تخطئ الدول فتدفع شعوبها الثمن، إنه باختصار وجه الحقيقة في ما أصاب فرنسا من مذبحة عاصفة ليست الأولى ولن تكون على ما يبدو الأخيرة، كما أنها واحدة من نصيب قد يصيب دولا أخرى. إنه العنف الذي تم تصنيعه ليكون البديل لكل ماهو قائم في بعض أقطار العرب.
لقد حذرنا كثيرا وحذر غيرنا من الحريصين على أمن وسلامة العالم ومصلحة الإنسان في كل مكان، من الكابوس الذي سيهز مستقبل البشرية أن اعتقد مصنعو الإرهاب أن بالامكان السيطرة عليه وتوجيهه الوجهة التي يريدون، لأن هذا الإرهاب منفلت من اي التزام ولا يهمه من صنعه أو من أنشأه، طالما أن له غايات يريد تحقيقها على الصعيد العالمي. ثم هو إرهاب كان قد نشر مرات مخططاته العالمية التي لن يكون مكان بمنأى عنه.
ما حصل في فرنسا ثمرة أخطاء كبرى من المؤكد أن مثلها وأكثر سيحصل في أماكن أخرى. فالذين يؤيدون إسقاط الدولة السورية، وإسقاط رئيسها الضامن لها، ومن ثم فرط الجيش العريي السوري، يقفون سواء خططوا لذلك أو لم يخططوا إلى جانب الإرهاب بكل مكوناته وأسمائه. ومن دمر ليبيا بكل مكوناتها ومؤسساتها وأجهزتها ودولتها، بل من فعلها في العراق وأطاح به كدولة قائمة وكمؤسسات أمنية وعلى كل صعيد، ومن يضرب مصر ويخنبئ وراء ضرباته، لابد أن يدفع الثمن لاحقا. فكيف إذا كان ممولا للإرهاب وداعما مباشرة له وحاضنا لحركته مثل بعض الدول التي باتت معروفة، وأن كانت فرنسا تختبئ وراء كلمات ناعمة في بعض الأحيان، فهي شريك في كل هذا وذاك.
من الصعب منذ أن ضرب الزلزال الإرهابي المنطقة وضرب بعض أوروبا أن يتراجع عن غاياته إلا إذا عاضدت تلك الدول المشاركة الروسية في سوريا وأسلوبها الماضي في القضاء على الإرهاب بطريقة مدروسة مهما أخذت وقتا. بل إن الروسي واضح تماما في موقفه، فإما ان تكون مع الإرهاب أو ضده، لا يمكن أن يقف المرء مع متعاكسين في آن معا.
اليوم فرنسا، وغدا لانعلم من المستهدف، وبعد غد خيار آخر. ولطالما ثبت لقيادات فرنسا منذ أن حط الإرهاب في بلدهم، أن يسارعوا لتغيير مواقفهم، والإعلان عن شروط سلامتهم بالانحياز إلى الحقيقة التي تقول إن من عظمة الرئيس السوري بشار الأسد أنه يحارب إرهابا من كل الأجناس والأنواع، وما زال يقف كبطل شرق أوسطي عربي على رأس جيش مقدام ضد أعتى أنواع هذا الإرهاب، فهو يقاتل عن كل العالم وعن الإنسانية وعن مصالح البشر في كل مكان، وعلى هذا العالم أن كان لديه شرف أن يؤازره في مشروعه النضالي، لا أن يفعل العكس، لا بل ان يزيد من الحمولة الإرهابية على الرئيس السوري أيضا.
لا يسعدنا كثيرا ما جرى للشعب الفرنسي الذي نعرف أن كثيره من الأصدقاء لنا كعرب، وأنه لا يؤمن بسياسة بلاده التي من المؤسف أنها في غاية الوضوح من خلال ترداد العبارات المؤذية على لسان وزير الخارجية فابيوس. فمتى تتخلص فرنسا من عبء كهذا لتقف مع الحق والعدالة، بل متى تخرج أوروبا من الضغوطات الصهيونية عليها ومن أن تكون دمية بيد الأميركي. لعل الوقت ليس في صالحها أن لم تستعجل في تغيير مواقفها وسياساتها.