[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/tarekashkar.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]طارق أشقر [/author]
أثار التقرير الصادر عن منظمة اليونسيف مؤخرا عن احتمال انتشار مرض الكوليرا الذي أصاب مناطق متعددة في العراق إلى كل من الكويت والبحرين وسوريا فضلا عن العراق، اثار حفيظة المهتمين بحقوق الطفل العربي الذي أصبح للأسف الضحية الأساسية لأخطاء الكبار الذين قادت أخطاؤهم إلى ما وصل إليه العراق في الوقت الحالي.
وأرجع التقرير الأممي أسباب ظهور المرض وانتشاره في العراق لعوامل متعددة منها تراجع تدفق المياه العذبة في روافد نهر الفرات، وإلى ارتفاع نسبة التلوث في النهر، إلى جانب تلوث المياه الجوفية والسطحية واختلاطها بمياه مجاري الصرف الصحي. كما أبدى التقرير تخوفه من مخاطر تحول المرض إلى وباء إقليمي في الأيام المقبلة التي يتزايد فيها عدد زوار العراق.
صدور تقرير كهذا بشأن مرض يهدد حياة الأطفال في القرن الواحد والعشرين يعتبر لطمة في وجه الإنسانية بكافة مواقعها الجغرافية، وليست في العراق فحسب، بل في كافة انحاء العالم الذي يدعي الاهتمام بحقوق الانسان وبما فيها حقوق الطفل التي تشمل الحق في الحياة.
وتزداد صورة مستقبل الأطفال في بعض المناطق غير المستقرة في العراق عتامة، عندما يتبين أن مكتب الأمم المتحدة في العراق قد نشر معلومات اوضح فيها بأن المنظمة الدولية للهجرة أكدت في أحدث تقاريرها بأن عدد النازحين العراقيين في الفترة من يناير 2014 حتى يوليو 2015 فاق الثلاثة ملايين نازح مكونيين من أكثر من خمسمائة اربعة وثلاثين الف (اسرة). مؤكدا بأن غالبية النازحين من ثلاث محافظات عراقية هي الأنبار ونينوي وصلاح الدين وذلك بسبب الاشتباكات المستمرة بين الجماعات المسلحة والقوات الأمنية العراقية في الأنبار والقرى المحيطة بالموصل في نينوي.
ورغم ان انتشار الأوبئة والأمراض كثيرا ما يكون نتيجة طبيعية للصراعات والمواجهات العسكرية وتعم نتائجها وتداعياتها السلبية التأثير على صحة وحياة الانسان بمختلف فئاته العمرية اطفالا ونساء وكبار سن. غير ان الأمر غير الطبيعيى أن يتجاهل الاعلام العربي والغربي مأساة الأطفال في العراق ويصب كل اهتمامه على الهجرة السورية والافريقية إلى الغرب، مرجعا الأولى – غير مخطئ - إلى الحرب الدائرة في سوريا.
ترى لماذا هذا التجاهل، ليس الاعلامي فقط، بل تجاهل المنظمات الأممية التي بينهاالأمم المتحدة ومختلف منظماتها كاليونسيف ذات الاهتمام بالطفولة، ومجلس حقوق الانسان ذو الاهتمام بحقوق الطفل وحقوق الانسان بشكل عام .. ومجلس الأمن الذي يبدو انه يتوارى ويصرف النظر خجلا عن تداعيات غزو العراق، ذلك البلد الذي كانت اصابع الاتهام الأممية تشير اليه بأنه العنصر الوحيد حينذاك المهدد لاستقرار المنطقة وحياة البشرية بمن فيهم الأطفال.. فأين تلك المنظمات الأممية الآن؟ أليس اطفال العراق اليوم جزءا من تلك المنظومة الانسانية التي زعم أن العراق يتهددها قبل تفكيكه؟
وبهذا فإن النخوة الانسانية، تجعل بالضرورة أن يتحرك المجتمع الدولي لإنقاذ اطفال العراق اليوم، ليس انقاذا ذو طابع سياسي، بل انقاذ حياتهم وحمايتهم من انتشار الكوليرا، كما عليه ايضا العمل الجاد على مساعدة العراق على تخطي خلافات مختلف مكوناته السياسية من أجل تحقيق المزيد من الاستقرار في العراق، حتى يتمتع أفراد شعبه بخيره النفطي الوفير مهما تراجعت أسعاره. وذلك حتى لا يأتي يوم يحمل فيه أطفال اليوم رجال الغد المسؤلية لجيل الكبار الذين سبقوهم كونهم أخطأوا في تقدير المواقف ولم يحسبوا لما يمر به أطفال العراق اليوم.