* المدينة المقدسة بحاجة إلى دعم لتعزيز صمود أبناءها

* الاحتلال يهدد بهدم بحوالي 19 ألف منزلا فى القدس المحتلة

* إسرائيل تحاصر القدس بالكامل وتعزلها عن محيطها بالضفة في محاولات لطمس الهوية العربية لها والعمل على تهويدها

* نتنياهو يلوح بسحب المواطنة من المقدسيين

* الدعم العربي قليل جدا لا يغطي 5% من احتياجات القدس

القدس المحتلة من رشيد هلال :
تشهد الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشريف وقطاع غزة حراكاً جماهيرياً غاضباً نصرة للمسجد الأقصى المبارك، ورفضاً لممارسات الاحتلال الاسرائيلي بحق الأماكن المقدسة المسيحية والإسلامية في المدينة المقدسة. وبالرغم من سقوط عشرات الشهداء وإصابة الاف الفلسطينيين إلا أن أبناء الشعب الفلسطيني يؤكدون في كل مناسبة وفي كل يوم على أن المسجد الأقصى المبارك يمثل رمزاً دينيا ووطنياً للشعب الفلسطيني في كافة أماكن واجده، ولن يسمحوا للمحتل الاسرائيلي الغاصب الاستمرار في تدنيسه.
ويقول أحمد الرويضي مستشار ديوان الرئاسة لشؤون القدس في حوار مع (الوطن) إن انتفاضة القدس مستمرة مادام الاحتلال مستمر فى جرائمه بحق الأقصى والمقدسيين. والقدس بحاجة إلى دعم لتعزيز صمود أبناءها الذين يتهددهم خطر الترحيل من مدينتهم وبلدية الاحتلال تهدد بهدم بحوالي 19 ألف منزلا فى القدس المحتلة .
* ما هى الاسباب الكامنة وراء تفجر انتفاضة وهبة القدس ؟
** إسرائيل تحاصر القدس بالكامل وتعزلها عن محيطها بالضفة الغربية وتعمل على محاولة تغيير التركيبة الديموغرافية الجغرافية على الأرض بمحاولة طمس معالم المدينة العربية وخلق مدينة يهودية بارث يهودي مصطنع، وبالتالي البرنامج الإسرائيلي يسير في القدس بعدة اتجاهات على راسها تغيير الواقع الديموغرافي بتقليص نسبة الوجود العربي حيث يبلغ عدد السكان الفلسطينين في القدس الشرقية 350 الف نسمة تقريبا يشكلون ما مجموعة 38.8% من مجمل سكان المدينة في شقيها الشرقي والغربي، وتحاول إسرائيل أن تقلص من هذه النسبة الى ما لا يتجاوز 15% من مجمل سكان المدينة بشقيها وبالتالي هي تسعى على تهجير ما مجموعة 20% من السكان الفلسطينين، ومن هنا تأتي سياسة سحب هويات المقدسين والغاء اقامتهم في القدس ومنع البناء لهم حيث يسمح في البناء على ما نسبته 12% من القدس الشرقية هذا أدى الى هجرة بعض سكان المدينة الفلسطينين المدينة والاقامة خارجها في الاحياء التابعة لمحافظات رام الله وبيت لحم او بعض الاحياء المقدسية التي لا تعتبرها بلدية الاحتلال جزءا من المدينة المقدسة وهذا يقدر بحوالي 100 الف مواطن مقدسي مهدد بالغاء اقامته ومنعه من العودة والوصول الى مدينة القدس المحاصرة بجدار الفصل العنصري، والآن بدأت وتيرة تهديد الحكومة الإسرائيلية تتصاعد مع انتفاضة القدس بالتلويح بسحب المواطنة (بطاقات الهويات الزرقاء) من المقدسيين ، فى كل من شعفاط وكفر عقب والسواحرة القاطنين خارج اسوار الفصل العنصري .
المقدسيون عانوا قبل هبة وانتفاضة القدس من التضييقات المتواصلة من بلدية الاحتلال التى لا تسمح باصدر رخص بناء لمساكنهم ، مما دفع البعض البناء بدون ترخيص في القدس حيث يقدر عدد المنازل غير المرخصة والمهددة بالهدم بقرار إسرائيلي بحوالي 19 ألف منزلا، هذا التضيق الديموغرافي رافقه تضيق جغرافي بمنع توسع الاحياء العربية بالمدينة ومنع البناء العربي كما اشرنا الى أن 12% فقد يسمح بالبناء فيها في حين ما نسته 42% من مساحة القدس الشرقية مخصصة لبناء الاستيطان، وبالتالي مع زيادة بناء المستوطنات وهدم منازل الفلسطينيين والتضييق عليهم اقتصاديا واجتماعيا واغلاق مؤسساتهم التي تخدم المجتمع المحلي ومحاولة فرض التعليم الإسرائيلي على المقدسيين ترافق ذلك مع مشروع إسرائيل في المسجد الأقصى المبارك الذي يعتبر المقدسيون المساس بها كما الشعب الفلسطيني جريمة دينية تمس عقيدتهم، وتلخص المشروع الإسرائيلي بمحاولة فرض تقسيم زماني في المرحلة الاولى بتخصيص فترات يسمح لليهود دون المسلمين من دخول المسجد الاقصى ومنع المسلمين او تحديد اعمار وكانت إسرائيل تخطط للتقسيم المكاني في المرحلة الثانية وصولا الى الهيكل المزعوم بعد هدم المسجد الأقصى حسب المخططات والنشرات التي تصدرها جماعات استيطانية تدعمها الحكومة الإسرائيلية.
صور الاعتداءات على الأقصى والمرابطين والمرابطات ومع الضغط الاقتصادي والسياسيات المتبعة سابقة الذكر كل ذلك خلق ردة فعل مقدسية لمقاومة الاحتلال كانت القدس بانتظار شرارة تطلق غضب شعبي فيها وكان استشهاد الفتي محمد ابو خضير وحرقة بدم بارد من قبل متطرفين يهود والذي حاول الاحتلال اخفاء جريمتهم بالمرحلة الاولى لولا اشرطة الفيديو التي سجلتها كاميرات محلات تجارية مجاورة لمنزله حيث مكان اختطافه، ثم الاعتداء على المسجد الأقصى أدى الى انطلاق غضب شعبي في المدينة دفاعا عن المسجد الأقصى ودفاع عن حرية المقدسيين في مدينتهم ومواجهة اجرارات الضغط الإسرائيلي على الناس.
* هل يمكن لإسرائيل أن توقف انتفاضة القدس من خلال سياساتها الدموية المتبعة فى القدس ؟
** إسرائيل اعتقدت انها تستطيع القضاء على هذه الهبة الشعبية بالضغط على المقدسيين اكثر وقتل الناس بدم بارد ووضع الحواجز العسكرية وفرض العقوبات الجماعية وهدم منازل الشهداء وسحب هويات عائلاتهم واغلاق المسجد الأقصى المبارك في وجهم للصلاة فيه وخاصة يوم الجمعة انها بذلك تقضي على غضبة القدس لكن كان ردة فعل الناس عكسية حيث زاد انتماء الناس وارتباطهم ومقاومتهم للاحتلال، لكن الاخطر كان امرين بالقرارات الإسرائيلية إضافة الى التهديدات السابقة هو استمرار إسرائيل بالاحتفاظ بجثامين الشهداء المقدسيين وتهدد بسحب هويات والغاء اقامة سكان مخيم شعفاط وكفر عقب طريق في طرد الفلسطينيين من المدينة، حيث يكشف الوجه الحقيقي للاحتلال ويؤكد كذب نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة التي تسعى جاهده للاستيلاء على المقدسات الاسلامية في القدس وطرد الناس بكل السبل.
لا شك اذا ما استمرت سياسة العصا الإسرائيلية وغياب افق سياسي لدى اهل القدس واستمرار الحوجز العسكرية والتفتيش وهدم المنازل وبلا شك بشكل خاص استمرار الاعتداء على المسجد الأقصى المبارك ومحاولة تقسيمه زمانيا ومكانيا ومنع المسلمين من الصلاة بحرية في المسجد الأقصى والاعتداء على المرابطات وطلبة العلم في المسجد واستمرار اقتحام المستوطنين للأقصى بحماية الجيش الإسرائيلي فان غضب الشارع المقدسي كما غضب كل الشعب الفلسطيني سيستمر ولا يستطيع نتنياهو باحراءاته أن يوقف غضب الناس وانتفاضتهم الرافضة لوجوده، ففيما يتعلق بالمسجد الأقصى المبارك لن يقبل المقدسيون باقل من العودة إلى الوضع التاريخي القائم بالمسجد الأقصى كما كان في العام 1967 واستمر حتى العام 2000 حيث انطلقت الانتفاضة الثانية بدخول شارون للاقصى، والوضع التاريخي القائم معناه أن يستمر ادارة المسجد الأقصى من قبل دائرة الاوقاف الإسلامية الاردنية وتشمل الإدارة الامنية والمدنية والفنية بما فيها حراسة المسجد ويمنع زيارة المستوطنين اليهود المتطرفين، فان من شان ذلك أن يخفف من حدة غضب الناس لكن بلا شك أن استمرار اقتحام الأقصى والاعتداء على المرابطين والمصلين والمرابطات والمصليات ومنع الصلاة بحرية اما بتقييد دخول المسلمين او ربط الدخول بعمر معين (فوق الخمسين عاما يسمح لهم احيانا فقد الدخول للصلاة في الأقصى) فان الاوضاع ستبقى مشتعلة ولن يرضى المقدسيون باقل من ذلك وايضا رفع كافة الحواجز العسكرية وتسليم جثامين الشهداء وفتح الطرق المغلقة في المدينة والتوقف عن ملاحقة التجار المقدسيين بفرض المخالفات والضرائب عليهم بقصد تهجريهم ولجم المستوطنين واعتداءاتهم على الاحياء الفلسطينية والتوقف عن هدم منازل المقدسيين ومصادرة العقارات من قبل الجمعيات الاستيطانية الاسرائيلية.
* ما هو المطلوب الآن لدعم وتعزيز صمود المقدسيين ؟.
** إن المقدسي اكثر ما يحتاج الى الحماية الدولية وبالتالي المطلب الفلسطيني بالحماية الدولية يشمل القدس المحتلة، القدس الحياة فيها غير آمنه حيث المستوطنين المسلحين والجيش الإسرائيلي والذي لديهم قرار باطلاق النار على كل فلسطيني لمجرد الاشتباه، وفعلا تمس تسجيل شهداء من القدس حيث ظهرت اشرطة فيديو تؤكد أن قتلهم تم بدم بارد ودون اسباب مسبقة ثم تخرج الرواية الإسرائيلية الجاهزة انهم يحملون سكين، وفي الاغلب تم رمي سكين من قبل احد افراد الجيش الإسرائيلي وتصويرها لتبرير قتل الفلسطيني في القدس
* وما هو الدور المطلوب عربيا وإسلاميا لتعزيز صمود المقدسيين فى كفاحهم لبقائهم فى مدينتهم ، وللحفاظ على مقدساتهم ، فلسطينيا وعربيا وإسلاميا؟.
** اكثر ما يحتاجه المقدسيون هو دعمهم تنمويا للمحافظة على صمودهم في القدس، وابرز مقومات الصمود هو دعم الإنسان امام جرائم الاحتلال حيث تفرض على المقدسي الغرامات الباهظه بفعل البناء بدون ترخيص وهو مضطر للبناء ليحافظ على وجوده في المدينة، وحتى في الاماكن الذي يسمح للفلسطيني البناء في القدس الشرقية وفقا للمخطات الإسرائيلية الاستيطانية فان تكاليف تراخيص البناء عالية جدا تصل الى 100 الف دولار لشقة سكنية مساحتها 120 متر مربع، كما الضرائب الباهظه المفروضه عليه وما يعرف بضريبة الارنونا (ضريبة المسقفات) والتي هدفها افلاس الناس لبيع عقاراتهم ومحلاتهم التجارية وهنا تتقدم الجمعيات الاستيطانية لشراء هذه العقارات جبرا من المقدسي، كما يحتاج المقدسي الى دعم المؤسسات المقدسية وخاصة التعليمية والصحية والثقافية ومشاريع الاسكان والسياجة والاقتصاد والمؤسسات الشبابية وغيرها حيث تقدر دراسة اعدها ديوان الرئاسة الفلسطينية بالتنسيق مع الاتحاد الاوروربي الى ان القدس تحتاج الى 480 الف دولار بشكل عاجل لحماية مؤسساتها من الانهيار.
للاسف الدعم العربي قليل جدا لا يغطي 5% من احتياجات القدس وهو يقدم بالاغلب من خلال بنك التنمية الإسلامي في جدة وبيت مال القدس الشريف في المغرب ونطلع على تفعيل دعم جهات عربية مختلفة للقدس اما من خلال الدعم الرسمي العربي او القطاع الخاص العربي الذي يستطيع تنفيذ مشاريع في القدس في قطاعات مختلفة وخاصة في الاسكان والسياحة وبناء المدارس الخاصة ومن شأن هذه المشاريع ان تحقق الربح للمستثمر العربي وان يذلك كله يتم فقط من خلال الفلسطينين في المدينة وممكن، كما أن المقدسات وخاصة المسجد الاقصى المبارك بحاجة الى دعمه وتوفير احتياجات مختلفة له ونقترح بالتنسيق مع الاردن بعض المشاريع المتعلقة بحماية الأقصى وخاصة في مجال الحراسة والترميم.
القيادة الفلسطينية تعمل على عدة اتجاهات اولا هي مع شعبها بالميدان في القدس اضافة الى العمل على توفير بعض مقومات الصمود ضمن الامكانات المتاحة حيث تحاول رغم وضعنا الاقتصادي الصعب العمل على دعم المواطنين ودعم بعض المؤسسات التنموية لكن الاهم هو ما يقوده الرئيس محمود عباس على المستوى الدولي حيث طلب الحماية الدولية ومحاكمة إسرائيل على جرائهما وخاصة جرائم الحرب في القدس، حيث نجند كافة الممثليات الدولية التي مقرها القدس بزيارات ميدانية للاطلاع عن كثب على الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية في القدس، واعتقد اننا سنشاهد قريبا المجرمين الإسرائيليين في قفص الاتهام في المحكمة الجنائية الدولية رغم الاجراءات المعقدة والطويلة لهذه المحكمة.
دعونا العرب والمسلمين الى زيارة القدس وقلنا إن شان زيارتها دعم الحياة الفلسطينية فيها وحماية للمسجد الأقصى المبارك، وهناك شبة اجماع بين رجال الدين الإسلامي على اهمية زيارة القدس ودعم اهلها بارسال زيتا يضيئ قناديلها رغم بعض الاصوات الدينية السياسية التي تحاول تحريم الزيارة لاسباب سياسية بعيده عن الاسناد الشرعي.