[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedalkadedy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]د.أحمد القديدي[/author]

قدرت لجنة الدفاع والأمن في مجلس النواب العراقي كلفة العمليات العسكرية التي بدأتها القوات العراقية قبل ثلاثة أشهر بسبعة ملايين دولار يوميا.
وأثار هذا الإعلان قلق أوساط سياسية وبرلمانية من الكلفة الباهظة للحرب التي تشنها حكومة المالكي على ما تسميه الإرهاب في محافظة الأنبار.
وهذا القلق تصاعد وتزامن مع تصريحات لمسؤول مالي عراقي توقع أن تعجز الحكومة عن دفع رواتب العاملين في القطاع العراقي إذا لم يصادق البرلمان على الموازنة العامة التي قاربت المئة وخمسين مليار دولار، وتراوح مكانها بسبب الخلافات بين أطراف العملية السياسية.
وإصرار حكومة المالكي على مواصلة حربها بالأنبار واستخدام الجيش في المنازعات والخلافات الداخلية يطرح عدة أسئلة حول دوره وفاعليته في الحياة السياسية.
وبعيدا عن توصيف الحال في الأنبار والنتائج غير المحسومة للحرب فيها فإن المالكي يقف وحيدا في هذه المعركة التي أجمع محللون عسكريون أنها خاسرة بالأحوال كافة، ودليلهم أنها لم تحسم على الرغم من التصريحات الحكومية بالإعلان عن انتصار قواتها في الأنبار.
وإذا كان مسار العمليات العسكرية في محافظة الأنبار قد أخذ طابعا طائفيا فإن توظيف واستخدام الجيش في معادلة الصراع الداخلي تضع العراق أمام احتمالات قد تدخله في المجهول من شدة ارتداداتها على مجمل الأوضاع في العراق.
فبدلا من التعاطي الواقعي مع أسباب اندلاع أزمة الأنبار بمسؤولية وحكمة رجح المالكي الخيار العسكري على سواه من حلول، ما وضعه في خانق ربما لا يمكن الخروج منه يتفادى نتائجه على مستقبله السياسي وحتى حظوظه في الانتخابات المقبلة.
فالحوار ربما كان يعطي المالكي فرصة لحل الأزمة سلميا من خلال الإصغاء إلى مطالب الحراك الشعبي الذي انطلق في ست محافظات عراقية وتواصل لأكثر من عام من دون أمل باستجابة المالكي لشواغل ومطالب المتظاهرين التي تركزت على رفع الظلم عنهم ووقف الإقصاء والتهميش والاستهداف لمحافظتهم.
وهذه المطالب طبقا للدستور العراقي النافذ لا تخالف بنوده ولا تتقاطع مع أهدافه، لا بل إنها من صلب بنوده غير أن القائمين على الحكم في العراق عدوها محاولة لتقويض سلطة الدولة وتجاوزا على الدستور.
وعلى الرغم من الكلفة المالية الباهظة لحرب الأنبار وارتداداتها السياسية فإن استمرارها مع قرب موعد الانتخابات يثير مخاوف وقلق قطاعات كبيرة من العراقيين من احتمالات إقدام المالكي على تأجيل الانتخابات في محاولة لإزاحة البرلمان الذي ستنتهي مهامه قبل موعد الانتخابات ليتمتع بجميع الصلاحيات الدستورية كرئيس للسلطة التنفيذية بعد تعطل عمل السلطة التشريعية، وهذا الاحتمال تتداوله النخب العراقية التي ترى فيه إيغالا في التفرد بالسلطة واستئثارا بقراراتها، ما سيضع العراق على مفترق طرق قد تكون تفادي نتائجه مكلفة أكثر من الكلفة المالية لحرب الأنبار.