[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/ahmedsabry.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]احمد صبري[/author]
لا نبالغ إذا قلنا إن ما يشهده العراق بعد أكثر من عقد على غزوه، وما حدث في بنية المجتمع العراقي وآثاره على النسيج الاجتماعي وتداعياته على المنطقة عموما، كان عنوان التخبط الذي يعيشه العراق وتجربة السنوات الماضية تؤكد صحة ما ذهبنا إليه.
فالعراق الذي كان محاصرا ومكبلا بقرارات جائرة وضعت شعبه في خانق التجويع والإذلال وحولته إلى ساحة لممارسة أبشع أساليب الترويع والقهر في آن أدت بالنهاية إلى احتلاله.
وبتقديرنا، إن ما جرى للعراق ما كان ليحدث لولا دعم ومساندة بعض أشقائه للغزو الذي استهدف العراق أرضا وشعبا وهوية ودوره في منظومة العمل العربي، وأخرجه من معادلة الصراع لصالح الساعين لإخضاع الأمة برمتها للمشاريع المشبوهة.
وعندما نتحدث عن مسؤولية البعض في ما حصل للعراق فإن ارتدادات ما حصل وصلت إليهم ووضعتهم في دائرة الخطر بفعل غياب العراق في مواجهة التحديات التي باتت تقلقهم.
فالعراق بعد مرور أكثر من عقد على احتلاله أصبح مكشوفا وخارج المعادلة والتأثير، وغير قادر على مواجهة التحديات التي تعصف بالمنطقة عموما جراء بروز قوى سعت منذ الاحتلال وحتى الآن إلى عزل العراق عن عمقه العربي وربطه بمشاريع خارجية تتقاطع مع إرادة شعبه وتغييب هويته وارتباطه بأمته.
وحتى نتجاوز إلقاء اللوم على هذا الطرف أو ذلك في ما جرى للعراق والتحديات التي تواجه أقطار الأمة العربية فإن الوقائع الجديدة تستوجب وقفة جادة لإنقاذ العراق من محنته قبل فوات الأوان من خلال دعم مساندة الحراك الشعبي الذي يسعى إلى تصحيح المسار ومعالجة تركة الاحتلال، ووقف تغول طبقة سياسية نتجت عنه أخضعت الجميع لمشيئتها واستأثرت بالقرار السياسي.
إن انتفاضة العراقيين ضد الظلم والفساد ونظام المحاصصة الطائفية هي مطالب مشروعة، تستدعي من أشقاء العراق وأصدقائه تقديم الدعم، وتوفير مستلزمات ديمومتها؛ لأنها بالأحوال كافة ستكون نتائجها لمصلحة الجميع ليعود العراق إلى أمته موحدا وقويا وسندا لهم وعامل استقرار في المنطقة لدرء الأخطار التي تهددهم.
إن حق العراق على أمته مشروع، ويتطابق مع دواعي المسؤولية القومية ومتطلبات الأمن القومي العربي من أجل إخراجه من عزلته بعد السنوات العجاف التي أبعدته عن أمته والمخاطر الخارجية التي تستهدف حاضرها ومستقبلها التي تتطلب جهدا عربيا مشتركا لدرء مخاطرها على الأمن القومي العربي.
إن قدر العراق هو أن يكون مع أمته وعامل قوة ومنعة لمسيرتها، وأي محاولة لإبعاده عن هذا الدور لن يكتب لها النجاح، وما يجري بالإقليم العربي التأكيد على أهمية ذلك.
وعلى ضوء أهمية دور العراق في محيطه العربي وعمقه المعروف فإن دواعي المسؤولية القومية، تستدعي من دول الجوار العربي دعم ومساندة القوى والفعاليات التي تؤكد على وحدة العراق أرضا وشعبا، وهويته العربية وعمق ارتباطه بأمته العربية حتى نفوت الفرصة على الساعين لتغييب عروبة العراق وأبعاده عن محيطه العربي؛ لأن في ذلك خسارة للجميع لما يشكله العراق من ركيزة في منظومة العمل العربي.