[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/zohair.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]زهير ماجد [/author]
لم يكن مفهوم الديمقراطية واحدا على مر العصور الحديثة، ولا هي كانت متشابهة في التنفيذ .. حتى أنها لكثرة ما قيلت صارت أيضا" ديمقراطية شعبية " لدى بعض الأنظمة. والحقيقة انها تظل محط كل تجربة خاصة، لكنها جميعا مايختصره تشرشل بالقول إنها " أسوأ الحلول الجيدة " ..
لقد كانت غطاء جرى تحته جميع أنواع الممارسات المحمودة وغير المحمودة، يراد مثلا إفهامنا انها ميزة في تركيا كي تصل الانتخابات الى تلك النتائج وهي باتت تعني حكم الحصان الجامح .. فيما هي احتراف للمبالغة في حكم الشعب بالشعب في أماكن أخرى.
من جهتي لا تدخل تلك التسمية في هواي ولم اجدها حقيقة ذات نفعية في المجتمع .. انها تقليعة كلام عن موضة تشبه لباس النساء .. ما الذي مثلا يجمع الناس وقد خلقوا درجات درجات .. وما الذي يراد منها سوى انها تجربة يتمسك بها كل نظام، يتحدث عنها، فإذا هي في النهاية مولود للجميع يفتح على كل المجتمعات، وقديما قيل كل مفتاح يفتح على كل الأبواب لا قيمة له ولا يعول عليه.
الذين اخترعوا هذه التسمية ارادوا لعالمهم ان يعيش حياته الاولى بتجربة سرعان ماعادت الى الرجل الأوحد. كيف هي الديمقراطية ويحكمها بالتالي رجل واحد .. اذا كانت هنالك مؤسسات شورى فقد تصلح لهذا الغرض لأنها تحمل الحوار والتعبير والبحث، كما تحمل عمق المعنى الاجتماعي للتمثيل في تلك الشورى.
في عالمنا الحالي دول كبرى يشار اليها على انها ديمقراطية مثل اميركا فاذا بعقلها المدبر محصور بفئة تقرر. لم يتشارك مثلا الشعب الاميركي مع حكامه في احتلال العراق، سوى ان جورج بوش الابن جهز الشعب اعلاميا تلك مسألة من ابسط قواعد الجكم الفردي. البعض يخطىء حين يفسر الديمقراطية على انها نظام مميز يسعى لأن يكون الشعب صاحب السلطة العليا فيه، فاذا بهذا الشعب آخر من يعلم وأول من يحلم دون نتيجة من حلم وطني.
اعتقد ان اكثر الشعوب تعيش كذبة يروج لها ليل نهار، واذا ماتجاوز متجاوز في التعبير اعتبر خارجا على الديمقراطية .. لكن الأنكى ان تلك الشعوب ايضا تريد ان تفهم الديمقراطية على انها فوضى وانفلات ليس الا .. كان سارتر يقول ان الحرية احساس شخصي عندما يتحول الى خوف من الشرطي يصبح له معنى مضاد. لذلك اطلاق تسميتها شعبيا لايعني مفهومها الحقيقي الأخاذ الذي لم يطبق منه اي تطبيق.
ويبدو انه كلما امعنا في الحديث عنها، ازداد البعد عنها .. يجب ان تظل مغيبة عن اطار التنظير بها ، فهي ممارسة وتطبيق، لايكفي القول بها او امتداحها كشكل من اشكال الحكم المميز، كما لايكفي اشعار الشعوب بانها داخل تجربتها كي لا تتوهم انها قادرة على فعل ماتريد وتحت ستارها.
جليلة الديمقراطية رغم تعريف تشرشل لها كما مر معنا .. لكننا نظل نشتاق لأن نراها على حقيقتها، فلها شكل ساحر، من الصعب تحمل شكله. ولها ضوء مستعار من روح مجتمع لا يمكن الا ان يدلنا على حقيقتها ساعة تظهر في هذا المجتمع او ذاك.