[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
في زيارته الثالثة للعراق قال توماس فريدمان الكاتب الأميركي المعروف وهو يتجول في مطار بغداد الدولي، لن تمر مدة طويلة قبل أن تبدأ الوفود الإسرائيلية بالتجوال داخل هذا المكان، وكتب ذلك وهو واثق مما يقول، وهو الذي يلتقي كبار المسؤولين الأميركيين والبريطانيين، وفي تلك الاثناء قال قائد اميركي ـ شهر يوليو 2003 - أن القوات الأميركية تتعرض يوميا لأكثر من عشرين هجوما من قبل المسلحين في مناطق مختلفة من العراق، حينذاك علقت على ذلك التصريح في أكثر من فضائية بالقول أن هذا الكلام الذي جاء على لسان قائد عسكري أميركي كبير بمثابة البيان رقم واحد للمقاومة في العراق، إلا أنه صدر عن العدو الأميركي الذي يسقط قتلاه بصورة يومية على أرض الرافدين، وبشرت حينها وأنا واثق مما اقول ببيانات كثيرة ستصدر من العدو عن هجمات رجال المقاومة في العراق الشجعان.
الذي حصل أن توماس فريدمان وهو من أكثر المتحمسين للمشروع الأميركي في العراق قد توقف عن زيارة العراق بعد حجم التفاؤل الذي عبر عنه سابقا، والأنكى من ذلك أنه بعد سنتين من الغزو بدأ ينتقد المسؤولين الأميركيين، ولم يتحقق أي من احلامه التي هي احلام ورغبات المحافظين الجدد الذين تعالت اصواتهم بزعامة بول وولفيتز قبل الغزو وخلاله ثم تراجعت وخبت حتى تلاشى حضور المحافظين الجدد بعد أن افشل المقاومون العراقيون هذا المشروع الكوني الخطير، الذي خططوا له لسنوات طويلة ووضعوا كل امكانيات الولايات المتحدة وبريطانيا والدول الكبرى وغيرها من الدول العربية والاقليمية في سبيل انجاح هذا المشروع ، لكن بندقية المقاومة العراقية اسكتت هؤلاء وهزمت الجميع.
عندما نتحدث عن التاريخ القريب - الخطير لما حصل في العراق لا نقصد رواية احداث بعينها وتوثيقها فقط، وأنما الهدف من ذلك ينحصر في اكثر من ميدان وزاوية، لعل ابرز تلك الجوانب محاولة أن يفهم الذين ساروا وهرولوا وساندوا ودعموا اكبر واخطر مشروع كوني في العصر الحديث أن هذا المشروع قد فشل بصورة كبيرة وأن ذؤاباته التي ما زالت لا تعني بقاء أثر له وهو ليس باكثر من رماد تذروه الرياح العراقية بقوة، وأن مراجعة المشروع برمته امر في غاية الأهمية خاصة للمطبلين والمهرولين والنفعيين، ولمن لا يعرف عدد الذين تراجعوا عن تأييد مشروع أميركا وعمليتها السياسية في العراق أن يعلم أن احدا من المؤيدين والداعمين والمتحمسين لا وجود له ، وأن القلة التي ما زالت متمسكة بخيط واهن اسمه "العملية السياسية في العراق" فقط اولئك السراق واللصوص الذي يملأون جيوبهم ويضحكون في جلساتهم على العراقيين الذين انتخبوهم وساندوهم وشجعوهم.
قد يقع المرء في حفرة فيكون للسقوط ارتداداته، لكن أن يشترك الكثيرون في دعم "وهم" و"جريمة" و"خطيئة " فهو لأمر خطير حقا.