[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
في الوقت الذي يعمل الكثير من الأشخاص من مختصين وعلماء ونخب علمية على برنامج ترتيب الوعي في المجتمعات، تتكاثر الجهات والأفراد والجماعات التي تشتغل بقوة وضمن برامج خفية وعلنية لتحقيق أهداف متلازمة، في مقدمتها تخدير الوعي، وبما يُمكّن تلك الجهات من أحداث شرخ أو شروخ في منظومة الوعي الفردية والجمعية عند الناس، وفي هذا الحيز تكون سهام هؤلاء غير منظورة على الإطلاق لدرجة أن الذين يستقبلون تلك السهام لم يعد بإمكانهم تمييزها عن سواها، فيكون الاستسلام الكامل بمعنى قبول الوافد إليه من أفكار وطروحات دون مقاومة، ويعد تخدير الوعي عند الأفراد والجماعات والشعوب من المناطق الخطرة التي يستهدفها أصحاب مشاريع التخريب والتغريب وبما يُمكّن القائمين على تلك المشاريع من تحقيق أهدافهم بقليل من العناء وبكثير من المكر والدهاء، وحتى الضحايا يسقطون في قبضة هؤلاء وأحابيلهم دون أن يدركوا أنهم قد وقعوا في حفرة مُعدّة سلفا، وثانيهما، تخريب الوعي، وهذا هدف كبير يأتي في المرحلة اللاحقة لتخدير الوعي، ويجب أن لا يفوتنا أن المرحلة التمهيدية لتخدير الوعي تذهب إلى تسطيح واسع للوعي عند فئة أو قوم وربما شعوب بالكامل عندما يكون المشروع أكبر، وهذا يخضع لبرامج واسعة فيها الكثير من الإتقان، وتعمل على تثبيت ذلك وترسيخه مؤسسات إعلامية من إذاعات وفضائيات وصحف ومراكز بحوث ولا تستبعد المدارس والجامعات أيضا، وكل جهة وحسب المهام الموكلة إليه، وما يفترض به السير عليه ضمن مساحات أوسع وأعمق.
ويأتي تخريب الوعي، على أرضية التأسيس لمرحلة التخدير التي يتوه أصحابها في أتون التخدير وإن كان على درجات ومستويات، لكنه لا يخرج في جميع الأحوال عن الهدف اللاحق المتمثل بالتخريب الواسع والشامل للوعي، وفي حال نجح برنامج تسطيح الوعي فإن ذلك يمهد لكل البرامج التخريبية الأخرى، لأن التسطيح يعني القبول بجميع الطروحات والتفاعل مع كل ذلك على أساس رد الفعل فقط، وعند ذاك فإن التربة تصبح خصبة لقبول زرع الآخر في مرحلة التخدير التي تفتح النوافذ والأبواب لمرحلة التخريب، وعندما يعمل هؤلاء على قضية الوعي بكليته فهم يدركون تماما، أن زاوية الرؤية عند المرء لا تتحدد بالأقوال والأفعال المجردة وإنما تنطلق من القناعات، وفي حال تشتتت القناعة وراحت تميل شمالا وجنوبا دون أن تدرك هذا التأرجح فإن الخطوات اللاحقة لم تكن صعبة في نيل ما تريده هذه الجهة أو تلك.
ليس صعبا التعرف على مراحل استهداف الوعي، وهي التسطيح بكل ما يعنيه ذلك من خطورة ومن بعده التخدير ثم الوثوب نحو التخريب، وليس من السهولة التصدي لكل ذلك من قبل أشخاص أو عدد من المفكرين، لأن الوعي الجمعي يقع في الغالب تحت التأثير الجمعي وتقوده الأمواج الكبيرة دون أن تؤثر في ذلك طروحات العقل.