يسعى فريق بحثي برئاسة الدكتور سليم زكري من كلية العلوم الزراعية والبحرية بجامعة السلطان قابوس الى دراسة مشكلة إدارة المياه الجوفية في المناطق الساحلية وما يترتب عليه من الافراط في ضخ المياه الجوفية من خلال مشروع بحثي ممول من مجلس البحث العلمي، ويقسم الدكتور سليم زكري المشكلة الى محورين هما تداخل مياه البحر على المياه الجوفية في المناطق الساحلية والمحور الثاني نزول المياه الجوفية الى العمق مما يضطر المزارعين في كثير من الاحيان الى تعميق الآبار.
وحول هذا الموضوع اكد الدكتور سليم زكري الباحث الرئيسي في المشروع البحثي بأن مشكلة تعميق الابار لاتخص السلطنة والخليج العربي فقط وانما تتعداها الى الولايات المتحدة الاميركية وأجزاء من اسيا ويعود ذلك الى عدم تجدد المياه الجوفية وبالتالي تخلق مشكلة على المدى البعيد.
وتشمل الدراسة التي يتم تنفيذها في السلطنة منطقة ساحل الباطنة حيث يشكل ساحل الباطنة اهمية خاصة في كونه مصدر انتاج معظم خضراوات وفواكه السلطنة، كما ان النسبة الاكبر من المياه في هذا الساحل هي مياه جوفية متجددة بالإمطار في حين أن كمية المياه التي تضخ اكبر من المياه الناتجة بسبب الامطار وذلك لزيادة مساحة الاراضي الزراعية وبالتالي زيادة عدد الابار منذ سنة 1990.
ويضيف الدكتور سليم زكري من جامعة السلطان قابوس: إنه بحكم قرب البحر من المياه الجوفية او الابار على ساحل الباطنة فان مياه البحر تحل محل الفراغات الناتجة من نقص المياه الجوفية حتى بلغ تداخل مياه البحر في بعض المناطق 12 كيلو مترا في اليابسة، هذا بطبيعته يؤدي الى ضعف الانتاج وتلف في المزارع حيث توجد اليوم عدة مساحات زراعية تصحرت نتيجة المياه المالحة، وبالتالي هي مشكلة اقتصادية بالدرجة الاولى ويؤكد الباحث بأنه ما لم يتم وضع حلول فإن تداخل مياه البحر سيتواصل ولن يتوقف لان ضغط البحر شديد ومستمر والسوال ماذا سيحصل على المدى البعيد نتيجة لضخ هذه المياه الجوفية مستقبلا؟.
كما اطلع فريق البحث على دراسات عدة وتجارب دولية ومحلية من الجهات المعنية في السلطنة في الحد من ضخ المياه الجوفية مثل وزارة الزراعة والثروة السمكية ووزارة البلديات الاقليمية وموارد المياه .وتجارب عدة من الولايات المتحدة الاميركية واسيا.
ويقول الباحث الرئيسي بالمشروع البحثي: إن من التجارب الملفتة للنظر هي تجربة الولايات المتحدة الاميركية حيث تم وضع اجهزة لقياس المياه وبالتالي تحدد كمية المياه لكل مزارع غير أن النتيجة لم تكن إيجابية لعدة اسباب تأتي في مقدمتها أن العدادات المستخدمة عدادات ميكانيكية ومكلفة ماديا، كما ان صيانتها تحتاج الكثير من المال والوقت والجهد، الى جانب ان التحايل وارد من قبل المزارعين.
وتشير الدراسات المحلية الى ان نسبة العجز من المياه في ساحل الباطنة 350 مليون متر مكعب سنويا. وبالبرغم من ان احد الحلول لمعالجة المشكلة يتمثل في استخدام تقنيات الري الحديثة بشكل اوسع بديلا للري التقليدي وهو الغمر بالمياه .حيث نجد الان 25% من المساحات الزراعية تروى بتقنيات الري الحديثة، الا أن الدكتور زكري يرى بأنه لم يتم توفير في كمية المياه الجوفية حيث ان المزارعين اعتادوا على ضخ كميات المياه وهو يضخها في الفصلين بدل الفصل الواحد نتيجة زيادة رقعة المساحات الزراعية خلال الفصلين.
وحول سؤالنا عن خطوات الدراسة يجيب الدكتور سليم زكري قائلا: تم التفاهم مع مزارعين من منطقة ساحل الباطنة والتعاقد معهم لوضع عدادات الكترونية لحساب كمية المياه التي تضخ يوميا وجمع البيانات وتحليلها في مزارعهم.
ويضيف الباحث: العدادات التي استخدمت عدادات الكترونية مرتبطة بشبكة انترنت ترسل البيانات مباشرة الى المختبر لضمان جودتها وقلة تكلفة وطول الفترة الزمنية لصيانة العدادات التي تقارب 25 سنة.
مضيفا انه بعد معرفة المؤشرات يمكن التعاون مع وزارة الزراعة والثروة السمكية ووزارة البلديات الاقليمية وموارد المياه لتطبيق النتائج التي سنتوصل اليها، ونأمل التوصل الى تقنية ري حديثة "ذكية" تعتمد على الحساسات في التربة وحساب نسبة الرطوبة وتعمل بنظام ألي حسب المعطيات المتوفرة، ويشتغل في الوقت الحاضر مجموعة من الاساتذة والتقنيين في قسم الهندسة على تصميم وتحديد هذه الاجهزة الخالية من الاسلاك والكايبلات، كما انها سيتم الحصول على البيانات منها عن طريق شبكة الانترنت وذلك لضمان الحصول على النتائج مباشرة في المختبر بأقل جهد ممكن وبدقة عالية.