اديس ابابا ـ عواصم ـ وكالات: يلتقي وفدا ممثلي رئيس جنوب السودان سلفا كير ونائبه السابق رياك مشار الذي يتزعم حركة تمرد تتواجه مع الجيش منذ منتصف ديسمبر، في اديس ابابا امس مفاوضات لوقف ثلاثة اسابيع من القتال في هذا البلد الفتي.
وتجمع أعضاء الوفدين في فندق فخم في اديس ابابا بينما يحذر العاملون في قطاع العمل الانساني من تفاقم الأزمة الانسانية للمدنيين الذين يؤثر عليهم النزاع المستمر.
وقال عضو في وفد المتمردين لوكالة فرانس برس "نحن مستعدون للمحادثات"، مشيرا في الوقت نفسه الى انه من غير الواضح متى بالضبط ستبدأ الاجتماعات وكيف سيكون شكلها.
ولم يعرف ما اذا كان كل اعضاء الوفدين وصلوا، مما يوحي بان المحادثات المباشرة قد لا تفتتح.
وكان وزير الخارجية الاثيوبي تادروس ادانوم الذي تشارك بلاده في وساطة اقليمية منذ بداية الأزمة صرح ان الجانبين عقدا محادثات غير رسمية، لكن المفاوضات الرسمية لن تبدأ قبل ايام.
ورأت ممثلة الامم المتحدة هيلدي جونسون امام الصحافيين ان مجرد ارسال الوفود امر "ايجابي"، لكن سيتعين ان تترافق المفاوضات مع عملية "اعمق تتركز على المصالحة الوطنية بين الاطراف" بعدما اجبرت اعمال العنف اكثر من مئتي الف شخص على مغادرة منازلهم.
واضافت "شهدنا اعمال عنف رهيبة في الاسبوعين الماضيين وكما نعرف، اذا لم يحاسب احد فسيكون هناك خطر كبير بان يستمر العنف".
ويشهد جنوب السودان منذ 15 ديسمبر معارك عنيفة على خلفية الخصومة بين سلفا كير ورياك مشار الذي اقيل من منصبه في يوليو.
واتهم رئيس جنوب السودان مشار بالقيام بمحاولة انقلاب عسكري، لكن الاخير نفى ذلك مؤكدا ان سلفا كير يسعى الى تصفية خصومه.
واكد المتحدث باسم حكومة جنوب السودان سقوط مدينة بور الاستراتيجية عاصمة ولاية جونقلي (شرق) في ايدي المتمردين من جديد، الا انه قال ان الجيش ما زال موجودا "في الجوار".
وهي المرة الثالثة منذ بدء المعارك في 15 اكتوبر تنتقل فيها المدينة من سيطرة فريق الى اخر.
وكان رياك مشار رفض اي وقف لاطلاق النار واي لقاء وجها لوجه مع سلفا كير في الوقت الحاضر. وقال ان حركة التمرد تزحف ايضا نحو جوبا عاصمة جنوب السودان.
وقال مسؤولون في الامم المتحدة ان النزاع اسفر عن سقوط آلاف القتلى ونزوح نحو مئتي الف شخص.
وذكرت اللجنة الدولية للصليب الاحمر ان عشرات الآلاف من الاشخاص فروا بصورة خاصة من ولاية جونقلي وعبروا النيل الابيض ليلجأوا الى ولاية البحيرات المجاورة.
كما وردت معلومات حول حصول عمليات اغتصاب وقتل ومجازر ذات طابع قبلي.
وفضلا عن الخصومة السياسية القديمة، يتخذ النزاع الاخير ايضا بعدا قبليا اذ ان الخصومة بين كير ومشار تاتي تندرج ضمن العداء بين قبيلة الدينكا التي ينتمي اليها كير وقبيلة النوير التي ينتمي اليها مشار، وتزيد من حدة هذه الخصومة.
ونددت بعثة الامم المتحدة في جنوب السودان ب"الفظائع" المرتكبة من قبل الطرفين، مشيرة الى امكانية فتح تحقيق.
واشارت هيلدي جونسون الى عمليات قتل مدنيين واسر جنود في جوبا وبور وايضا في ملكال عاصمة ولاية النيل الاعلى (شمال شرق).
ورغم انذار وجهته الدول الاعضاء الهيئة الحكومية للتنمية في شرق افريقيا (ايجاد) الى طرفي النزاع لوقف الاعمال الحربية قبل 31 ديسمبر، ما زالت المعارك مستمرة على الارض.
ومع ذلك، وصفت الولايات المتحدة راعية استقلال جنوب السودان وداعمه الرئيسي، مسبقا بدء هذه المحادثات ب"خطوة اولى مهمة".
وقالت "ايجاد" المنظمة الاقليمية التي ستشرف على المفاوضات بين الجانبين ان هذه المحادثات ستتناول في مرحلة اولى طريقة تنفيذ وقف لاطلاق النار ثم طريقة حل الخلافات السياسية التي "قادت الى المواجهة الحالية".
واخيرا، عبر الاتحاد الافريقي "حزن افريقيا وخيبة املها لرؤية أحدث دولة في القارة تنحدر بسرعة كبيرة الى اتون النزاعات الداخلية"، وحذر من "حرب اهلية شاملة تكون عواقبها وخيمة على السلام والامن والاستقرار الاقليمي".
وهدد مجلس السلم والامن في الاتحاد الافريقي بفرض "عقوبات محددة الاهداف" على جميع من "يحرضون على العنف" او "يرتكبون اعمال عنف ضد المدنيين والمقاتلين المجردين من السلاح".
وصرح مصدر عسكري من جنوب السودان بأن القتال يتواصل بلا هوادة في جنوب السودان بينما يتأهب الجانبان لبدء محادثات سلام بينهما في إثيوبيا ، وذلك بعدما أعلن الرئيس سيلفا كير حالة الطوارئ أمس في ولايتي الوحدة وجونقلي.
وقال متحدث باسم جيش جنوب السودان لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي.) إن الاشتباكات مستمرة في مدينة بور بولاية جونقلي وفي أجزاء من ولاية الوحدة.
وقد أرسلت كل من الحكومة والمتمردين فرقا للتفاوض إلى العاصمة الإثيوبية.
وقد تدهورت الأحوال في معسكر أويريال للاجئين على ضفاف النيل ، الذي أصبح الآن مأوى لنحو 75 ألف شخص فروا من القتال في عاصمة ولاية جونقلي التي استولى عليها المتمردون. وقال ديفيد ناش من هيئة "إم إس إف" الطبية لـ"بي.بي.سي." :"لا توجد مياه صالحة للشرب .. الناس يشربون المياه من نهر النيل مباشرة. وهي مياه طينية ، وليست جيدة. وليس هناك مراحيض ، ولذلك يتبرز الناس في الخلاء. وتلك ظروف مناسبة جدا لانتشار الكوليرا".