[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
كل تلك السنين المليئة بالعذاب العراقي والرجل صامت عن الحقيقة، إلى أن قالها أخيرا معترفا بأخطائه التي لا نقع لها بعدما جاءت متأخرة 12 سنة حدث فيها كل تلك الفواجع، بل إنها كانت الأصل في ما وصلت إليه الأمور في عالمنا العربي.
توني بلير قال لإحدى المحطات الفضائية إن الخطأ الأميركي في العراق كان شريكا فيه، وإن تلك الحرب التي ذهبت ببلد كامل نتيجة الكذب الرخيص الذي مورس حول وجود أسلحة دمار شامل، إنما عكست الحس الاستعماري الثابت في السياستين البريطانية والأميركية والذي توج باحتلال أميركي للعراق ثم تبين أن لا أسلحة دمار شامل، ليتبين لاحقا أن الأميركي والبريطاني كانا يعرفان حقيقة الأمر لكن الإصرار على الاحتلال ظل الأساس. هذا الاعتراف أوصل بلير إلى القول بأن هذه الحرب على العراق أدت إلى ظهور تنظيم "داعش"، ولكي لا ينسى أيضا، فإنها كانت المقدمة لهذا الجحيم الذي "ينعم" به العرب وأصله من نتائج تلك الحرب.
ومع كل المآسي التي خلفتها حرب العراق، ظل الأميركي والبريطاني وغيرهما على تكرار الخطأ باتهام إيران مثلا بالسلاح النووي الذي ثبت أيضا أنه غير موجود، كما وصل الأمر إلى حدود اتهام سوريا باستعمال سلاح كيميائي تبين لاحقا أن الجماعات الإرهابية هي من استعملته على حد ما أثبته وزير الخارجية الروسي لافروف.
هؤلاء المسؤولون لم يشبعوا من تدمير العراق بطريقة مدروسة وواعية وبمعرفة موثقة بكل ما كان يمتلكه، بل حاولوا مع إيران بطريقة الخداع والكذب، وحين أخفقوا لعجز في المواجهة معها اضطروا إلى توقيع اتفاق والتسليم المرغم به، لكنهم ما زالوا في سوريا يمارسون أشكالا من الأخطار المدروسة أيضا والتي تريد الذهاب ببلد كامل كونه مارس قراره الذاتي واراد استقلالا في ثوابته الوطنية بل مارس حريته كبلد، وهذا ما لا ترضاه الولايات المتحدة ولها في ذلك عشرات الأمثلة في العالم.
وماذا ينفع اعتراف متأخر سوى أنه يشير إلى صفاقة الدول الكبرى ونظرتها الاستعمارية الثابتة تجاه دول كان له سعي دائم بالتحرر من تبعيتها، وهو الأمر الممنوع ممارسته بأي شكل كان. بل ماذا يلزم هذا الاعتراف أولئك المعتدين وعلامات الندم غير واضحة ولن تكون، فهذا بلير معروفة مواقفه في القضية الفلسطينية وفي ميوله الصهيونية، ومن المؤسف أن بعض العرب يأنس له ويهتم بوجوده في تلك الرباعية.
ومن المؤسف أيضا أن هذا العالم لن يرعوي عن غاياته، بل سيبقى مصرا على أهدافه مهما كذب في تاريخه الأسود، والسبب الأكبر في ذلك، مواقف بعض العرب بالربت على كتفه إلى حد الدعم في مواقفه وبالذات الكاذبة منها.
بلير إذن لا يعترف بأخطائه بل بخطاياه، بتلك الارتكابات المتوحشة التي أدت إلى خلق إرهاب على شاكلته. وكذبة حطمت بلدا اسمه العراق له ما له من تاريخ أقدم حضارة من كل عمر أميركا وبريطانيا .. من الصعب إذن دفن المآسي كما حدث في بلاد الرافدين .. وكما يحصل في سوريا. هو الاختصار لتاريخ من الذنوب المتكررة.. فلن ننسى ولن نغفر.