باختصار : الصديق الروسي الوفي
هذا الصديق الصدوق لم يتراجع يوما عن مطالب تقدم بها الرئيس الراحل حافظ الأسد او الزعيم جمال عبد الناصر .. لم تكن المصالح فقط تحركهم، كان ثمة عواطف شرقية تلعب دورها، ربما .. حتى انه إبان العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 الذي يصادف هذا الشهر عامة الستين تقريبا، فإن رئيس سوريا آنذاك شكري القوتلي ذهب بنفسه ليطالب الرئيس السوفييتي خروتشوف بإيقاف الحرب على مصر، فما كان من الرئيس السوفييتي إلا أن طير تهديده لإسرائيل ولدولتي العدوان فرنسا وبريطانيا.
ليس من يغدر في روسيا بأصدقائه العرب تاريخيا كما يفعل الاميركي مع اصدقائه، وبالتالي فإن موقفهم مع سوريا صميمي وحميم، وهم واقعيون الى أبعد الحدود ويعرفون المغالاة في الدعايات الاميركية والغربية التي تظهرهم وكأنهم طردوا من افغانستان، هم في الحقيقة أصيبت لهم دبابة هنا او قتل لهم عسكري هناك، لكنهم في محصلة قدراتهم العسكرية ظلوا آمنين، انما ارادوا الرحيل كي لا يكبروا بقعة الدم في الطرف الأفغاني، لم يريدوا معاقبة شعب من أجل حفنة من بشر قررت مقاتلتهم لأسباب أميركية وبعضها عربية.
مثلما شغلنا الفن والأدب والثقافة الروسية ووجدنا فيها دليلا على قربها الروحي من روح منطقتنا وهم مثلنا أبناء الشرق، لعلنا اليوم نأنس بوجودهم كنخبة مقاتلة لكنها ايضا صورة عن إرث قديم ننتمي إليه في المشاعر والعواطف وفي الأحاسيس .. لقد كان السوفييت عالمنا الذي تربينا عليه وهم يقدمون السلاح الذي وفر لأهم بلدين عربيين، مصر وسوريا، ما أمن لهما القدرة والحماية، وفي زمن ما كان العراق، وكانت ليبيا ايضا. اما الآن فلهذا الصديق الذي فتح قلبه قبل ان يفتح مخازن سلاحه، كل التحية التي لا نملك غيرها مقابل مايفعله على الارض السورية من مشاركة فاعلة سيقدر لها أن تربح المهمة التي جاءت من أجلها.
لو سئلنا كيف نعرف الاصدقاء فنقول إنهم الى جانبنا في ساعات الشدة .. صديقك من صدقك لا من صدّقك كما يقال. نحن اذن أمام مخلص مهما كان قراره الذاتي لحماية بلاده من خلال حماية سوريتنا .. سوريا أولا وتهمنا مثل كل حلم جميل نتطلع اليه. سيربح الأصدقاء معركتهم التي هي معركتنا ايضا، وسيكون الكسب للطرفين، لكن مروحة الربح ستكون أوسع بكثير.