[author image="https://alwatan.com/v2/v2/wp-content/themes/watan/images/opinion/waleedzubidy.jpg" alt="" class="avatar photo" height="60" width="60"]وليد الزبيدي[/author]
بين دخول القوات الأميركية الأراضي العراقية في مارس العام 2003 وخروجها أواخر العام 2011، عاشت هذه القوات اياما عصيبة أقرّ بها غالبية المسؤولين الأميركيين من عسكريين ومدنيين، وعندما أعلن الرئيس الأميركي باراك اوباما انسحاب قواتهم من العراق في خطابه الشهير الذي القاه في "تشرين اول" اكتوبر العام 2011 ، قال إن جيلا كاملا من الأميركيين سيبقى يعاني من حرب العراق، وأكد على ذات المعنى في مناسبات عدة، ومن المعروف أن اوباما من الرافضين لغزو العراق ويرى الكثير من المحللين والمراقبين أن تقدمه في الانتخابات الأميركية قد نتج عن موقفه من الحرب، ومع تزايد الخسائر البشرية بين القوات الأميركية في العراق في عام 2005 واضطرار العديد من وسائل الإعلام الأميركية لنشر نتف من تلك الخسائر فقد بدأ الأميركيون يلتفتون لدعوات اوباما بخصوص حرب العراق ومطالباته بضرورة الخروج من "مستنقع العراق" ، وعادت الذاكرة بالأميركيين ل"المستنقع الفيتنامي" الذي تورطوا فيه بصورة مباشرة في ستينات القرن الماضي حتى انهزم اخر جنودهم من العاصمة الفيتنامية سايجون في الثامن والعشرين من نيسان/ ابريل من العام 1975، ليتجهوا إلى هوليود على أمل مداواة جراحهم العميقة وهزيمتهم الكبيرة بصناعة اسطورة "رامبو" الذي لا يهزم على الاطلاق وبمقدوره قتال الالاف والقضاء عليهم في غابات واحراش فيتنام، ويجب الاعتراف بنجاحهم في تسويق الصورة الأمريكية كما يريد القائمون على هوليوود خلاف الواقع تماما، حتى فضحتهم المقاومة العراقية وهزمت رامبو شر هزيمة على أرض الرافدين.
لقد تعززت قناعة الغالبية من الأميركيين بطروحات اوباما وفريقه المعارض للحرب في العراق في خريف العام 2008 بعد انتكاسة المصارف الأميركية الكبرى وفي مقدمتها أكبر هذه المصارف " ليمان برذرز" وما تبعه من انهيار لمصارف كبيرة نتج عنها الأزمة المالية العالمية التي عصفت بالاقتصاد العالمي في مختلف ارجاء العالم، وعلى خلفية ذلك سقطت امبراطوريات مالية واقتصادية وتجارية كبرى وغابت عروش وتراجعت اخرى في حين إنهارت الكثير من اقتصاديات الدول، وهنا لا بد من الاشارة إلى أن العديد من كبار الاقتصاديين والخبراء الماليين والمفكرين الاستراتيجيين قد ربطوا بقوة بين خسائر القوات الأميركية في العراق وافغانستان وازدياد تكلفة الحرب اليومية وتداعيات تلك الخسائر في المستقبل، وتأثير ذلك على الاقتصاد الأميركي وجوهر الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالمصارف الأميركية الكبرى لتترك اثارها الكبيرة والسلبية على السوق المالية في نيويورك وبعد ذلك في لندن وباريس ودول العالم الاخرى، ولم يترك المعارضون للحرب الأميركية في العراق وافغانستان مناسبة إلا ونبهوا لعلاقة كل ذلك الإنهيار المالي والاقتصادي بتلك الحروب التي تثقل كاهل الاقتصاد الأميركي والعالمي.
كما أن باراك اوباما لم يترك مناسبة إلا وذكّر الأميركيين والعالم بالمصيبة الكبرى الذي تسببت به حرب الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش وما نتج عنها من خسائر انية وتداعيات مستقبلية يصعب التهكن بجميع نتائجها وانعكاساتها على المجتمعين الأميركي والدولي.
هذه قراءة من الداخل الأميركي تذهب باتجاه الدرس البليغ الذي تعلمه الأميركيون من المقاومين العراقيين للقوات التي غزت بلدهم، فهل يكرر الأميركيون التجربة التي عانوا بسببها الكثير؟