانيا، حيث اعتبر بوتين ان ارسال قوات روسية "ليس ضروريا حتى الان".
لكنه أضاف أن "هذا الاحتمال قائم" موضحا ان روسيا تحتفظ بحقها في اللجوء الى "كل الوسائل" لحماية مواطنيها في أوكرانيا وخصوصا في القرم حيث تقيم جالية روسية كبيرة.
واستقبلت الاسواق المالية بارتياح تصريحات بوتين بعد موجة من القلق أمس.
وسجلت بورصة لندن ارتفاعا بنسبة واحد في المئة عند الظهر فيما سجل ارتفاع نسبته اثنين في المئة في بورصتي باريس وفرانكفورت. اما بورصة موسكو فسجلت انتعاشا بنسبة خمسة في المئة غداة تراجعها عشرة في المئة.
وفي شبه جزيرة القرم التي تحولت محط انظار القوى الكبرى، استمرت حرب الاعصاب بين الجيش الاوكراني والاف من عناصر القوات الروسية على وقع توتر منذ ايام عدة.
وبعدما التزم الصمت منذ اقالة الرئيس يانوكوفيتش في 22 فبراير بعد ثلاثة اشهر من حركة احتجاجية تحولت الى مواجهة عنيفة، نفى بوتين أمس ان تكون القوات الروسية قد تحركت في القرم مؤكدا ان "قوات دفاع ذاتي محلية" هي التي تحاصر القواعد الاوكرانية.
وردا على سؤال حول السلطات الجديدة في كييف، كرر بوتين انه ليس هناك سوى "رئيس شرعي واحد" هو فيكتور يانوكوفيتش.
واضاف "ليس هناك سوى تقدير واحد لما حصل في كييف واوكرانيا: انه انقلاب مناف للدستور واستيلاء على السلطة بواسطة السلاح".
واتهم الغربيين باللجوء الى "مدربين" لتدريب "وحدات قتالية" في اشارة الى المعارضين الاوكرانيين.
وجاءت تصريحات بوتين التي انتقدها الغرب بعد تصعيد واشنطن للهجتها حيال روسيا عبر وقف اي تعاون عسكري مع موسكو والتهديد بعقوبات جديدة.
ونبه الرئيس باراك اوباما الى ان "الرسالة التي نوصلها الى الروس هي انهم اذا استمروا في مسارهم الحالي فسنبحث مجموعة من الاجراءات الاقتصادية والدبلوماسية التي ستعزل روسيا".
وحذر مسؤول اميركي يرافق وزير الخارجية جون كيري الذي وصل الى كييف من ان عقوبات اميركية ضد روسيا قد تتخذ "على الارجح خلال الاسبوع".
واكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي يزور تونس ان التهديد بعقوبات لن يغير موقف موسكو في اوكرانيا.
وفي موسكو، رد مستشار لبوتين على تهديدات واشنطن وقال سيرغي غلازييف لوكالة ريا نوفوستي ان "محاولات اعلان عقوبات بحق روسيا ستؤدي الى انهيار النظام المالي الاميركي والى نهاية سيطرة الولايات المتحدة على النظام المالي العالمي".
في موازاة ذلك، لجأت موسكو الى السلاح الاقتصادي ضد كييف مع قرارها انهاء خفض سعر الغاز لاوكرانيا بعد اتخاذ قرار في شانه في ديسمبر.
وقال رئيس مجموعة غابروم الروسية الكسي ميلر "بما ان اوكرانيا لا تفي بالتزاماتها ولا تلتزم الاتفاقات حول الخفض قررت غازبروم عدم تمديد مدة هذا الخفض وذلك اعتبارا من الشهر المقبل".
لكن المفوض الاوروبي للطاقة غانتر اوتينغر اعلن أمس ان الاتحاد الاوروبي سيساعد اوكرانيا على تسديد دينها البالغ ملياري دولار الناجم عن شراء الغاز الروسي، كما انه قد يزودها بالغاز.
وصرح اوتينجر أمس في اعقاب اجتماع لوزراء الطاقة الاوروبيين ان "تسديد فواتير الغاز المترتبة على اوكرانيا يحتل مكانة مهمة في برنامج المساعدة الذي صاغته المفوضية الاوروبية".
واضاف ان "نفتوغاز مدينة بنحو ملياري دولار لغازبروم وسنساعدها في تسديد هذه الفاتورة".
واوضح اوتينجر ان "مساعدة المفوضية ستضاف اليها مساعدات من جانب بعض الدول"، لافتا الى ان مساعدة المليار دولار التي اعلنتها الولايات المتحدة أمس ستستخدم ايضا في تسديد هذا الدين.
واكدت الولايات المتحدة أمس انها ستمنح اوكرانيا قرضا بمليار دولار في اطار مساعدة دولية.
في موازاة ذلك، اعلنت مجموعة غازبروم الروسية انها ستلغي اعتبارا من ابريل خفض سعر الغاز الذي منح لاوكرانيا في ديسمبر في اطار خطة لانقاذ الجمهورية السوفييتية السابقة.
واشار اوتينجر ايضا الى انه سيلتقي في 19 مارس وزير الطاقة الاوكراني يوري برودان لبحث المساعدة الاوروبية لكييف.
وستعرض المفوضية الاوروبية اليوم الخطوط الكبرى لمساعدتها لاوكرانيا. وهي تتعاون في هذا الصدد مع صندوق النقد الدولي الذي سيوفر الحصة الكبرى من المساعدة.
وعلى الصعيد الدبلوماسي وصل وزير الخارجية الاميركي جون كيري الى كييف دعما للسلطات الاوكرانية الجديدة.
ويحمل كيري معه مساعدة اقتصادية كبيرة لكييف بعدما عرضت واشنطن منحها مليار دولار في اطار قرض دولي.
وسيتوجه فريق من صندوق النقد الدولي ايضا الى كييف لمناقشة خطة مساعدة للسلطات الجديدة التي طلبت مساعدة مالية من المؤسسة.
من جانبه، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج أمس ان خيارات بريطانيا في التعامل مع روسيا على خلفية الأزمة في أوكرانيا، لا تزال مفتوحة، رغم ما جاء في وثيقة رسمية مسربة بان لندن تعارض فرض عقوبات تجارية على موسكو.
ميدانيا، فان نحو ستة الاف عنصر من القوات الروسية تسيطر على القرم وهي منطقة استراتيجية بالنسبة الى موسكو واسطولها العسكري.
وتطوق القوات الروسية غالبية المواقع الاستراتيجية من بوارج وثكنات ومبان ادارية.
وللمرة الاولى، اطلقت القوات الروسية التي تطوق قاعدة بيلبيك الجوية الاوكرانية في القرم، عيارات نارية تحذيرية على جنود اوكرانيين كانوا يحاولون الاقتراب.
واطلق الروس النار في الهواء حين اقتربت مجموعة من 300 جندي من المطار وفق ما قال الضابط في هذه القاعدة الكسي خراموف.
وقال "لقد اطلقوا عيارات نارية عدة في الهواء وقالوا انهم سيفتحون النار اذا واصل (الجنود) الاقتراب".
وعندها، توقف الجنود الاوكرانيون وبقوا خارج القاعدة بحسب المصدر نفسه.
وفي الامم المتحدة، عقد مجلس الامن أمس جلسة جديدة حول اسوا ازمة بين الروس والغربيين منذ نهاية الحرب الباردة في 1991.
واكد السفير الروسي فيتالي تشوركين ان يانوكوفيتش كان طلب من بوتين مساعدة عسكرية "دفاعا عن الشعب الاوكراني" بعدما باتت اوكرانيا " على شفير حرب اهلية".
من جهته، يعقد حلف شمال الاطلسي اجتماعا جديدا أمس على مستوى السفراء لبحث التطورات في أوكرانيا بناء على طلب بولندا التي تعتبر ان الازمة الاوكرانية تهدد امنها.