[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
بعض الكٌتّاب الأميركيين حرّضوا على غزو العراق وبشروا بفتح كوني عظيم قبل وبعد احتلال بلاد الرافدين من قبل قوات الغزو الأميركية والبريطانية، ويقف في مقدمة هؤلاء الكاتب الأميركي المعروف توماس فريدمان الذي تنشر مقالاته صحيفة نيويورك تايمز إضافة إلى عشرات الصحف الاخرى، وكنت شخصيا متابع لكتاباته التي تنشرها احدى الصحف العربية على اعتبار أنه عارف ببواطن وخفايا السياسة الأميركية ومن الراصدين بدقة لمسارات وتوجهات السياسة الدولية.
خلال الاشهر الستة الاولى لغزو العراق زار فريدمان العراق ثلاث مرات، وفي كل مرة يبشر بالفتوحات الأميركية الكونية التي تنطلق من العراق لتصل مختلف انحاء المعمورة، ليبدأ القرن الأميركي وربما الألفية الأميركية بلا منازع على الاطلاق.
في زيارته الثانية - كما اعتقد - التقى بوزير الدفاع الأميركي حينذاك دونالد رامسفيلد، وأسرّه الاخير بأن الأوامر قد صدرت للجيش الأميركي في العراق بضرب بوابات مخازن السلاح والمواد الاخرى وفتحها لكي ينهبها العراقيون، ونشر هذا الكلام ضمن مقالة له نشرت في حينه، ومن شدّة غباء وزير الدفاع رامسفيلد وسذاجة فريدمان أن الاثنين لم يعرفا حقيقة ما كان يجري بخصوص مخازن السلاح المنتشرة في مختلف انحاء العراق والتي تعود للجيش العراقي وقوات الحرس الجمهوري والتشكيلات الاخرى، فقد اعتقد رامسفيلد أن مخطط تدمير العراق وسفك دماء ابنائه يسير وفق ما يخططون، واعتقدوا أن العراقيين سيستولون على الأسلحة لكي يقتل بعضهم الاخر وأن الأميركيين سيتكفلون برمي الزيت على النار في واحد من ابشع مخططاتهم الدنيئة.
لكن الحقيقة أن رجال العراق في تلك الايام قد توزعوا بين فئتين، احدهما استولت على السلاح للمتاجرة به وبيعه في سوق السلاح مثل أي بضاعة اخرى، أما الفئة الاوسع فقد كانت قد وضعت خططها الخاصة بمقاومة الغزاة قبيل الغزو، وحال انهيار القوات العراقية في التاسع من ابريل 2003 شرعت بأكبر حملة جمع للاسلحة، ولم يكتف هؤلاء بجمع الاسلحة فقط ، بل إن الخطط المبكرة ركزت على اختيار الاسلحة المناسبة لضرب معسكرات العدو(المحتل) واستهداف دباباته من نوع ابرامز وهامفي وغيرها، والصواريخ التي تصل مقراته ومعسكراته، وبدون شك الاسلحة الخفيفة والمتوسطة، ومنذ تلك الساعات التي بشر بها فريدمان بحقبة أميركية جديدة، كان الجيل الاول من المقاومين العراقيين يضع الخطط لخزن السلاح، بل إن خطط الخزن قد وضعت الشروط اللازمة للمحافظة على تلك الأسلحة لسنوات قد تطول لعقد أو اكثر، وسط ادراك تام بحصار من جميع دول الجوار ستعيشه المقاومة العراقية وأن نافذة واحدة لن تكون هناك للحصول على السلاح في سنوات تصديها للغزاة المحتلين.
وحسب المعلومات المتوفرة فإن قصص خزن السلاح وجمعه من قبل الجيل المبارك الاول من المقاومين في العراق ستكون مبهرة وعميقة عندما يتم الكشف عن بعضها أو جميعها في مرحلة ما.