[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/tarekashkar.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]طارق أشقر [/author]
يتوجه الناخبون العمانيوين اليوم الأحد الخامس والعشرين من أكتوبر لمقار الاقتراع المنتشرة بمختلف أنحاء السلطنة كل حسب المركز المحدد للتصويت فيه، وذلك في إطار من التفاعل الجماهيري مع انتخابات الجولة الثامنة لمجلس الشورى، حيث بينت كافة مراحلها الأولية تعاطي المواطنين معها بوعي سياسي واضح بدءاً من التسجيل في السجل الانتخابي للناخبين الجدد، مروراً بالترشح للمرشحين، وصولا إلى الاقتراع اليوم الذي يتوقع المراقبون انجازه بنجاح، مستندين في ذلك على اكتمال كافة الترتيبات اللازمة لاتمام العملية الانتخابية.
وكمشاركة شعبية استقت اسمها الشوري من الموروث الثقافي العماني التليد، تعتبر العملية الانتخابية اليوم استحقاق عماني بجدارة، كونها تجربة عمانية لها خصوصيتها اذا ما قورنت بالتجارب الشورية العربية الأخرى او الديمقراطية الليبرالية الغربية، حيث أسهم تدرجها المرحلي في تطور التجربة في اضفاء الخصوصية عليها دون تطبيق حرفي لنماذج منقولة، وبلا حرق للمراحل في مسيرة ممارسة العملية الشوروية العمانية، وبلا تلكؤ في تطوير التجربة التي تجسد في نهاية الأمر توسيع مواعين المشاركة الشعبية في مختلف عمليات التنمية بالبلاد.
لقد تمثلت الجدارة في الحرص على توسيع مواعين المشاركة الشعبية منذ انطلاق التجربة الأولى التي بدأت بالمجلس الاستشاري في عام 1981، فتطور الاداء الشعبي في المساهمة مع الحكومة في العملية التنموية، فأنشئ بذلك مجلس الشورى في عام 1991 ليكون بديلا عن المجلس الاستشاري مبرهنا على جدارة الممارسة الشعبية ونضوجها.
وفي مواكبة طبيعية واعية ومدروسة للمتغيرات الاجتماعية والسياسية بالسلطنة ، تطور المجلس بتوسيع صلاحياته واختصاصاته فمنح صلاحيات تشريعية ورقابية بموجب المرسوم السلطاني رقم 39 /2011 . فلم يقف التوسع في المشاركة الشعبية في هذا الحد، بل اعتبرت تجربة مجلس الشورى بمثابة نواة انطلقت منها المشاركة الشعبية إلى آفاق أخرى أرحب تمثلت في انشاء المجالس البلدية ايضا لتكتمل الجدارة العمانية في المشاركة الشعبية بكل صورها.
ومنذ انطلاق الترتيبات الأولى للعملية الانتخابية الجارية حاليا ، أكد العمانيون حرصهم على اكتمال المنجز الانتخابي عبر تمثيل كافة عناصر المجتمع، فاتسعت دائرة تناول أهمية تشجيع المرأة على الاستفادة من كل ما أتيح لها من فرص ساوتها بالرجل في الانتخاب والترشح دون تمييز، داعين لها بأن تحرص على تخطي عقباتها، حاثين المجتمع المحلي بأن يشد من أزرها والوقوف بجانبها من أجل الدفع بها نحو المجلس بكل ثقة خصوصا وأنها أثبتت جدارتها عمليا في كافة المجالات العملية الأخرى كأم ومعلمة وطبيبة ومهندسة وسفيرة ووزيرة وكعضوة ايضاً.
فإن كانت هناك أي عقبات اجتماعية ربما واجهت المرأة في بعض الدورات السابقة، فإن التطور الطبيعي للمجتمع وتراجع مستوى الأمية الأبجدية وغير الأبجدية، واتساع وعي الشعب بأهمية أن يكون المعيار العلمي والادراكي العنصر الأهم ضمن عناصر تقييم العضو المرشح لدخول المجلس بغض النظر عن نوعه ذكراً كان أم انثى ، أصبحت الفرص اوسع لفوز المرأة بعدد من مقاعد المجلس في دورته الثامنة ، خصوصا وأن الاعلام المحلي اشتغل على هذا الجانب بمجهود واضح ممارساً دوره التوعوي الهام داعياً المجتمع إعلاميا وإعلانيا لمساندة المرأة لشغل مقاعدها تحت قبة المجلس .
وبهذا التضافر بين الكثير من فئات المجتمع من أجل انجاح مشاركة المرأة ووصولها كمرشحة وعضو فاعل ، تتكامل الجدارة العمانية في الايفاء بالاستحقاق الانتخابي اليوم آملين في انتهاء الانتخابات بنجاح يؤكد حضارية الممارسة الشعبية الانتخابية بالسلطنة.