[author image="http://alwatan.com/styles/images/opinion/abdalahabdelrazak.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د. عبدالله عبدالرزاق باحجاج [/author]
في مقالنا الأخير ،، المجال السياسي الوطني .. ودينامياته الجديدة ،، أكدنا على أن نهج الشورى المؤسساتي في بلادنا قد تجاوز مرحلة ،، التأسيس والتكوين ،، ويتطلع الى النقلة التاريخية المتمثلة في ،، الشورى الملزمة،، وحتى نكون أمام هذا الاستحقاق الآن أكثر من أي وقت مضى ، ينبغي تطوير آليات عمل مجلس الشورى الداخلية لكي تكون فعالة ومتفاعلة مع شأنها الداخلي، وكذلك مع تحدياتها الوطنية، وقد وردت عملية التطوير على لسان الرئيس الجديد ،،القديم،، المنتخب خالد بن هلال المعولي قبيل الاقتراع السري لاختيار الرئيس ، غير أنه لم يكشف عن ماهيتها أو شكلها، كما وردت مفردات أخرى مثل التغيير على لسان العضو احمد بن محمد الهدابي، ويقترب معه في الجوهر العضو صالح بن سالم مسن اثناء منافستهما لرئاسة المجلس، ولن نتوقف عند دلالات المفردات رغم ما تحتويهما من فوارق جوهرية، للتأكيد على أن الاصلاح أو التطوير أو التغيير قد أصبحت شأن النخب الحالية، فكيف ينبغي أن نتأمل صراعاتها المستقبلية.
من هنا، نرى أن من أهم الأدوات الجديدة التي ينبغي إحداثها للتهيئة لمرحلة الإلزام الآتية – لا محالة – هي انتخاب رئيس مجلس الشورى ونائبيه مرتين كل فترة انتخابية بدلا من مرة واحدة كل فترة التي مدتها اربع سنوات، ونعتقد أن فترة رئاسة سعادة المعولي أفضل الفترات المواتية لذلك، كيف؟ فهو الشخصية البرلمانية التي تفوز مرتين على التوالي في انتخابات الفترتين السابعة والثامنة ، وهو كذلك الرئيس الذي ينتخب لرئاسة مجلس الشورى مرتين متتاليتين، ففي الفترة السابعة الماضية، خاض سباقا محتدما مع منافسه سعد بن سهيل بهوان، ولم يحسمها الا في جولة الاعادة الثانية ب(50) صوتا مقابل (33) صوتا لبهوان، أما الآن فقد حسمها على عكس بعض التوقعات التي كانت تتنبأ برئيس جديد للمجلس، حسمها منذ الجولة الاولى وبالأغلبية المطلقة حيث حصل على (59) صوتا بفارق كبير عن منافسيه، العضو صالح بن سعيد مسن (11) صوتا، و (9) أصوات للعضو محمد البوسعيدي، بينما حصل العضو أحمد الهدابي على (3) أصوات، وصوتان لصالح العضو محمد الكندي، مما يظهر المعولي في موقع القوة التي تؤهله لقيادة التطوير/الاصلاح الجديد في المجلس، وسوف تحسب له تاريخيا، تحسب له ومن معه، لأن التطوير سوف يأتي هنا من خلال المكونات وفي السياقات الطبيعية التي تنشد التطور وترفض الجمود، وليس من خلال الأزمات، وهناك فرق كبير بين السببين ، كما أن هناك فرقا كبيرا بين أن يأتي التطور فوقيا أو افقيا، فطوال السنوات الماضية كل التطورات تأتي فوقيا، ولأنه قد أصبح من المتاح مساهمة البنى التحتية في صناعة التطور /الاصلاح، وقد آن الأوان بعد استكمال كل مراحل التأسيس والتكوين أن تساهم المكونات في قيادة التطوير /الاصلاح /التغيير، فهل يدرك اعضاء الفترة الثامنة لمجلس الشورى هذه الرؤية الملحة الآن؟ وهاجس التطوير والتغيير والاصلاح لن يكون حكرا على قيادة المجلس فقط، وإنما هو شأن كل عضو يكون هاجسه الوطن من منظور ثلاثيته الزمنية، الماضي والحاضر والمستقبل، وفي إطار انفتاح بلادنا على الكونية، وضرورات الحفاظ على هويتها، هو شأن من يملك الوعي وادواته وظروفه المكانية، لكننا نخاطب قيادة المجلس كونها صانعة القرارات والاقتراحات بالدرجة الاولى، وكونها السلطة التمثيلية الخارجية للمجلس، وكونها خرجت من رحم الاقتراعات السرية وبالأغلبية المطلقة، وكونها صاحبة الفترتين المتتاليتين في العضوية والرئاسة معا، ومن يكون هذا شأنه لابد أن يكون من شئونه عمليات التطوير والاصلاح والتغيير الجوهرية التي تستدعي الاصلاحات السياسية من فوق ، وتعمل على تطبيقها بحرفة ووطنية عاليتين، رأينا غياب الرقابة الفعالة والممارسة المحترفة، وعدم تفعيل ادوات وآليات عمل المجلس، كيف اخفقت الحكومة في سياسة تنويع مصادر الدخل، فما هى تداعياتها الآن؟ ورأينا كيف يتغنى بزيادة بضعة ريالات على راتب الضمان الاجتماعي، فكيف تكون تأثيراتها على النفسيات الاجتماعية؟ ورأينا كيف صاغوا الرؤية الاقتصادية 2020 على سقف مرتبات ضعيفة ومتوسطة وعلى محدودية ضيقة جدا لقبول مخرجات الثانوية العامة – سابقا – ولا تزال بلادنا تدفع ثمنها حتى الآن رغم عملية التصحيحيات والإصلاحات، ورأينا، كيف تتحطم مشاريع قوانين وملاحظات ومطالبات واستدعاءات .. فهل ينبغي أن يستمر هذا الوضع الذي يفرغ جوهر الشراكة من جزء أصيل من مضامينها؟
نراهن كثيرا على عملية انتخاب الرئيس مرتين في كل فترة انتخابية، الأولى مع مستهل كل فترة، والثانية في منتصفها، لأنها ستحول الرئاسة الى شعلة نشاط مستدام والى صناعة الانجاز عبر العمل الجماعي، لأنها ستعلم ان انجازاتها كل سنتين ستتوقف عليها عملية تجديدها أم إتيان برئيس جديد، ولأنها خلال السنتين الأوليين ستكون مراقبة من قبل الأعضاء، وسوف تستمد منهم قبولها أم العكس، وبذلك سنقلص من هامش جنون الطموح نحو الاستوزار أو الثراء، على عكس لو استمر الرئيس في منصبه كل اربع سنوات، فهو هنا سيكون ضامنا لبقائه غير مكترث بصناعة التطور او الاصلاح ، سيغلب على ادائه المظهرية أكثر منه العملاتية، سيعتبر الاربع سنوات فترة مناسبة لاختراقاته الشخصية .. ونحن هنا لا نتحدث عن تجربة سابقة، ولا راهنة، وإنما نحاول تحصين مستقبل التجربة من استبدادية وانفرادية الرؤساء بالأربع سنوات، فهل هذا المقترح سوف يكون هاجس الرئيس وكل اعضاء مجلس الشورى الجدد ؟ تأملوا فيه، وادرسوه فسوف تجدونه يكرس النهج الديموقراطي ويعمق آلياته، ويلامس كل الطموحات، ويساهم في اعلاء شأن تجربتنا الوطنية.