[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/samyhamed.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]سامي حامد[/author]
ترى هل هي مصادفة أن تسقط الطائرة الروسية وسط سيناء قبل أسبوعين ويلقى جميع ركابها وطاقمها مصرعهم "224 شخصا" قبل 48 ساعة من زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للعاصمة البريطانية لندن؟! .. وهل هي مصادفة أيضا أن تعلن لندن دون عواصم العالم كلها على لسان وزير خارجيتها أن الطائرة الروسية ربما تم تفجيرها بعبوة ناسفة، وهو التصريح الذي أشعل الدنيا وأسفر عن إعلان العديد من دول العالم وقف رحلاتها إلى المنتجع السياحي الأشهر في مصر "شرم الشيخ" بما فيها روسيا التي تمثل النسبة الأكبر في عدد السياح الوافدين إلى هذا المنتجع، وتسارعت الدول في نقل رعاياها وكأن مصر هي الدولة الوحيدة في العالم التي شهدت حوادث طائرات أيا كانت أسبابها.. السؤال: لماذا استبقت لندن نتيجة التحقيقات في حادث الطائرة؟ وهل حقا لديها معلومات استخباراتية تتعلق بهذا الحادث ومتى حصلت على هذه المعلومات؟ هل قبل الحادث أم بعده؟! .. بل وما الدافع أصلا وراء ترديد أن الطائرة الروسية تم استهدافها بعمل ارهابي؟!
إن تثبيت فكرة العمل الإرهابي من جانب الولايات المتحدة ودولًا أوروبية مختلفة وعلى رأسها بريطانيا، تقف خلفها عدة أسباب أهمها رغبة هذه الدول في تصعيد قضية الطائرة لإحراج الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمام شعبه لموقفه الداعم لمصر وثورة الـ30 من يونيو وردًّا على العمليات الروسية في سوريا ضد تنظيم داعش، والتي أثارت غضبًا أميركيًّا وغربيًّا، خاصة أن الضربات الروسية كشفت إلى حد كبير حقيقة الوهم الذي كانت تصدره هذه الدول بقولها إنها تخوض حربًا على التنظيم الإرهابي من خلال التحالف الدولي الذي جرى تأسيسه قبل عام دون أن يوجه ضربة قاضية لداعش، فجاءت الضربات الروسية وفي أقل من شهر لتدمر نسبة كبيرة من البنية الأساسية التي كان يعتمد عليها داعش في سوريا والعراق، ولجوء عدد كبير من عناصر التنظيم الإرهابي إلى الهروب، وهو ما كشف عن حقيقة أن التحالف الدولي الذي كانت تقوده واشنطن لم يكن ليهدف إلى القضاء على داعش، وإنما تحقيق أغراض عسكرية وسياسية أخرى.
وبجانب إحراج بوتين داخليًّا، فالتحركات الأميركية والغربية سعت أيضًا إلى محاولة عقاب مصر بسبب مواقفها الأخيرة، سواء بتأييد الضربات الروسية ضد داعش، أو رفضها المطالب الأميركية والأوروبية بإعادة دمج جماعة الإخوان الإرهابية في الحياة السياسية المصرية، فكان التركيز هذه المرة بمحاولة الولايات المتحدة وحلفائهم الأوروبيين إلى حصار مصر اقتصاديا يبدأ بضرب السياحة التي تمثل شريانا رئيسيا تتدفق من خلاله العملة الأجنبية، فضلًا عن المساعدة في القضاء على البطالة لعدد كبير من الشباب الذي يعتمد على السياحة كمصدر رئيسي للحياة، فلجأت هذه الدول إلى تحويل مسار الطائرة الروسية وإظهارها على أنها سقطت بفعل تخريبي، على أن يستتبع ذلك قرارات من هذه الدول بإجلاء سياحها من مصر وتحذير رعاياهم من السفر إلى مصر "غير الآمنة"، ولا مانع من نسج روايات خيالية تتسابق عليها وسائل الإعلام الغربية عن ضعف الإجراءات التأمينية في مصر، وضعف سيطرة الدولة على سيناء بالكامل مما يهدد حياة آلاف السياح الذين يختارون قضاء عطلاتهم السنوية بها.
إن ضرب السياحة هو أول طريقة لضرب الاقتصاد المصري وتركيع البلد اقتصاديًّا وفقًا لتصور هذه الدول، لأنه سيتبع ذلك رفع قيمة الدولار أمام الجنيه لإضعاف مصر والضغط عليها لإفشالها وتقليب الشعب على الإدارة المصرية وعلى رأسها الرئيس عبدالفتاح السيسي.
الغريب في الأمر أن تحركات الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين ضد مصر، تزامنت مع تحركات يقوم بها الدكتور محمد البرادعي، الذي يحاول حاليًّا التنسيق مرة أخرى مع أعضاء بارزين بالتنظيم الدولي للجماعة الإرهابية بمشاركة عناصر من المخابرات التركية والقطرية والأميركية التي تشرف على عقد اجتماعات خارج مصر بين البرادعي وعدد من شباب الإخوان هدفها الأساسي خلق ما يسمى جيلا احتجاجيا مناهضا للسلطة يعمل ضد الرئيس السيسي سعيًا لإجراء انتخابات رئاسية مبكرة أو في أسوأ الظروف العمل على تآكل شعبية الرئيس لعدم انتخابه مرة أخرى بعد فترته الرئاسية الأولى.
نحن إذًا أمام خطة محكمة تقودها الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون وبمساعدة من التنظيم الدولي للجماعة الإرهابية ومحمد البرادعي لتوجيه ضربة لمصر، باستغلال حادث سقوط الطائرة الروسية بشكل يوحي بأن الدولة تفقد السيطرة على الوضع لتشجيع المواطنين على الخروج على النظام، ولا يخفى على أحد أن هذه التحركات ربما فضحها التسرع البريطاني الذي حاول إحراج الرئيس السيسي أثناء زيارته للندن، فتم إعلان تعليق بريطانيا رحلاتها الجوية لمصر قبل ساعات من لقاء السيسي ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، فالإعلان البريطاني المتسرع فضح هذه المخططات.