إن من أفضل المراجع المكتوبة للعودة إليه في موضوع الصكوك هو المعيار الشرعي الوارد في كتاب المعايير الشرعية الصادر عن هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالة اللإسلامية في البحرين، التي تعتمد عليها المصارف الإسلامية في تنفيذ معاملاتها المصرفية، ومنها إصدار الصكوك.
ويُسمى إصدار الصكوك التوريق ويطلق عليه التصكيك والتسنيد، وهو تقسيم ملكية الموجودات من الأعيان أو المنافع أو منهما معاً إلى وحدات متساوية القيمة، وإصدار صكوك بقيمتها. وهذا بخلاف إصدار السندات الربوية فإنها تمثل في حقيقتها قرضاً، وينطبق عليها معنى القرض في حقيقته الشرعية، ولما كان كل قرض اشترطت فيه الزيادة فهو ربا، وكان إصدار السندات قائماً على الإقراض بفائدة، كان إصدارها محرماً شرعاً.
والصكوك الأكثر إصداراً وتداولاً في الأسواق المالية كما هو ملخص في هذا العرض، هي صكوك الإجارة التي تمثل ملكية الموجودات المؤجرة. فهي وثائق متساوية القيمة يُصدرها مالكُ عَيْن مؤجرة أو عَيْن موعود باستئجارها، أو يصدرها وسيط مالي ينوب عن المالك، على أساس عقد من العقود المشروعة، بغرض بيعها واستيفاء ثمنها من حصيلة الاكتتاب فيها، وتصبح العَيْن مملوكة لحملة الصكوك وذلك بتقسيمها إلى حصص متساوية وإصدار صكوك بقيمتها، بحيث تمثل الصكوك حصصاً شائعة في ملكية العيْن. أما الديون في الذمم فلا يجوز تصكيكها (توريقها) لغرض تداولها، مع وجوب تحديد الثمن لنَفْي الجهالة والغرر.
ويكون المكتتبون في الصكوك مشترين للعيْن، وحصيلة الاكتتاب هي ثمن الشراء، ويَملِك حملة الصكوك تلك الموجودات على الشيوع بغُنْمِها وغُرْمِها وذلك على أساس المشاركة فيما بينهم.
تمثل نشرة إصدار الصكوك الدعوة التي يوجهها مُصدِرُها إلى المكتتبين، ويمثل الاكتتاب في الصك الإيجاب. وتنعقد العقود الشرعية بكل ما يدل على الرضا من غير اشتراط صيغة معينة، ولا مانع أن يكون الموجب واحداً والقابل عدداً كبيراً. وتتضمن نشرة الإصدار شروط التعاقد والبيانات الكافية عن المشاركين في الإصدار وصفاتهم الشرعية وحقوقهم وواجبتهم، وذلك مثل وكيل الإصدار، ومدير الإصدار، ومنظم الإصدار، وأمين الاستثمار، ومتعهد التغطية، ووكيل الدفع وغيرهم، كما تتضمن شروط تعيينهم وعزلهم.
كما تتضمن نشرة إصدار تحديد العقد الذي تصدر الصكوك على أساسه، وأن يكون العقد الذي أصدر الصك على أساسه مستوفياً لأركانه وشروطه، وأن لا يتضمن شرطاً ينافي مقتضاه أو يخالف أحكامه مع الالتزام بأحكام الشريعة الاسلامية ومبادئها، وعلى وجود هيئة شرعية تعتمد آلية الإصدار وتراقب تنفيذه طوال مدته على أن تستثمر حصيلة الصكوك وما تتحول إليه تلك الحصيلة من موجودات بصيغة من صِيَغ الاستثمار الشرعية.
تصدر الصكوك لآجال قصيرة، أو متوسطة، أو طويلة بالضوابط الشرعية وقد تصدر دون تحديد أجل، وذلك بحسب طبيعة العقد الذي تصدر الصكوك على أساسه، ويجوز تداول الصكوك إذا كانت تمثل حصة شائعة في ملكية موجودات من أعيان أو منافع أو خدمات، بعد قفل باب الاكتتاب وتخصيص الصكوك وبدء النشاط وحتى نهاية أجلها، كما يجوز استرداد صكوك ملكية الموجودات المؤجرة من مُصدرها قبل أجَلها بسعر السوق، أو بالسعر الذي يتراضى عليه حاملُ الصك ومُصدرُه حين الاسترداد.

أنور مصباح سوبرة
المراجع الشرعي الداخلي
بنك نزوى