القاهرة ـ من محمد فتحى:
قال الدكتور يشار شريف داماد أوغلو ـ نائب المفتي اليونانى: إن مسلمي اليونان لديهم قدر كبير من الوعي بأمور دينهم التى تأخذ طابع الاجتهاد الفردي، لافتاً إلى معاناة كبيرة في قلة المتخصصين في العلوم الشرعية والمدارس الإسلامية، مشدداً على أن الشباب هم طريق النهوض بأي مجتمع ولا بد من غرس قيم التسامح والوسطية والاعتدال للنشء منذ الصغر حتى يشب على ثقافة السلام وقيم الوئام ويتجنبوا الأفكار المتطرفة والجماعات المتشددة.
* التركيز على النشء
وحذر من سعى القوى الدولية للسيطرة على الخطاب الدينى، مشيرا الى أن المساجد بمثابة الشعاع الذي يبث للبشرية حلاوة الدين ونقاء الفكر وتهذيب النفوس وروحانية العبادة, على الرغم من كثرة الفضائيات، مؤكدا ان التركيز على النشء وتعليمهم قيم الوسطية والاعتدال والتعايش والتسامح ومعانيها، هى حائط الصد الأول والرئيسي ضد الأفكار المتطرفة.
وعن أحوال المسلمين في اليونان قال: الحمد لله، نحن أحسن حالاً من إخواننا المسلمين في بقاع كثيرة من العالم الإسلامي والجميع يجتهد لإظهار الصورة السمحة للدين الإسلامي، ومسلمو اليونان يتراوح عددهم بين 200 إلى 250 ألف نسمة، ووصل عدد المساجد إلى 300 مسجد، كما أن المسلمين لديهم قدر واع بأمور دينهم.
* الاجتهاد الفردي
وحول المشكلات التى تواجهها الجالية الإسلامية باليونان أوضح قائلا: نعاني من عدم وجود مؤسسات مسئولة بشكل مباشر يتم اللجوء لها، بل يتم الاجتهاد الفردي عن طريق مواقع الإنترنت، نتيجة قلة المتخصصين بالعلوم الشرعية والكل منهمك في الأعمال والسعي علي الرزق.
وعن أنسب الطرق للسيطرة على الفكر المتطرف في المهد قال: من آثار التكفير الغاشم إيذاء الناس وسفك دمائهم دون ذنب اقترفوه، وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أكد على حرمة المسلم ونهى عن ترويعه وتخويفه والتعرض لما يؤذيه، فما بالنا بمن يلقى المتفجرات ويخرب ويقتل الصغير والكبير من الرجال والنساء والشباب والفتيات والرضع، وقال (صلى الله عليه وسلم): (صنفان من أمتي لا تنالهما شفاعتي سلطان ظالم غشوم وغال في الدين يشهد عليهم ويتبرأ منهم)، فيجب الوقوف في وجه هذا الخطر الداهم الذي يصور الدين علي غير حقيقته ويستغله أعداء الإسلام أسوء استغلال بتركهم كل محاسن الدين والسماحة ويتمسكون بفعل فردي صادر عن جهل، وما أكثر الجهلة في كل دين، ويظهرونه على أنه هو الإسلام، والسبيل الوحيد هو عدم ترك مساحة لهم أو ظهورهم علي الساحة من قريب أو بعيد.
* الجهل بالدين والدعوة
وعن مستقبل الدعوة قال: ستظل المساجد الشعاع الذي يبث للبشرية حلاوة الدين ونقاء الفكر وتهذيب النفوس وروحانية العبادة، نعم كثرت الفضائيات وأصبح هناك من يتسلق المنابر الفضائية ويبث أفكاره منها، وقد تجد مريديه ينظرون إليه وكأنه الباعث الروحي لهم وأحيانا يقدسونه، نظراً لجهلهم بصحيح الدين والدعوة في الفضائيات، فمن الممكن أن تأتي بآثار إيجابية عالية لما لها من الانتشار ودخول كل المنازل، فإذا اخترنا الداعية المؤهل علمياً عن طريق الفكر المستنير وحمله لمواصفات العالم الجليل، في هذه الحالة نطمئن على الدعوة، ونوقن بأنها لن تتأثر بأي معوقات تعترضها لأنها الدعوة إلي الحق والطريق المنير.
* عملية التكرار
وفي سؤال حول كيف نصحح صورة الإسلام في عيون الغرب قال: الغرب يضخّم أفعال المسلمين وتصرفاتهم بتكرار متواصل ومستمر على مدار الساعة، فالحادثة الواحدة يذيعها (24) ساعة حتى يجزع الناس عن مجرد السؤال عن الدين الإسلامي، ولكن قال تعالى:(يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين)، فكل ما يروجونه عن الإسلام بوسائلهم الإعلامية الفتاكة يظهر من يتساءلون عن حقيقة الدين الصحيحة، ومن ثم يكتشفون أن ما يبثونه وراءه حقد دفين وأفكار مغلوطة، كما إن عملية التكرار تجعل الناس يتشككون في المعروض وأكبر دليل ما حدث بعد أحداث سبتمبر 2011 ليكثر السؤال عن الإسلام ليبدأ في اعتناقه المئات، وصورة الإسلام واضحة المعالم لأنها محفورة في وجدان الماضي والحاضر والمستقبل، وصورته الحقة السمحة دعاية لنفسها، ولكن المسلمين هم من يجب أن يصلحوا صورتهم وتصرفاتهم ويتحملوا مسئولية دينهم.
وعن دور العلماء في احتواء الشباب للاستفادة من طاقاتهم قال: أي مجتمع ينهض من خلال تأهيل الشباب والتعاون المثمر القائم على المحبة والإحترام المتبادل بين الكبار والشباب، فلا غنى عن خبرة الشيوخ والكبار ولا استغنى عن طاقة وحيوية الشباب حتى يعم الخير أوطانهم، فمرحلة الشباب مرحلة التفتح الذهني والقوة البدنية والنشاط والأمل المتفتح علي كل ألوان الحياة، والله جعل مقام الشاب الطائع تأتي في أعقاب منزلة الإمام العادل لما لها من خصائص تميزها عن غيرها في مرحلة العمر، كما أن الحروب لا تستهدف إلا الشباب لأنهم ذخيرة أوطانهم وحامي أعراضهم ومدخل الفساد أو الإصلاح لأي مجتمع.
* الوسطية في المجتمعات الإسلامية
أما حول انتشار الوسطية في المجتمعات الإسلامية أشار قائلاً الى انه لابد من البدء والتركيز على النشء وتعليمهم قيم الوسطية والاعتدال والتعايش والتسامح ومعانيها، لأنها حائط الصد الأول والرئيسي ضد الأفكار المتطرفة والجماعات التي تتاجر بالدين وتغذي العنف في مجتمعاتنا الإسلامية ونشر هذه القيم وغرسها في نفوس أبنائنا منذ الصغر يجنبنا الويلات في الكبر، فالطفل يشب على ما ينشأ عليه، وكذلك تربيتهم على ثقافة السلام وقيم الوئام تجعلهم ينخرطوا في السلم المجتمعي من أول الطريق ما يؤهل لهم بيئة تدفعهم على قبول الآخر، بعيداً عن فرض وتصلب الآراء.
وقال: الكل يعمل من أجل خدمة الدين والنوايا حسنة وتقديم ما يستطيعون تقديمه من العون والخدمات الدعوية والعينية للمناطق المحرومة، ولكن تشعر أنها تعتمد على الاجتهاد الفردي وليس الجماعي، كما لا يوجد تنسيق ولقاءات واجتماعات إلا إذا حدثت كوارث ثم يخرج الشجب والاحتجاجات والتأثير ضعيف لعملها المنفرد، ولكن إذا توحدت هذه المنظمات تحت راية واحدة سيكون التأثير أقوى والفائدة أعم، ويجب النظر إلى أنفسنا بعين العزة والفخر لأمة تعدت المليار والنصف مسلم، فإذا خلصت نواياهم لسادوا العالم تقدما وقيادة.
* الخطاب الديني متجدد
وعن مصطلح الخطاب الديني قال: انه يقع ضحية لقوانين القوى الدولية المسيطرة بنفوذها إعلاميا واجتماعيا للاستيلاء على الدعوة وفرض المفهوم الذي تريده على الخطاب بحيث تحقق مصالحها المستمرة في تغريب الإسلام تحت مسمى "التجديد للخطاب الديني من رؤى وعقائد وشرعية" وفرض هذا المفهوم علي النقاش العام, فالخطاب الديني إذا اخذ من فقهاء وعلماء يعلمون صحيح الدين علما واسعا يكون عندهم الفكر المتسع لاستيعاب الحاضر والمستقبل مثلما يأخذون من الماضي النهج القويم، فالخطاب الديني متجدد بنفسه، ولكن هناك من يسئ توظيفه ليشوه مضامين الدين الإسلامي ويثير الفتن والكراهية بين الجميع.