الخطوة التي اتخذتها الحكومة من خلال مجلس الوزراء الموقر لاحتواء أزمة تسريح القوى العاملة الوطنية من منشآت القطاع الخاص العاملة في مجال النفط ، وما عبر عنه البيان من اهتمام توليه الحكومة تجاه هذه الأزمة وتشكيل لجنة من أجل إيجاد أفضل السبل لمعالجة أسبابها وما سوف يترتب عليها من اثار، تعد من أسرع وابرز الخطوات التي تتخذها الحكومة من أجل حل قضية شعرت بأنها تلامس قوت ومصدر رزق الآلاف من الأسر العمانية التي تعتمد في دخلها على أبنائها العاملين في هذا القطاع الحيوي الهام والذي يمثل المصدر الأول لدخل البلاد ودعم خططها وبرامجها الاقتصادية والتنموية المنتشرة في كافة ربوع السلطنة، وبالتالي فان الجميع مطالب سواء كانت حكومة او قطاعا خاصا او اتحادات عمالية مطالبين بأن يكون وضعه دائماً مستقرا ومستمرا وإبعاده عن اي مؤثرات يمكن ان تحد من تدفقه لأنه ثروة وطنية اثرت ايجابا على مدى ٤٥ عاما حتى الآن على حياة كل فرد في المجتمع وأسهمت في جعل عمان دولة عصرية بكل ما تحمله هذه الكلمة من معان ودلالات ثقافية او اجتماعية او اقتصادية او تقنية وقبلها سياسية وغيرها من الدلالات التطويرية الأخرى.
لاشك أن مطالب العمال مشروعة حيث إن من الصعوبة بمكان ان يشعر الانسان في لحظة ما انه قد فقد مصدر رزقه او مهدد ان يفقده نتيجة احيانا مبررات غير واقعية تتبعها بعض منشآت القطاع الخاص التي كنزت طوال سنوات الملايين من خير البلد بجهد هؤلاء العمال، وفي لحظة ومن خلال قراءات ربما تكون غير محتملة الحدوث بالحجم الذي يتصوره البعض خلال الأيام القادمة تشهر سيف التسريح في وجوه الآلاف منهم جراء ما تدعيه من أزمة مالية، ويمارس البعض منها جراء ذلك ضغوطات ممنهجة على الحكومة لكي تحظى بالاستمرار في الحصول على حقوق الامتياز للمشاريع التي تقوم على تنفيذها، فلماذا في الوقت الذي تتخذ إجراءات في تسريح القوى العاملة الوطنية تحتفظ بالمئات من القوى العاملة الوافدة ؟ أليس من الأولى ان تكون اولوية تلك الفرص للمواطن؟ اذا لابد أن تنطلق تلك المنشآت في رؤيتها واستراتيجيتها في مجال التشغيل من رؤية وطنية تتيح للكفاءات من أبناء الوطن من الاستمرار في العطاء لخدمة بلدهم وسلطانهم ومجتمعهم، والابتعاد عن ذريعة الأزمة المالية التي وان كنّا قد بدأنا نستشعر مقدماتها إلا أنها لن تصل الى الدرجة التي سيضع منشآت القطاع الخاص في موقف الاستغناء عن القوى العاملة الوطنية.
قرار الحكومة بأن تكون اللجنة على مستوى رؤساء الوحدات المعنية عن تنظيم سوق العمل وتحديدا قطاع النفط بالاضافة الى طرفي الانتاج أصحاب الأعمال ممثلين في غرفة تجارة وصناعة عمان والعمال ممثلين عن الاتحاد العام لعمال السلطنة واتحاد النفط والغاز، مؤشر على الجدية التي تدركها لسد كافة الثغرات التي يمكن ان تستغل من قبل البعض لتعكير صفاء ونقاء التربة العمانية والتي كما قال عنها القائد في أحد خطبه السامية :إن التربة العمانية لا تنبت إلا طيبا فهي ترفض النباتات السامة. وبالتالي فانه ومن خلال هذا الحراك الذي يفترض ان تتجاوب معه باقي الأطراف للوصول الى نقطة التقاء لن يكون هناك ثغرة تؤثر سلبا على نسيج المجتمع، فلا يجب ان يخيفنا التهويل الذي اصبح السمة البارزة على شبكات التواصل الاجتماعي واحاديث المجالس بما هو قادم من وضع اقتصادي مخيف نتيجة انخفاض اسعار النفط ، فالوضع غير المعلن حسب اعتقادي تحت السيطرة لان عمان بقائدها وحكومتها وشعبها قادرة على تجاوز مثل هذه الأزمات الطارئة، فالتاريخ العُماني قديمه وحديثه مليء بمثل هذه الأزمات الاقتصادية التي تم تجاوزها والتغلب عليها.
ان هذا الإجراء لاشك يدل على ادراك الحكومة لمطالب العاملين في هذا القطاع حول ضرورة استمرار موارد رزقهم وان لا يؤثر ذلك على قيامهم بواجباتهم تجاه اسرهم ومجتمعهم، فالمعروض من فرص العمل في القطاع الخاص خياراته كثيرة ومتعددة سواء كان ذلك في قطاع النفط او القطاعات الاخرى الرديفة، وعجلة الانتاج لن تتوقف بل هي في تزايد مستمر لهذا المنتج الحيوي الهام، فبوادر حل مشكلة التسريح للقوى العاملة الوطنية في قطاع النفط جاء مع تشكيل مجلس الوزراء لهذه اللجنة على هذا المستوى من القيادات في الحكومة والقطاع الخاص والعاملين الذي يتوقع لها ان تعيد الأمور الى نصابها وسيكون العامل بلاشك الذي يمثل رأس مال البلد أول اهتمامها، فلننتظر بأمل وتفاؤل لكي نجني ثمار ذلك عودا الى العمل او استمرار والاستقرار فيه.

طالب بن سيف الضباري
أمين سر جمعية الصحفيين العمانية
[email protected]