تتجه أنظار الجميع من أبناء الوطن اليوم لحصن الشموخ بولاية منح حيث سنشهد يوما وطنيا خالصا ولحظة فارقة من أيام عمان المجيدة ومنجزا ديمقراطيا من منجزات بناء الدولة العصرية الحديثة عندما يتفضل حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ بافتتاح الدورة السادسة لمجلس عمان لنعيش واحدة من لحظات الفرح المرتقبة من أيام نوفمبر ونحن نستمع بإنصات للكلمة السامية الكريمة لجلالة السلطان المعظم ـ حفظه الله ـ التي سيستعرض من فيها ملامح وتوجهات مسيرة العمل الوطني خلال المرحلة القادمة عبر رؤية تستشرف المستقبل بتطلعات ثابتة وتوجهات مدروسة تأخذ بتطورات الأمور والمستجدات وتضع في أولوياتها بناء الإنسان العماني وتنميته معرفيا وفكريا.. الإنسان الذي طالما كان الشغل الشاغل لجلالة السلطان ـ أعزه الله ـ منذ بدايات النهضة كونه محور التنمية وأساسها ومفجر طاقاتها.
مجلس عمان هذا الصرح الوطني الشامخ والذي بما وفر له من إمكانيات وصلاحيات رقابية وتشريعية بات بفضل الله صرحا وطنيا بارزا بكل تفاصيله وخصائصه المتفردة وبمنظومته وتوجهاته القائمة على أسس قوية متينة وضعت مصلحة الوطن وابنائه الأوفياء ضمن أولوياتها وأهدافها الطموحة آخذة نصب عينيها كافة المواضيع والقضايا التي تمس حياة كل من يعيش على تراب هذا الوطن في نهج شوراوي أساسه الحوار البناء الهادف المستند على الحقائق والوقائع أو من خلال ترجمة عملية تقوم على تناول المواضيع بشفافية ووضوح أمام مرأى ومسمع الجميع بأسلوب علمي منهجي يراعي الكثير من أولويات التنمية واحتياجاتها الاقتصادية والاجتماعية على كافة ولايات ومحافظات السلطنة.
إن مجلس عمان هو نتاج لسنوات من مراحل العمل الوطني الدؤوب بدءا منذ عام 1970م عندما كانت الشورى هي مبدأ أساسي في عملية البناء والتنمية على مدى 45 عاما من مسيرة النهضة المباركة، لتتطور هذه التجربة كما أراد لها القائد المفدى بحسب طبيعة ومتطلبات كل مرحلة وأهميتها مما أكسبها النضج والاتزان والهدوء بعيدا عن الاحتكام بالرأي والتعصب للفكر فكبرت بكبر النجاحات والمنجزات التي تحققت في ربوع هذا الوطن وتكيفت مع كل الظروف والمعطيات وباتت نموذجا نفتخر ونفاخر به لكون ان التجربة خرجت من رحم المجتمع وأصالته ومبادئه القائمة على التعاون والحوار والشورى وهي أسس أوصى بها ديننا الإسلامي الحنيف وحث عليها سبحانه وتعالى في كتابه العزيز وسنة نبيه الكريم.
لقد وضعت القيادة الحكيمة وأبناء عمان في مجلس عمان الثقة فطبيعة المرحلة القادمة بكل تطوراتها الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية تستلزم ضرورة أن يكون مجلس عمان مواكبا وقارئا لكل الأحداث والمستجدات المحلية والخارجية وهذا بطبيعة الحال يتطلب تجانسا وتعاونا أكبر فيما بين أعضاء مجلس الدولة ومجلس الشورى وتناوله لكافة الجوانب التي تمس الحياة الاجتماعية للمواطنين من حيث تطوير التعليم وتحسين الرعاية الصحية وتوفير فرص العمل ودراسة عملية لتعزيز دور القطاع الخاص في مسيرة العمل التنموي وتطوير الأداء الحكومي ومراجعة القوانين والتشريعات وبحث آليات تحسين مستوى دخل الفرد والوقوف على العديد من الظواهر والمشاكل الاجتماعية وغيرها العديد من المواضيع التي تتطلب من مجلس عمان أن يكون في مستوى التطلعات والآمال التي ينشدها أبناء الوطن من المجلس الموقر.
المشهد الاقتصادي قد يكون واحدا من أبرز الملفات التي سيفتتح بها مجلس عمان دورته فهناك الخطة الخمسية التاسعة والموازنة العامة للدولة على الأبواب وفي ظل التراجع المستمر لأسعار النفط والتوقعات بحالة ركود قد يمر بها الاقتصاد العالمي والوضع الجيوسياسي الذي تعيشه المنطقة فيتضح أن الملف الاقتصادي سيكون شائكا رغم يقيننا التام بقدرة الحكومة على تجاوز هذه المرحلة إلا أن مجلس عمان تقع عليه مسؤولية كبيرة في دراسة عملية للمشهد الاقتصادي ولواقع القطاعات الاقتصادية واستغلال المقومات والفرص الاستثمارية المتاحة في قطاعات مثل السياحة والمعادن والصناعات التحويلية والأسماك والزراعة وقطاع النقل واللوجستيات التي ما زالت مساهمة بعض من هذه القطاعات في الناتج المحلي لا تتجاوز 2%.
الفترة السادسة من مسيرة مجلس عمان بحاجة ايضا لدعم حكومي ومجتمعي يتمثل في استيعاب أكبر لدور المجلس وبرامجه وتوجهاته والأخذ قدر الإمكان بما يتم طرحه من مطالب ومقترحات من شأنها النهوض بقطاعات حيوية يمكن المراهنة عليها بإحداث فارق في مسيرة العمل التنموي كما من المهم أيضا أن يكون هناك توافق فيما بين دور مجلس الشورى والدولة في تعاطيه مع الكثير من الملفات المطروحة مع اهمية تعزيز دور اللجان بالمجلسين ورفدهما بالقدرات البشرية المناسبة.
نبارك لكل اعضاء مجلس عمان افتتاح الدورة السادسة ونشد على أيديهم ونراهن في أن يكونوا عند مستوى ثقة القيادة وابناء الوطن بهم وفي مستوى التطلعات واضعين مصلحة الوطن وخدمة المجلس فوق أي اعتبارات.

مصطفى المعمري