بأداء أعضاء مجلس الشورى الجدد المنتخبين قسم اليمين واختيار رئيس للمجلس ونائبيه في الجلسة الاستثنائية التي عقدها المجلس أمس تلبية للدعوة الكريمة من لدن حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه لله ورعاه ـ عمـلًا بالمادة (58) مكـررًا (12) مـن النظام الأساسي للدولة، تدشن الشورى مرحلة جديدة من العمل البرلماني والممارسة الديمقراطية، وتبدأ معها البلاد رحلة تأكيد المنجزات والمكتسبات وإضافة الجديد إليها، والبحث عن آليات جديدة تفتح آفاقًا رحبة مفعمة بالأمل، وسط ثقة كبيرة لتجربة الشورى الرائعة أولاها إياها باعثها ومهندسها مؤسس نهضة عُمان الحديثة حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ وكذلك وسط ثقة كبيرة أولاها المواطن لأولئك الذين أقسموا بالله ليؤدون الأمانة تجاه الوطن وقائده وأبنائه الذين راهنوا عليهم في بلورة رؤى جديدة وتفعيل صلاحياتهم الرقابية والتشريعية الممنوحة لهم.
نعم، لقد ودعنا أمس مجلسًا لعب دوره وأدى أمانته، فله كل الشكر والتقدير على ما قدم وبذل من جهد، لنستقبل مجلسًا آخر قادمًا إلى دور يحتاج للنزاهة والدأب والعمل المنسق، كما يحتاج للتفكير بكل مواطن عماني، كي نفكر بما هو عماني بكل شموليته وأبعاده. هنا تكمن قصة الفوز في أعلى مراتبها، صحيح أن النجاح مهم، لكن أهمه قاعدة اختيار طبيعة العمل الوطني من أجل عُمان المستقبل.
لا مراء أن الناخب وهو يشاهد ممثله تحت قبة المجلس مؤديًا القسم على تحمل الأمانة والمسؤولية، يجزم أنه قد أحسن الاختيار، وأنه بحسن اختياره قد ناصر الديمقراطية، وبمناصرته هذه سيحقق تطلعاته وطموحاته، وسيسهم في جعل وطنه سعيدًا على الدوام، وأنه بهذا الانتصار قد جعل الجميع من الحكومة إلى مجلس الشورى إلى المواطنين في خدمة الوطن، والجميع يخدم الجميع، في ترجمة حقيقية لمعنى الشراكة الصحيحة والسليمة القائمة على تغليب مصلحة الوطن والمصلحة العامة، وعلى الثقة المتبادلة.
نعم، لقد انطلقت أمس مرحلة السعي والعمل والأمل، مرحلة يعلق عليها أيضًا كل الآمال التي عقدت على ما قبلها، وهي بالتالي صورة الواقع الجديد، لكننا في مرحلة مهمة لعلها من أهم مراحل بلدنا، حيث حركة الاهتزاز من حوالينا في محيطنا العربي والإقليمي والدولي تتواصل بما فيها الاقتصادي على خلفية التراجع اللافت لأسعار النفط وضرورة البحث عن البدائل المهمة لمصادر الدخل وتنويعها، وكذلك الاهتزاز السياسي على خلفية ما سمي بـ"الربيع العربي"، حيث الوعي هنا يجب أن يكون ضرورة وطنية مشغولة بالحرص على عُمان أولًا وقبل كل شيء.
لقد كانت تلك الممارسة الديمقراطية في عملية انتخاب رئيس لمجلس الشورى ونائبيه ـ وهي الثانية لمجلس الشورى بعد صلاحياته الجديدة ـ ممارسة رائعة، وعنوانًا وطنيًّا يعطي أملًا كبيرًا ورائعًا في أن يكون الجميع عند حسن الظن، لا سيما وأن ما يشيع التفاؤل ويعزز أجواء الأمل وجود نخبة من المثقفين والواعين بين أعضاء المجلس الذين ـ مع تهنئتنا لهم بمباشرة عملهم البرلماني والشوري ـ نشد على أيديهم ونؤكد أن شعارهم ينبغي أن يكون هو "الوطن يجب أن يكون الفائز الأوحد"، فليست هناك شخصنة في خدمة الأوطان والبلاد والعباد.