[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/suodalharthy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سعود بن علي الحارثي[/author]
” ظهرت النتائج أخيرا وانطلقت أقدام الفائزين إلى مؤسسة الشورى، وعليهم أن لا ينسوا ولو للحظة, أن أصوات الناخبين وأمانة ونزاهة العملية الانتخابية هي التي نقلتهم إلى قبة المجلس من أجل خدمة الوطن ذاك بنقل الحقيقة وقول كلمة الحق فهما أعلى درجات الأمانة وأسمى صفات الإخلاص لهذا الوطن ولهذا المواطن”
ـــــــــــــــــــــــ
الثالث عشر : الشورى... من حرارة الانتخابات إلى كرسي العضوية، دعوة إلى العمل الجاد .
حرارة الطقس اللافح وحرارة التنافس على نيل مقعد تحت قبة مجلس الشورى تلازمتا طوال أشهر خمسة ، لفحتنا أشعة الشمس الملتهبة كعادة الصيف في بلادنا وأصابتنا صيغ المترشحين وصراعهم الحثيث على كسب الناخب والفوز بصوته ووعودهم البراقة بالصداع والحيرة ،ونتمنى أن لا تلحقها خيبة الأمل بعد ذلك ، لا حرارة الصيف ترغب في فراق أجوائنا مبكراً ولا بعض المترشحين أصابهم الوهن فركنوا إلى الاسترخاء والاعتراف للبعض بالسبق والتقدم والمهارة والخبرة ليبنى على ضوئها قرار بالانسحاب من الحلبة، حتى وإن ظهرت لهم ولغيرهم واضحة لا لبس فيها خسارتهم في السباق، وكلما اشتدت حرارة الصيف أشتد حماس المترشحين وانتشرت الدعاية أشكالاً وأفنانا في الشوارع وعلى صفحات الجرائد ووسائل التواصل ومن خلال الوكلاء والمؤيدين، صور جميلة تحيط بها براويز ذات زخارف وألوان جذابة تحمل جملة من الخبرات والمؤهلات والعبارات والإغراءات المعسولة ، وما أن كلت حرارة الطقس فعزمت على الاسترخاء وشمس صيفه الحارقة على الوداع وهبت نسمات الشتاء العليلة حتى أغلقت صناديق الانتخاب وصمت المترشحون وهدأ بال الناخبين ونعموا براحة من ابتلي بصداع فجاءه الشفاء فجأة، وربح من ربح وخسر من خسر ولا خسارة في سبق إن بدأ من أجل أهداف غاية في النبل والمقصد ومن أجل خدمة عمان الوطن والمجتمع ، ومن كان هذا مقصده فالسبل كثيرة والأهداف عديدة والمساعي النبيلة لا تنتهي عند خسارة مرشح للوصول إلى قبة المجلس ، أما من اختلف مقصده وتباينت أهدافه فسوف يشعر دون شك بمرارة الخسارة وبأثرها الخانق على نفسه . أغلقت صناديق الانتخاب وظهرت النتائج على الهواء عبر شاشة التلفزيون المحلي وصفحات الجرائد وخمدت حمى المنافسة وتوقف هدير مكينة الدعاية وعاد الهدوء إلى حالته ،ودعنا الصيف بحرارته وشمسه الحارقة وهدير مكيفاته والانتخابات بوعودها ومنافساتها الحامية وأهداف مرشحيها المتبانية وعاد من خسر إلى منزله وعمله وإلى سابق عهده في الحياة، ولا يعدم أن ينسب البعض خسارته إلى أسباب ابعد ما تكون عن شخصه وجهوده وأعماله ،وانطلق من فاز من المترشحين إلى قبة مجلس الشورى وكرسيه الوثير وإلى الوجاهة بعد أن استقر اسمه وتلازم مع صفة العضوية لأربع سنوات قادمة ولا نعرف من منهم مازال على العهد والوفاء ملتزم بما طرحه وقاله ووعد به الناس ومن نسي وتناسى تلك الوعود الجميلة بمجرد أن تردد اسمه عبر وسائل الإعلام وغمرته سعادة الفوز والنجاح لا ندري هل مازالت كلماتهم وأهدافهم البيضاء حية في الوجدان أم ستصيبها برودة الشتاء بالزكام والحمى.
ظهرت النتائج أخيرا وانطلقت أقدام الفائزين إلى مؤسسة الشورى، وعليهم أن لا ينسوا ولو للحظة, أن أصوات الناخبين وأمانة ونزاهة العملية الانتخابية هي التي نقلتهم إلى قبة المجلس من أجل خدمة الوطن ذاك بنقل الحقيقة وقول كلمة الحق فهما أعلى درجات الأمانة وأسمى صفات الإخلاص لهذا الوطن ولهذا المواطن الذي توجه إلى صناديق الانتخاب خلف شعار
(( صوتك أمانة )) ومن أجل مستقبل أكثر إشراقا لمسيرة الشورى في عمان ومن أجل تحقيق آمال وأحلام وطموحات المواطن ومن أجل الارتقاء والتطوير والإسراع بعجلات التنمية إلى الأمام والحفاظ على المكتسبات، وجوه جديدة وعقول متجددة وأفكار ورؤى ترفد ما سبقها تدخل إلى ساحة المجلس تتعاضد مع وجوه بارزة تجددت ثقة المواطن فيها تلتقي في مسار واحد من أجل خدمة وطن واحد ومجتمع واحد، أمامها مسئوليات كبيرة وأهداف نبيلة،وعلى هؤلاء أن يعملوا سوياً من أجل تحقيقها ومن أجل تطوير مسيرة الشورى والارتقاء بعمل المجلس وتفعيل اختصاصاته والمضي به قدما ليصبح مؤسسة تشريعية مكتملة. ومع الحديث عن واقع ما بعد الانتخابات أجد من الأهمية الإشارة ولو بإيجاز إلى عدد من الملاحظات يحسن قراءتها بشيء من التمعن فهي ليست بعيدة عن وقائع ونتائج العملية الانتخابية , وعن العديد من التعليقات والمناقشات المصاحبة لها :
أول هذه الملاحظات أو المؤشرات : احتفاظ المرأة بمقعدها اليتيم دون أن تتمكن من الإضافة عليه , وظلت طوال الفترات السابقة ومنذ أن منحت حق الترشح من ( الثانية وحتى الثامنة ) متمسكة بمقعد أو اثنين أو خسارة كاملة لمقعدها في الفترة (السادسة) والمرأة دون شك هي التي تتحمل هذه الخسارة ناخبة ومترشحة، الناخبة فضلت أن تعطي صوتها للرجل ، والمترشحة لم تستطع أن تكسب أصوات الناخب امرأة كانت أم رجلا، ومن هنا يتضح بون المساحة بين الفرص والمكاسب التي تقدمها الدولة للمرأة وبين قدرة المرأة على توظيف هذه الفرص أو الحفاظ على أقل تقدير على المكاسب المحصلة، وعوامل ما حدث وتغييره مرتبط بالمرأة فلديها الأسباب وعندها الحلول.
ثانياً أن الأساليب والقواعد المتبعة في استمالة الناخب وكسب صوته قد تغيرت وسوف تزداد تغيرا مع الزمن بفعل عوامل كثيرة مثل زيادة نسبة الوعي والتعليم وتعدد مطالب الحياة وتغير أنماط التفكير وتبدل العديد من المفاهيم والقيم الحياتية، والمترشح الذي تمكن من فهم قواعد اللعبة الانتخابية الجديدة تمكن من الفوز والنجاح , ومن ظل سائراً على النهج القديم إما أنه خسر الرهان كلية أو بعضا من الأصوات التي حصل عليها في السابق.
ثالثاً يملك الناخب أكثر من عنصر اختبار يقيم من خلالها دور العضو وأهدافه من الترشح ومن العضوية بعد ذلك , وعندما يتهيأ لهذا العضو أنه قد وصل إلى قبة المجلس وفقا لمكانته الاجتماعية أو خبراته العلمية والعملية أو دهائه السياسي أو ماله أو... في تفكير بعيد عن هموم من أوصلوه ، وإذا ما أراد أن يترفع عن قضاياهم ومشاكلهم وواقعهم الاجتماعي ويلتفت فقط إلى مصالحه الخاصة أو يتغافل عن وعوده التي قطعها لخدمة المجتمع فسيعرف هؤلاء كيف يتعاملون معه في فترة انتخابية لاحقة وهذا ما حدث مع أكثر من حالة كما سيحدث مستقبلا .
رابعا : تحولت وسائل التواصل ولأول مرة في تاريخ الانتخابات الشوروية إلى وسيلة دعاية وتعريف بالمرشح وأداة تواصل وتخاطب بينه وبين الناخب , وقد تمكن عدد من المترشحين من توظيف واستثمار وسائل التواصل بدهاء ونجاح في قيادة حملاتهم الانتخابية .
خامسا : ليس صحيحاً ما يردده البعض من أن الناخب ما توجه إلى صناديق الانتخاب بكثافة إلاّ لدواعي ترتبط بالقبلية أو الطائفة أو جرياً وراء بعض الريالات يمنحها هذا المرشح أو ذاك ، لقد توجه الناخب إلى صناديق الانتخاب من أجل الارتقاء بمسيرة الشورى ومن أجل أن يصبح هذا المجلس مؤسسة فاعلة لها دورها ومكانتها في المجتمع تعبر عن همومه وتطلعاته وتناقش قضاياه وتعالج مشاكله، ولكي لا يكون سبباً رئيسياً في تراجع دور الشورى، ولكن وعندما يكتشف هذا الناخب يوماً ما بأن المجلس قد خيب أمله ، والعضو ضرب عرض الحائط بما قطعه على نفسه من وعود فلن نجد في المستقبل من يتوجه إلى صناديق الانتخاب إلا القلة وإن قدم المترشحون للمواطن الإغراءات والوعود وإن عزفوا على أوتار العصبية، وهذا ما يجب أن نحسب له حسابه في المستقبل . دليلنا على ذلك , مبادرات الشباب في توظيف وسائل التواصل لتعزيز الجهود التوعوية والتثقيفية والتعريف بأهمية الشورى ودوره التشريعي والرقابي ـ نجاح الشباب في عدد من الولايات من الانتصار إلى الكفاءة واختيار وجوه شابة تتميز بالطموح والتطلع والعمل من أجل خدمة المجتمع على حساب الخبرات القديمة - نجاح الحاضنة الشعبية والقاعدة القبلية من التنسيق والتعاون والالتفاف حول الكفاءات في ولايات محددة .
لقد عبر المواطن عن رأيه وأدلى بصوته وشارك بفعالية وكان على قدر المسئولية (( وصلت نسبة مشاركة المواطنين في انتخابات مجلس الشورى للفترة الثامنة إلى 56% حسبما أكد معالي وزير الداخلية ...)) الوطن،العدد (11761) ـ رغم أن النسبة تراجعت عن انتخابات 2011م - انطلاقاً من شعوره بأهمية المجلس في التعبير عن تطلعاته وفي العمل على مناقشة قضاياه ومعالجة مشاكله، وثقته بأن المجلس قادر على حمل الأمانة من خلال أعضائه الذين يمثلون مختلف المناطق الجغرافية وشرائح المجتمع المتعددة، فالمواطن ومن خلال إدلائه بصوته في الانتخابات وتمسكه بحقه الانتخابي ومن خلال توسمه في المترشح الذي اختاره ينتظر من المجلس الكثير، وعلى أعضائه أن يبذلوا قصارى جهدهم في تحقيق هذه الطموحات والتطلعات والعمل على تعزيز الثقة في المجلس وترسيخ مكانته في نفس المواطن ولن يكون ذلك إلا بالعمل والتفاني والإخلاص والإدراك التام بمضمون العمل الشوروي وأهدافه ومستقبله في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية . وتأتي تولي أولى هذه المسئوليات في هذا اليوم ، الأول من نوفمبر حيث يعقد المجلس جلسته الاستثنائية بدعوة من جلالة السلطان عملا بالمادة (58) مكررا (12) من النظام الأساسي للدولة لانتخاب رئيس للمجلس ونائبين للرئيس بالأغلبية المطلقة , وذلك بتجرد الأعضاء ونجاحهم في اختيار رئيس للمجلس قادر على تحمل تبعات هذا المنصب الهام .